أين يكمن الحل في بلاد الرافدين؟
الأربعاء / 05 / محرم / 1444 هـ الأربعاء 03 أغسطس 2022 01:06
رامي الخليفة العلي
في مشهد متكرر، يشهد العراق أزمة سياسية طاحنة تكاد تطيح بالنظام السياسي برمته غير مأسوف عليه، فقد خرج أنصار السيد مقتدى الصدر إلى الشارع رفضاً لترشيح الإطار التنسيقي شخصية غير وفاقية وتعتبر قريبة من رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وهو محمد شياع السوداني، وهذا ما رفضه الصدر ومؤيدوه. لذلك اقتحم مؤيدو الصدر المنطقة الخضراء وقاموا باحتلال البرلمان وعرقلوا جلسة انتخاب رئيس الوزراء فما كان من محمد الحلبوسي رئيس البرلمان سوى تعليق جلساته حتى إشعار آخر. بالعودة إلى أسّ الخلاف بين التيار الصدري والإطار الشيعي فإن الخلاف نظرياً على الأقل هو حول الخيارات الوطنية الكبرى. الإطار الشيعي لديه علاقات وثيقة مع الجانب الإيراني وبعض رموزه مثل قيس الخزعلي وهادي العامري من أشد مؤيدي طهران على الساحة العراقية، الأهم من ذلك أن الإطار ليس كتلاً سياسية وحسب وإنما هي فصائل ومليشيات عسكرية كثير منها يتبع مباشرة لإيران، وقد أصبحت على امتداد السنوات الماضية نسخة مكررة عن حزب الله اللبناني. بالنسبة للسيد مقتدى الصدر فإنه لا يمثل نقيضاً لهذه الفصائل في إطار العلاقة مع طهران، فهو لديه علاقاته الجيدة مع طهران، ولكن الفارق هو أن الصدر يريد هامشاً أوسع في تلك العلاقة، فلا يكون العراق تابعاً بالكامل لإيران. أضف إلى ذلك أن الفصائل المسلحة التابعة للتيار الصدري تتبع للسيد مقتدى الصدر وليس لإيران. أما المسألة الأخرى فهي الفساد المستشري في مؤسسات الدولة العراقية، فكثير من أعضاء الإطار الشيعي وعلى رأسهم نوري المالكي يعتبرون من رموز الفساد، واشتراكهم في أي حكومة قادمة في العراق يعني أن جميع المطالب بالإصلاح الإداري وملاحقة الفاسدين ومحاربة الفساد سوف تذهب أدراج الرياح وعلى رأسها الوعود الانتخابية للتيار الصدري التي جعلت منه الكتلة الأكبر في البرلمان قبل أن يستقيل أعضاء البرلمان من التيار بأمر من الصدر نفسه. النقطة الثالثة التي هي محور خلاف بين الإطار والتيار تتمحور حول النظام السياسي فالإطار الشيعي يرفض المساس بالنظام السياسي الذي انتجه سيئ الذكر بريمر، لأن هذا النظام يحافظ على الطبقة السياسية وتتقاطع فيه المصالح الإيرانية مع المصالح الشخصية لقادة الأحزاب والتيارات السياسية مع المصالح القومية للتيارات الكردية، لذلك يجمع هؤلاء على المحافظة على هذا النظام السياسي ولو كان على حساب الشعب العراقي. في الخطاب المعلن للتيار الصدري يرغب بتغيير النظام السياسي ولكن بالعودة إلى التجارب السابقة فإن الصدر هو جزء من هذا النظام السياسي، عارضه حيناً وكان جزءاً منه حيناً آخر وتفاعل معه طوال الوقت. المشكلة الأساسية أن التيار الصدري في أحداث مشابهة خلال السنوات الماضية يتبنى مطالب الشارع العراقي، ولكنه في اللحظة الحاسمة يتراجع ويدخل في تفاهمات مع الطبقة السياسية التي يعارضها، ومن الصعب جداً أن نشهد مآلاً مختلفاً في هذه الأزمة. ربما المختلف في هذه الأزمة أن السيد مقتدى الصدر وجمهوره لامس عمق الأزمة العراقية المتمثل في طبيعة النظام السياسي.
النظام السياسي العراقي منتج للفساد والفاسدين وهو بناء هش يترك المجال رحباً للطائفية والمحاصصة، مما يضيع الاستقلال الوطني ويترك البلاد نهباً لقوى إقليمية لا تريد الخير للعراق ولا للعراقيين، ولا أمل في إصلاح حقيقي إلا بتغيير هذا النظام طال الزمن أم قصر.
النظام السياسي العراقي منتج للفساد والفاسدين وهو بناء هش يترك المجال رحباً للطائفية والمحاصصة، مما يضيع الاستقلال الوطني ويترك البلاد نهباً لقوى إقليمية لا تريد الخير للعراق ولا للعراقيين، ولا أمل في إصلاح حقيقي إلا بتغيير هذا النظام طال الزمن أم قصر.