أخبار

الفوضى النقدية تغذي الفوضى العنيفة في الشوارع

خطف رهائن واقتحام مصارف في لبنان

مسلّح يقتحم مصرفاً في لبنان.

راوية حشمي (بيروت) HechmiRawiya@

عاد مسلسل اقتحام المواطنين المصارف اللبنانية إلى الواجهة من جديد مع إقدام شاب، اليوم (الخميس)، على احتجاز الموظفين والعملاء داخل أحد المصارف في شارع الحمرا ببيروت، طالباً تسليمه أمواله التي تبلع 209 آلاف دولار، وكان يحمل سلاحاً حربياً ومادة البنزين مهدداً بإشعال نفسه وقتل الموجودين، مرجعاً أسباب ذلك إلى أن والده يخضع للعلاج في أحد المستشفيات ويحتاج مبلغ 50 ألف دولار.

وحظي الشاب المقتحم للمصرف بتعاطف اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن ما أخد منهم بالقوة لا يسترد إلا بالقوة خصوصاً أن هذه الحادثة تعد إحدى تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان منذ العام 2019، بفعل انهيار النظام المالي تحت وطأة الديون السيادية والطرق غير المستدامة التي كانت تمول بها، بينما لم تخرج السلطة بعد بخطة إنقاذ، وأدى ذلك إلى تراجع غير مسبوق في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وهو ما دفع المصارف إلى تشديد القيود على أموال المودعين بالعملة الأجنبية لا سيما الدولار الأمريكي، وتضع سقوفاً قاسية على سحب الأموال بالليرة اللبنانية (حسب قيمة الوديعة والمصرف)، إثر أزمة اقتصادية ومالية حادة.

وذكرت بيانات حكومية في 2020، أن النظام المالي اللبناني تكبد خسائر فادحة، بما يشمل نحو 44 مليار دولار في المصرف المركزي تتعلق بإخفاق الجهود الرامية لدعم العملة، وفي عام 2021 صدر تقرير البنك الدولي الذي أشار إلى أن وراء الكساد المتعمّد في لبنان استئثار قيادات النخبة في البلاد التي تسيطر على نظام الحكم بالمنافع الاقتصادية.

ويقدر تقرير المرصد الاقتصادي للبنان أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي هبط بنسبة 10.5% في 2021 في أعقاب انكماش نسبته 21.4% في 2020، وانخفض إجمالي الناتج المحلي للبنان من نحو 52 مليار دولار أمريكي في 2019 إلى مستوى متوقع قدره 21.8 مليار دولار أمريكي في 2021، مسجِّلاً انكماشاً نسبته 58.1%، وهو أشد انكماش في قائمة تضم 193 بلداً.

وأخيراً، كشفت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في مطلع العام 2022 معدلات الفقر التي تزايدت بشكل كبير بين السكان اللبنانيين البالغ عددهم 6.5 مليون نسمة إذ يصنف 80% منهم فقراء، والواضح أن الفوضى النقدية والمالية المستمرة هي من تغذي الأزمة في ظل نظام تعددت فيه أسعار الصرف الذي أفرز سلوكات مجتمعية عنيفة وتحديات جسيمة على الاقتصاد.