كتاب ومقالات

عزيزي المشترك لا يهمنا انشغالك

عبداللطيف الضويحي

في كل عام، ومع بداية فصل الصيف، تشتعل فواتير الكهرباء ارتفاعاً دون أن يعرف أحدٌ حقيقة العلاقة بين ارتفاع فواتير الكهرباء ودرجات حرارة الصيف، فشركة الكهرباء تعزو السبب إلى الاستخدام المستمر لأجهزة التكييف، بينما يجادل البعض من المهتمين بالشأن العام وبعض أعضاء مجلس الشورى وحتى المستهلكين بأن السبب يعود إلى احتكار الشركة لخدمة الكهرباء، وهو ما يؤيده ما ذهبت إليه هيئة الكهرباء والإنتاج المزدوج سنة 2018 عندما أعلنت عن خطة إعادة هيكلة صناعة الكهرباء للانتقال من الوضع الاحتكاري إلى مرحلة سوق الكهرباء التنافسي خلال خمس إلى سبع سنوات سواء في التوليد والنقل والتوزيع.

لكن الدكتور عصام العمار -أستاذ الطاقة الكهربائية- يلقي باللائمة على وعي ومعرفة المستهلك وحسه بترشيد استخدام الكهرباء والحفاظ عليها، من خلال مقال نشره في جريدة الاقتصادية، ولا أعرف إن كانت الدراسة التي تحدث عنها المقال قد قامت بالوقوف على وعي المستهلكين واختبار معرفتهم وقدراتهم على كيفية الاستخدام الأمثل لأجهزة التكييف في صيف تلامس فيه درجات الحرارة سقف الخمسين!

مسكين هو «الوعي العام»، أو «وعي المستهلك»، و«المجتمع» فهو حمّال الأسية، وهناك الكثير من أوجه الشبه بينه وبين مصطلح «المجتمع الدولي»، الذي يتم استخدامه شماعةً ومكباً وحجةً وملاذاً أحياناً كلما أردنا أن نهرب من تحديد المسؤولية، أو حين لا نريد أن يلومنا طرف من أطراف قضية أو مشكلة.

لكن سؤال المليون؛ الذي يريد المستهلكون الإجابة عليه من قبل المتخصصين ومن قبل مسؤولي شركة الكهرباء وهيئة الكهرباء، هو: لماذا وأين اختفى الحديث عن بيع الفائض من الطاقة الشمسية لمقدم خدمة الكهرباء والذي ورد في الإصدار الأول لتنظيمات أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة، والتي أشارت إلى إمكانية ترحيل الكهرباء الفائضة لمدة من الزمن، حيث يتوجب على مقدم خدمة توزيع الكهرباء دفع قيمتها للمستهلك بناء على تعرفة يتم تحديدها مسبقا. هل هناك ما يمنع الاستخدام الشخصي للطاقة الشمسية في المنازل خاصة على الأقل لبعض الأجهزة الكهربائية؟ لمصلحة من يتم رفع أسعار أجهزة وألواح الطاقة الشمسية، في حين أن هذه التقنية ميسرة ومتاحة ومستخدمة في كل دول العالم بما فيها الدول الفقيرة؟ إذا لم نستفد من حرارة الشمس المرتفعة في بلد الشمس بتوليد الطاقة الشمسية المنزلية بيسر وسهولة وبأسعار معقولة، فهل البديل هو أن يصطلي الناس بحرارة الشمس وحرائق فواتير الكهرباء؟

إن ارتفاع فواتير الكهرباء في فصل الصيف لغز يحير الكثيرين، لكنه ليس لغزا بالنسبة لشركةٍ تحتكر السوق المحلي في خدمات الكهرباء والذي يعد من أكبر الأسواق في العالم. لا أظن أن الشركة سوف تتنازل بسهولة عن احتكارها لهذا السوق ولن تضحي بهذه الحصة من السوق لصالح إنتاج الطاقة الشمسية المنزلية، وبالتالي لا أتصور أن يأتي الحل لمشكلة غلاء الفواتير من شركة الكهرباء. ومن هنا أتوجه بتساؤلي إلى الهيئة العامة للمنافسة، ووكالة وزارة التجارة لحماية المستهلك، كما أتقدم بسؤالي الأخير إلى المسؤولية الاجتماعية في الشركة: ما معنى المسؤولية الاجتماعية.