كتاب ومقالات

زواج المسفار في تونس

بدر بن سعود

تناقل الإعلام العربي والغربي خبراً عن قتل سعودي أمام الناس في شارع عام بتونس، وكان ذلك قبل حوالى عشرة أيام وبمعرفة شقيق زوجته التونسية، والذي ارتكب الجريمة بتحريض من أصدقائه، بعدما أفهموه بوجود علاقة غير شرعية بينهما، والمفترض عليه التثبت قبل أن يورط نفسه في قضية قد تكلفه حياته.

السعودي المقتول تزوج ضمن ما يعرف بزواج المسفار الصيفي، في اعتقادي، وهو من كبار السن، فعمره يقترب من الستين عاما، وشقيق الزوجة أربعيني وتصرفه لا يتناسب مع سنه، ما لم يكن معتلاً أو مخدراً، وبدون تفاصيل إضافية، الزواج لا يعتبر مقبولاً من وجهة النظر النظامية في المملكة، لأن الزوج لم يحصل على موافقة مسبقة من الوزارة المختصة، وهذا يفرض عقوبة تأديبية من قبل ديوان المظالم (المحكمة الإدارية)، ولعلها سقطت بوفاة المخالف، بالإضافة إلى عدم توثيق زواجه وتغريمه قرابة 27 ألف دولار، ومعها منع زوجته الأجنبية من دخول الأراضي السعودية إلا للحج والعمرة.

حالات زواج السعوديين بغيرهم، وفق الإحصاءات المعتمدة، منتشرة في 16 دولة عربية من بينها تونس، وفي 6 دول آسيوية في مقدمتها الفلبين، وفي 6 دول أوروبية أهمها بريطانيا، وفي أمريكا وكندا وتنزانيا وغواتيمالا وغيرها، وهناك سماسرة يتمركزون في مطارات دول الاصطياف، وهؤلاء يستهدفون السياح السعوديين من الرجال، ويعرضون عليهم خدمات الزواج العشوائي وبأسعار رخيصة، وبينهم عصابات تستغل المواطنين المصطافين وتبتزهم عن طريق التهديد بالتشهير، ويوجد موقع إلكتروني أمريكي اسمه: سعوديون منسيون، يعمل على فكرة مشابهة منذ 2012.

هذا النوع من الزيجات المختلطة لا يسلم من التأثيرات السلبية، كإنجاب الأطفال وتركهم يواجهون المجهول باعتبارهم أجانب، فلا تقدم لهم خدمات التعليم والصحة، ولا يتقاضون إعانات من دولة الأم، وهذه المسألة تعمل عليها منذ 2002 جمعية أواصر لرعاية الأسر السعودية في الخارج، ولديها مجلس تنسيقي يضم وزارات الخارجية والموارد البشرية والداخلية، وقد عملت على تصحيح أوضاع أكثر من 5500 من أبناء السعوديين في 34 دولة، وصرفت لهم رواتب شهرية تتجاوز 1300 دولار وبإجمالي 16 ألف دولار في العام، وقامت بتوظيفهم وإشراكهم في مناسبات سفارات المملكة بدولة الأم، وبتخييرهم بين العودة أو عدمها، وبإدخالهم في برامج الابتعاث الحكومي.

زواج السعوديين من أجنبيات في الداخل وصل في 2014 إلى 23%، مقارنة بمجموع الزيجات المسجلة في المحاكم المحلية، والمتوقع أنه ارتفع في المرحلة الحالية، لانخفاض كلفته وأعبائه الاجتماعية، رغم الصعوبات في التأقلم الاجتماعي والثقافي، والأنسب للمشرع السعودي أن يراجع تنظيمات الزواج بالأجانب ولا يعقدها، وأن يرفع من جرعات تحذير السياح من سماسرة الزواج الصيفي، ويعمل على إقرار حلول عملية لمواجهة مشكلة العنوسة، والتي تمثل معاناة لأكثر من 4 ملايين سعودية، وأبسطها مساواتهن الكاملة بالسعودي في زواج الأجانب.