التقاليد الملكية بين السعودية وبريطانيا
الاثنين / 16 / صفر / 1444 هـ الاثنين 12 سبتمبر 2022 00:16
محمد الساعد
بعد وفاة الملكة اليزابيث الثانية، انفتحت أبواب ٌبريطانيةٌ موصدةٌ وراءها الكثير من التقاليد التي لم يعرفها العالم، ولم يُفتح معظمها منذ القرون الوسطى. لم يخجل الإنجليز ولم ينتقصوا منها، بل قدموها للعالم بفخر، إنها التقاليد الملكية البريطانية، لكن المفاجئ حين تقلبها ستجدها قريبة جداً من تقاليد العائلة المالكة السعودية، مع بعض الفروقات، التي تناسب طبيعة وخصوصية كل منهما.
ولي العهد البريطاني، كما السعودي، يصبح تلقائياً ملكاً للبلاد بعد وفاة الملك السابق، وهناك مجلس بريطاني للبيعة؛ وهو مجلس شوري يرشح الأصلح والأجدر كما هي هيئة البيعة السعودية، وهناك مجلس آخر من أهل الحل والعقد يمثله حوالي 700 عضو من وزراء ورؤساء وزارات وأعضاء برلمان ومن منحوا ألقاباً ملكية، وكذلك أفراد من الأسرة المالكة، قاموا أيضاً بمبايعة الأمير تشارلز ملكاً، وهي تشابه مجالس البيعة التي يعقدها أمراء المناطق ومحافظو المدن وشيوخ القبائل الذين يتلقون البيعة نيابة عن الملك السعودي المتوج.
طوال عقود والسعوديون يُتهمون بالرجعية والتخلف من إعلام غربي متطرف، بسبب تقاليدهم العريقة وتراثهم العائلي وطريقة عملهم، لكن الـ(بي بي سي)، والـ(سي إن إن)، والـ(نيويورك تايمز)، والـ(واشنطن بوست)، وآلافاً غيرها من محطات ومنصات إعلامية تحولت إلى ما يشبه الطفل المنبهر بالتقاليد الملكية البريطانية. الانتقادات التي كانت تكال للسعودية اختفت في التغطيات المباشرة للإنجليز. بالطبع ذلك التنمر الذي واجهه السعوديون لم يكن من الغرب فقط، بل ومن بعض العرب الذين يعيشون على هامش التاريخ، فلا تقاليد لديهم ولا إرث يتمسكون به، وإن كان لديهم ذات يوم فقد فرطوا فيه بعسكرة بلدانهم.
ما حصل بعد الوفاة حسب التقاليد البريطانية هو تسمية الأمير تشارلز ملكاً، لتأتي البيعة مباشرة وليس الانتخاب؛ فالملوك يُبايعون. ولأن تشارلز سيملك 4 ممالك و15 دولة أخرى، هي أعضاء دول الكومنويلث؛ فإنه يتلقى عدة بيعات ولا يتحرجون منها، ليحدد في وقت لاحق موعداً لتتويجه على كرسي العرش، كما والدته، إذ استغرق ذلك أكثر من عام ونصف حسب البروتوكول البريطاني.
ما حدث في بريطانيا، قريب جداً مما يحصل في المملكة العربية السعودية التي لديها مؤسسات حكم عريقة تمتد لمئات السنين، وتقاليد وآلية انتقال واضحة ومحددة، فمؤسسة البيعة السعودية هي التي تنعقد لتسمية ولي العهد بعد ترشيح الملك له، واختيار ولي العهد هو من اختصاص الملك، وهو ما حدث تماماً في المملكة المتحدة حين عين تشارلز ولي عهده الأمير وليام، وأخذ البيعة معه من مجلس الحكم ثم مجلس الحكماء.
هناك أمر لافت آخر في طريقة الحكم البريطانية؛ وهي استقبال الملك تشارلز الثالث فور مبايعته لمجلس الوزراء برئاسة السيدة ليز تراس، وكذلك رجال الدين من مختلف المذاهب المنتشرة في الممالك البريطانية الأربع، أليس هذا هو نفس التقليد السعودي الراسخ منذ تأسيس البلاد على يدي الملك عبد العزيز لليوم، الذي يحظى فيه رجال الدين والعلماء في السعودية بالاستقبال والمكانة الخاصة.
لعل الملفت هو حفاظ البريطانيين على التقاليد الملكية التي توارثوها جيلاً إثر جيل، وعندما حان وقتها نفذوها حرفياً ولم يسمحوا لانتقاد أو تنمر أو تعالٍ للتفريط فيها، وكأننا انتقلنا فجأة إلى عصر الملكة فيكتوريا بكل ما فيه من تفاصيل وروح. في السعودية أيضاً تقاليد ملكية عريقة نحبها وتعبر عن ثراء بلادنا وعمقها، نراها في المؤسسات الملكية والمراسم والموائد والملابس بكل ألوانها وأنواعها ومناسباتها وطريقة الجلوس والاستقبالات، والحفاظ على هذا الإرث وتوثيقه هو أمانة يجب ألا تندثر ويجب أن تكون هناك مؤسسة مكلفة بهذا الأمر مهمتها الأولى توثيقه وتدوينه والحفاظ على استمراره والعمل به.
ولي العهد البريطاني، كما السعودي، يصبح تلقائياً ملكاً للبلاد بعد وفاة الملك السابق، وهناك مجلس بريطاني للبيعة؛ وهو مجلس شوري يرشح الأصلح والأجدر كما هي هيئة البيعة السعودية، وهناك مجلس آخر من أهل الحل والعقد يمثله حوالي 700 عضو من وزراء ورؤساء وزارات وأعضاء برلمان ومن منحوا ألقاباً ملكية، وكذلك أفراد من الأسرة المالكة، قاموا أيضاً بمبايعة الأمير تشارلز ملكاً، وهي تشابه مجالس البيعة التي يعقدها أمراء المناطق ومحافظو المدن وشيوخ القبائل الذين يتلقون البيعة نيابة عن الملك السعودي المتوج.
طوال عقود والسعوديون يُتهمون بالرجعية والتخلف من إعلام غربي متطرف، بسبب تقاليدهم العريقة وتراثهم العائلي وطريقة عملهم، لكن الـ(بي بي سي)، والـ(سي إن إن)، والـ(نيويورك تايمز)، والـ(واشنطن بوست)، وآلافاً غيرها من محطات ومنصات إعلامية تحولت إلى ما يشبه الطفل المنبهر بالتقاليد الملكية البريطانية. الانتقادات التي كانت تكال للسعودية اختفت في التغطيات المباشرة للإنجليز. بالطبع ذلك التنمر الذي واجهه السعوديون لم يكن من الغرب فقط، بل ومن بعض العرب الذين يعيشون على هامش التاريخ، فلا تقاليد لديهم ولا إرث يتمسكون به، وإن كان لديهم ذات يوم فقد فرطوا فيه بعسكرة بلدانهم.
ما حصل بعد الوفاة حسب التقاليد البريطانية هو تسمية الأمير تشارلز ملكاً، لتأتي البيعة مباشرة وليس الانتخاب؛ فالملوك يُبايعون. ولأن تشارلز سيملك 4 ممالك و15 دولة أخرى، هي أعضاء دول الكومنويلث؛ فإنه يتلقى عدة بيعات ولا يتحرجون منها، ليحدد في وقت لاحق موعداً لتتويجه على كرسي العرش، كما والدته، إذ استغرق ذلك أكثر من عام ونصف حسب البروتوكول البريطاني.
ما حدث في بريطانيا، قريب جداً مما يحصل في المملكة العربية السعودية التي لديها مؤسسات حكم عريقة تمتد لمئات السنين، وتقاليد وآلية انتقال واضحة ومحددة، فمؤسسة البيعة السعودية هي التي تنعقد لتسمية ولي العهد بعد ترشيح الملك له، واختيار ولي العهد هو من اختصاص الملك، وهو ما حدث تماماً في المملكة المتحدة حين عين تشارلز ولي عهده الأمير وليام، وأخذ البيعة معه من مجلس الحكم ثم مجلس الحكماء.
هناك أمر لافت آخر في طريقة الحكم البريطانية؛ وهي استقبال الملك تشارلز الثالث فور مبايعته لمجلس الوزراء برئاسة السيدة ليز تراس، وكذلك رجال الدين من مختلف المذاهب المنتشرة في الممالك البريطانية الأربع، أليس هذا هو نفس التقليد السعودي الراسخ منذ تأسيس البلاد على يدي الملك عبد العزيز لليوم، الذي يحظى فيه رجال الدين والعلماء في السعودية بالاستقبال والمكانة الخاصة.
لعل الملفت هو حفاظ البريطانيين على التقاليد الملكية التي توارثوها جيلاً إثر جيل، وعندما حان وقتها نفذوها حرفياً ولم يسمحوا لانتقاد أو تنمر أو تعالٍ للتفريط فيها، وكأننا انتقلنا فجأة إلى عصر الملكة فيكتوريا بكل ما فيه من تفاصيل وروح. في السعودية أيضاً تقاليد ملكية عريقة نحبها وتعبر عن ثراء بلادنا وعمقها، نراها في المؤسسات الملكية والمراسم والموائد والملابس بكل ألوانها وأنواعها ومناسباتها وطريقة الجلوس والاستقبالات، والحفاظ على هذا الإرث وتوثيقه هو أمانة يجب ألا تندثر ويجب أن تكون هناك مؤسسة مكلفة بهذا الأمر مهمتها الأولى توثيقه وتدوينه والحفاظ على استمراره والعمل به.