كتاب ومقالات

جريمة مليارية

حمود أبو طالب

قرأنا يوم أمس خبراً مزعجاً يثير التعجب ويستدعي التساؤل عن بعض جوانبه لما فيها من خطورة. مختصر الخبر يقول: «صرّح مصدر في النيابة العامة أن تحقيقات الجرائم الاقتصادية انتهت إلى توجيه الاتهام لتنظيم عصابي مكون من مواطن و5 وافدين من جنسيات عربية بتهمة غسل الأموال. وكشفت التحقيقات قيام المواطن باستخراج سجلات لعدد من الكيانات وفتح حسابات بنكية وتسليمها للمقيمين الذين أجروا عمليات مالية ضخمة وإيداعات مالية وتحويلها للخارج، وبالتحقق من الكيانات التجارية وتعاملاتها الجمركية تبيّن عدم وجود واردات جمركية لها، وبالتحري عن مصدر الأموال تبيّن أنها ناتجة عن جرائم ومخالفات لعدد من الأنظمة، حيث تم إيقافهم وإحالتهم للمحكمة المختصة بتهمة غسل أموال تجاوزت 4 مليارات و290 مليون ريال سعودي».

من ناحية وجود مواطن عديم الضمير مارس التستر وإدارة عمليات العصابة فحتماً لن يخلو المجتمع، أي مجتمع، من الفاسدين الذين لا يهمهم الضرر الذي يتسببون به للوطن، ومن ناحية وجود أجانب يمارسون المخالفات فذلك مفهوم طالما يجدون مثل هذا المواطن الملوث، لكننا هنا إزاء عمليات ضخمة كانت حصيلتها أكثر من 4 مليارات ريال، ورغم ضبط هذه الجريمة وأصحابها إلا أن حصيلتها المليارية تجعلنا نتساءل: كيف تمكنوا من مواصلة عملياتهم التي لا بد أنها استمرت وقتاً طويلاً حتى تصل إلى هذا المبلغ؟ وما العمليات المشبوهة التي مارستها العصابة حتى تجني هذه الحصيلة، علماً بأن عملية غسل أموال كبرى كهذه لا بد أنها قامت بأعمال في غاية الخطورة للاقتصاد والمجتمع وربما الأمن الوطني؟

وأيضاً كيف تمكنوا من إجراء عمليات مالية وتحويلات بنكية بهذا الحجم من خلال بنوك كان يجب أن تتنبه في وقت مبكر إلى الشبهة التي تكتنف تلك الأموال وهي تزداد بشكل غير طبيعي؟ أين الرقابة البنكية؟ وأين التحريات المالية؟ وأين كل الأطراف والجهات التي كان عليها ضبط هذه العصابة في وقت مبكر؟

حتماً هناك متواطئون سهلوا هذه الجريمة، وهناك جهات لم تقم بمهامها كما يجب، وهؤلاء أخطر وأشد ضرراً من أفراد العصابة؛ لأنهم إذا لم يُقطع دابرهم سوف يسهلون تمرير عمليات أخرى.

الدولة جادة وحازمة في محاصرة مثل هذه الجرائم، لكن وجود مواطنين ضالعين فيها بالتستر وتوفير التسهيلات وغض البصر يفتح ثغرات خطيرة.