كتاب ومقالات

الجمال والموسيقى في الفصول الدراسية

عقل العقل

في تصريح انتظرناه كثيراً أكد الأستاذ سلطان البازعي الرئيس التنفيذي المكلف لهيئة الموسيقى أن العمل يجري حسب المخطط له لإدخال الموسيقى في مناهج التعليم العام خلال عامين بدءاً من رياض الأطفال وإلى بقية الصفوف في المرحل الدراسية وستكون حضورية على الطلاب.

هذه هي ما نحتاجه كخطاب بديل لخطابات سيطرت على المجتمع لعقود قادته إلى الظلامية ومعاداة الفرح والحياة نفسها، كانت زيارة القبور والنوم فيها من النشاط اللاصفي لطلاب المدارس في تلك الفترة الغابرة المظلمة على مستوى الفكر والإنتاج، الوطن كان مغيباً، والاحتفال في أيامه الوطنية من البدع المناقضة للدين كما يدعون، نتذكر حفلات تكسير الآلات الموسيقية في هجمات همجية منظمة من التيارات الظلامية في فترة الغمة وليس الصحوة كما يدعون.

تخيل مدارسنا في الأعوام القادمة، هناك فنون مسرحية وموسيقية وتدريس فلسفة هذه هي البيئة الجاذبة للإنسان للتعلم والمعرفة وليس للحفظ والحشو بمعلومات لا علاقة لها بالعصر، مناظر الكتب المدرسية ممزقة ومرمية في الشوارع وخاصة القريبة للمدارس عند بداية الإجازات المدرسية كانت أكبر شهادة أن ما يجري داخل أسوار المدارس كان يتم بالتلقين والهدف كان الحفظ والنجاح على المستويات النظرية على الواقع الطلاب كانوا يعبرون عن رفضهم لتلك المناهج بطرق عدة النتيجة للأسف كانت تراكم خريجين بالآلاف دون وظائف أو توظيف لهم بقطاعات حكومية من دون حاجة أي بطالة مقنعة كما كان يطلق عليها، القطاع الخاص كان مبسوطاً من ذلك الوضع فلا قوانين تجبره على توظيف المواطنين ويستقدم الأجانب في وظائف بسيطة والسبب هو مسألة تكلفة العامل الأجنبي.

عودة على الانفتاح في التعليم فهو باعتقادي المفتاح السحري للتنمية في بلادنا، فالاستثمار بالعنصر البشري من خلال التعليم العصري هو من سيفرض السعودي والسعودية بسوق العمل، كم من الفرق الموسيقية المدرسية سوف تتسابق في ما بينها في لحن وعزف أناشيد وطنية أو مقطوعات موسيقية عالمية ترفع الذوق والذائقة الموسيقية في الوطن، الرؤية ركزت على قضية الثقافة والترفيه التي تصرف عليها الشعوب جزءاً ليس بالبسيط، ومن ثم يعتبر مساهمة في الاقتصاد الوطني، المملكة وهي دون بيئة فنية من معاهد موسيقية ومسارح وسينما لها حضور طاغٍ على المشهد الغنائي الخليجي والعربي، فتخيل حال المملكة فنياً مع هذه التأسيس لمشروع الفنون والتنوير في بلادنا دون مواربة وبكل وضوح، فالجميل أن المؤسسات الرسمية هي من تضطلع بهذا الدور التنويري لبلدنا. لا شك أن بقايا فكر الانغلاق سوف ينشطون ضد هذه المشاريع الإنسانية الوطنية الجميلة وسوف يرددون عن الأولويات، ولكن باعتقادي أن الفنون بأشكالها المتعددة هي حاجة إنسانية منذ بدء البشرية، فالفقير والغني مجبول على حب الموسيقى والرقص مثلاً منذ كان بالحقل أو على مسرح رقمي في مدينة عصرية.

أختم برد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي على تصريح الرئيس المكلف لهيئة الموسيقى الأستاذ سلطان البازعي، يقول الرد بلغة تهكمية: «تخيل يتصل مدير المدرسة يقول لك إن ولدك لم يحضر آلة العود»، مثل هذه الردود والخطاب ينم عن جهل بدور الموسيقى بالحياة بشكل عام ودورها في مجالات إبداعية مختلفة ومزايا اقتصادية للدول، ويأتي مثل هؤلاء بلغة خشبية وجاهلة ضد التغيّر والتجديد الذي نعيشه في بلادنا في هذه السنوات.