من ينقذ لبنان من جحيم «حزب الله»؟
بين تهريب الكبتاغون ونهب الودائع..
السبت / 21 / صفر / 1444 هـ السبت 17 سبتمبر 2022 19:03
زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@
في الوقت الذي كان فيه أمين عام حزب الله حسن نصر الله يتحدث عن رغبته بأكل العنب وليس افتعال مواجهة على صعيد ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، كان وزير الداخلية بسام المولوي يطلق تغريدة يكشف فيها توقيف كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون تفوق المليون حبة ضبطتها الأجهزة الأمنية في مرفأ بيروت، مخبّأة داخل شحنة من العنب، ووجهتها السودان ومن ثم الخليج العربي.
بين عنب نصر الله وعنب المولوي تكمن كامل الحكاية، حكاية دولة معلّقة لا تمتلك قرارها السياسي والأمني والاقتصادي، و«دويلة» تهيمن على كل شيء في الداخل والخارج، فارضة إرادتها على الجميع في ترسيم الحدود ومعالجة أزمة المصارف، والتمديد لليونيفيل وصولاً إلى ماذا ستُحضّر زوجات اللبنانيين لعائلاتها وجبة للعشاء.
ما بين العنبين كانت المصارف اللبنانية قبل يوم واحد تعيش ليلة القبض عليها مع سلسلة من الاقتحامات لمودعين استفاقوا بعد ما يزيد على العامين على مصيبة ضياع ودائعهم، وصعوبة الحصول عليها.
يقود نصر الله لبنان واللبنانيين في رحلة التماهي إلى النفق المجهول. يعدهم بأكل العنب فيما العنب يتم تهريبه محشواً بحبوب الكبتاغون، ويعدهم بالنصر فيما تحوّل الناس بفضل المغامرات المحسوبة وغير المحسوبة التي علم ببعضها وببعضها الآخر لم يعلم إلى لصوص تسطو على المصارف لتحصيل مالها العاجزة عن الوصول إليه بالمعاملات القانونية.
على بعد ثلاثة شوارع ضيقة من المكان الذي ألقى نصر الله خطابه (السبت) منه، كان هناك بالأمس رجل يحتجز موظفين في أحد المصارف للحصول على دولارات أمريكية طازجة كما يسمونها في لبنان. ليس بعيداً أيضاً سوى بشارعين كان شابان على دراجة نارية على طريق مطار رفيق الحريري الدولي يحاولان السطو على ركاب إحدى السيارات العابرة الذين تمكنّوا بالعزم والإرادة من صدم الناهبين ورميهم إلى جانب الطريق والنجاة من براثنهما. وليس بعيداً عن مكان نصر الله كانت هناك محطة محروقات ترفع خراطيمها ممتنعة عن تعبئة سيارات المواطنين بالبنزين.
ما بين عنب نصر الله وعنب المولوي نموذجان لـ«رجلين» ولـ«وطنين». الأول أحال لبنان إلى وكر للتهريب، والثاني يسعى جاهدا لإعادة لبنان الدولة إلى مسارها الصحيح. كثيرة هي حبوب الكبتاغون التي يتم توقيفها في مرفأ بيروت، لكن قليلاً ممن يقفون خلف تهريبها يقبعون خلف القضبان.
هي حكاية الدولة المعلّقة التي تبيع وهم العنب للناس فلا يتمكنون من أكله، ويهرّب عبر مرافئها العنب المحمّل بحبوب الكبتاغون دون أن تتمكن من توقيف أصحابه.
من المؤكد أنّ لبنان لن يستطيع انتخاب رئيس للجمهورية في الموعد الدستوري، ولن يستطيع تشكيل حكومة تملأ الفراغ، فجلّ ما هو قادر عليه إبقاء الحكومة على ما هي عليه. ومن المؤكّد أن لبنان خلال أشهر لن يتمكّن من دفع رواتب موظفيه. لكن الأكثر تأكيداً أنّ لبنان سيبقى مصدراً للعنب المغشوش الذي لا يؤكل ولا يباع ولا يشترى طالما أنّ الأمور فيه معلّقة بقرار ممن يهيمن عليه ويدّعي أنه يريد أكل العنب.