كتاب ومقالات

الحكمة السعودية في أزمة الطاقة

بدر بن سعود

في سبتمبر الحالي أطلقت حملة وطنية حملت عنوان (لأننا نحبها)، لضبط إسراف الناس في استخدام الطاقة، وذلك بمعرفة البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، وهو جهاز فني يضم 30 جهة حكومية، ويستوعب كل مبادرات وبرامج ترشيد الطاقة في المملكة، ومعها قيامه بحملات موسمية على مدار العام منذ 2013، وبأسلوب يخدم أغراضه التوعوية، ويعرّف بالسلوكيات السليمة في التعامل مع الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية.

التقديرات الرسمية تشير إلى أن قطاع المباني يستنفد 29% من الطاقة، وتأخذ مكيفات الهواء الحصة الأكبر بما نسبته 61% من هذه النسبة، ويستهلك القطاع الصناعي 42% من الطاقة، وبالأخص في صناعات الحديد والأسمنت والبتروكيماويات، التي تمثل 80% من إجمالي الاستهلاك، وفي المقابل لا تزيد حصة الطاقة للنقل البري على 22% وتوجد مبادرات لترشيدها كبطاقة اقتصاد الوقود.

الطاقة المستخدمة في القطاعات الثلاثة مكلفة، وتقتطع سنوياً ما نسبته 25% من إنتاج المملكة النفطي، والرقم مرشح للارتفاع مع الزيادة السكانية، وفي المقابل تحتاج الطاقة البديلة والمتجددة إلى بنية تحتية وتمديدات لم تكتمل، وهناك مشاريع تجريبية بالشراكة مع خبرات عالمية لمعرفة تحدياتها التشغيلية والاقتصادية، بجانب أن القبول الاجتماعي للألواح الشمسية متعددة الأغراض ومعها الطاقة النظيفة ما زال محدوداً، والمؤمل هو الاعتماد عليها بنسبة 10% في 2023 ومن ثم تصعيد النسبة إلى 50% في 2030، بالاستفادة من تمديدات محطات سكاكا وسدير ودومة الجندل، وقدرتها على تأمين الكهرباء لأكثر من ستمائة ألف مسكن.

الكهرباء سترتفع تكاليفها في بريطانيا بنسبة 80% بعد أقل من شهرين، والأمر يشمل تايوان وأستراليا وكل الدول الأوروبية، باستثناء بلغاريا التي ارتمت في أحضان الدب الروسي، وفرنسا لأنها ثبّتت أسعار الغاز عند متوسط سعره في عام 2021، وبطبيعة الحال دول الخليج ستحقق إيرادات تقريبية تصل إلى تريليون وثلاثمائة مليار دولار في الأعوام الأربعة القادمة، نتيجة لما يحدث في أوروبا وتأثيره على أسعار النفط والغاز.

الأزمة الأوكرنية صدرت الكهرباء باعتبارها الملف الأسخن حول العالم، والذي سيكون حضوره الأقوى في أكتوبر القادم مع الشتاء الأوروبي، والمملكة بعيدة عن أزمات أوروبا الكهربائية، ولديها ما يكفي لإنارة وتدفئة المنطقة العربية بأكملها، فقد وفرت مشاريعها الترشيدية في مجال الطاقة 6 ملايين برميل نفط، أو ما تقدر قيمته بحوالى 430 مليون دولار، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة مليونين وأربعمائة ألف طن متري، أو ما يساوي زراعة 41 مليون شجرة، وتوجد في المملكة قرابة 48 شركة خاصة تعمل في كفاءة الطاقة، ويمكن الاستعانة بالفنيين العاملين فيها، وطلب مساعدتهم في تحديد مواقع هدر استهلاك الطاقة في البيوت والمنشآت الصغيرة، ويبقى أنني لم أفهم تنازل المجتمعات الغربية عن سياساتها الخضراء، وعن حيادها الكربوني وطاقتها النظيفة، أمام أزمتي الكهرباء والغاز الحاليتين.