كتاب ومقالات

النفط الحي

مي خالد

يحذر الخبراء في أزمة الشتاء الأوروبي من أن تقنين الطاقة قد يعني تحذير المواطنين من الطهي إلا بعد الساعة 8 مساءً، وإيقاف المدارس أربعة أيام في الأسبوع، بحيث يقتصر الدوام المدرسي على ثلاثة أيام في الأسبوع فقط ومنع دور الرعاية من النزهات الخارجية. أما حمامات السباحة فتترك دون تدفئة، وإغلاق المقاهي في الساعة التاسعة مساءً.

للأسف ستمر الشعوب الأوروبية هذا العام بخبرة جديدة مفادها بأن الطاقة وبالأخص النفط هو الدم الحي في عروق اقتصادات الدول، إنها خبرة جديدة تكتسبها القارة العجوز على المستوى الوجودي.

أعتقد أن البلدان النامية والفقيرة اكتسبت تلك الخبرة بالفعل منذ عقود.

وبالرغم من ذلك لا أحد منا قادر نفسياً على التعامل مع هذه الخبرة التي سوف تهز عالمنا خلال الأعوام القليلة القادمة.

لكن أليس أي كائن حي سيموت؟!

لذا النفط سيموت لا بد يوماً ما وهذا ما وعته حكومتنا الرشيدة في رؤية الأمير المجدد محمد بن سلمان. وهي رؤية تبدو في سباق مع الزمن وسابقة لزمانها في آن. لدرجة أننا نراقب الآن الأحداث في دول العالم الأول الذين فاتهم تصديق أن النفط حي وهو العجلة الحقيقية للاقتصاد وأنه سيموت يوماً ما.

الشيء المطمئن بيولوجياً هو أن قوة الحياة يمكن إعادة تدويرها وإعادة تنظيمها في أشكال أخرى، لكننا اعتدنا على أن تكون الأشياء بطريقة معينة غير معتادين على ذلك. سيكون الأمر مؤلماً للغاية.

لقد اعتدنا على التفكير في الاقتصادات والطاقة على أنها أشياء منفصلة ونستطيع التحكم بمستقبلها.

نقرأ باستمرار حروباً كلامية وأوراقاً علمية تهدف إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عن النفط الذي يهدد البيئة، هؤلاء يتجاهلون حقيقة أن النفط هو الاقتصاد. مثلاً مؤخراً قرأت ورقة تشيد بدول مثل النرويج لتحركها نحو 90٪ من السيارات الكهربائية، لكن الذي لم تتناوله الورقة هو أن ثلثي صادرات النرويج عبارة عن وقود أحفوري!