أيّها الأئمة التزموا ما كُلفتم به !
الأحد / 29 / صفر / 1444 هـ الاحد 25 سبتمبر 2022 23:50
نجيب يماني
هاجت في خاطري هواجس من زمن مضى زمن «الصحوة» البغيض، على إثر خبر طالعته في إحدى صحفنا المحلية مؤخرًا، ومفاده أنّ إمام مسجد بأحد أحياء جدة «استجدى» الشركة السعودية للكهرباء من منبر الجمعة، طالبًا الحل لمعضلة انقطاع الكهرباء جراء الحمولة الزائدة على العداد المثبت على جدار المسجد، والذي لم يحتمل الإنشاءات الجديدة في المسجد، وتوسّع في «مطالبه» - حسب الخبر المنشور - بالقول، إن «المسجد لا زال في حاجة ماسة للكثير سواء من تغيير فرش مضى عليها أكثر من 3 سنوات، أو توسعة علوية، وهي أمور تتطلب وقفة من الجميع»..
إن مسلك هذا الإمام - وفقًا للخبر المنشور - ينطوي على تجاوزات عديدة، كان حريًّا به أن يتفطن إليها، وأن ينتبه إلى ما ينطوي خلفها من مخالفات.. فمع توفير القدر الكافي من حسن النية حيال ما أقدم عليه؛ إلا أن ذلك لا يعفي من الإشارة إلى هذه المخالفات والتجاوزات، وأوّلها تجاوز الإمام لحدود تكليفه بإمامة الصلاة وخطبة الجمعة، وما يليها من تبعات تعبدية، أما أعمال المسجد الأخرى وما يتطلبه من إصلاحات وخدمات فذلك شأن الجهات ذات الاختصاص، فأقصى مسؤولية الإمام في ذلك أن يبلّغ الجهات المعنية، وهي المسؤولة عن القيام بدورها، والإيفاء بالتزاماتها، وليس من مسؤوليات الإمام أن يطرح قضية كهرباء المسجد على المصلين في خطبة جمعة وضعت لغير هذا الغرض، فأقل ما يشي به هذا المسلك أنه «شكوى على الهواء مباشرة» في حق «الكهرباء» وتجييش جمهور المصلين ضدها، ورميها بالتقصير، وهو أمر كان الإمام في غنى عنه لو اتجه للجهات الأعلى طالما لم يجد استجابة من الجهة المختصة، وحتمًا سيجد النصفة والتوجيه المباشر، قياسًا على ما نلمسه من حرص المؤسسات الخدمية على أداء واجباتها، ومتابعات تكليفاتها لمنسوبيها، ومحاسبة المقصرين على الفور.
هذا وجه التجاوز الأول، أما الأمر الثاني فتوجه الإمام للمصلين بطلب المعونة من أجل أمور تخص المسجد، وهنا لا بد من وقفة طويلة، فهذا المسلك يعيدنا إلى مربّع بلوناه في زمن «الصحوة»، وعايشنا الفوضى التي كانت سائدة في استدرار عطف المصلين وجمع التبرعات منهم دون حسيب أو رقيب، ودون مساءلة في أوجه الصرف ولحساب من تذهب هذه المبالغ؟ حتى ارتدت علينا قتلًا وإرهاباً ودماراً وكذباً وخداعاً وجهاداً باطلاً وخيالات مريضة.
وهو الأمر الذي حدا بالقيادة والجهات المسؤولة إلى ضبطه بتحديد «منصة إحسان» نافذة وحيدة للتبرعات، مع التشديد على كافة الجهات بعدم طلب التبرعات من أي جهة كانت، ولأي سبب من الأسباب، وهو ما غفل عنه هذا الإمام، حيث كان يتوجّب عليه أن يبلّغ الجهات ذات الاختصاص بما يحتاجه المسجد، فليست المساجد بنايات «يتيمة» يتصدّق الناس عليها بفضل مالهم، ولم تترك هملاً حتى يستجدي الأئمة العون لها من المصلين، فإنها محل عناية ولها وزارة تشرف عليها وترعى شؤونها في كل ما يتصل بها من صيانة وتنظيف وفرش وغيره، فلا حاجة بإمام أن يخاطب جمهور المصلين في أمر كهذا.
إن فتح باب التبرّع بهذه الطريقة يعني جمع مال قد يقصر عن الحاجة أو يزيد عليها، والتصرّف فيه يبقى معلقًا بضمير من يتولى هذا الشأن، بما يصرفه عن المهمة الأساسية التي انتدب إليها وكلّف بها، فهي ليست من صميم واجباته، ولا حتى من فضولها.
مخالفة ثالثة وقع فيها هذا الإمام؛ بتسخير ميكرفون المسجد لغير الغرض المخصص له والتوجيه بقصر مكبرات الصوت الخارجية للأذان والإقامة والداخلية للصلاة وخطبة الجمعة، منعًا لما كان يحدث سابقاً من رفع للصوت وجهر بالصلاة وخطبة بعد كل صلاة متجاوزة حدود المعقول، فكان حريًّا به أن يلتفت إلى هذه المخالفة أيضًا ويعصم نفسه من الوقوع فيها..
إن هذه الإشارات لا تعني على الإطلاق أن نسد باب الفضل على من ينتدب نفسه لخدمة بيوت الله والتبرّع لها، فهذا أمر مشرع ومفتوح ومحبب ومطلوب، شريطة أن يكون ذلك عبر الوسائل والمنافذ التي حددتها جهات الاختصاص، ليتم الصرف وفق آليات محددة، وبصورة مقننة، تبعد عن الجميع الشبهة، وتحفظ للجميع مقاماتهم، وتفرغهم لأداء ما انتدبوا له دون تفريط أو تقصير، فليلتزم الأئمة كافة ما انتدبوا له، وما كلفوا به، وما أغنى المجتمع عن فضول دعوتهم للتبرع وجمع المال، فإن ذلك حريّ بأن يفتح باب الشبهة، فضلًا عن تجاوزه للتوجيهات التي أمرت بها القيادة وجهات الاختصاص.
نريد مجتمعًا معافى بعيدًا عن كل مظاهر الصحوة وما يذكرنا بها وبآلامها وأدواتها وصناديق تبرعاتها وأساليبها الملتوية وسلب أموالنا بحجة التبرعات وإخواننا في الجهاد والضحك على سوادنا الأعظم بالبكاء والنحيب وقصص المجاهدين وخيالات الجنس والغيبيات، المساجد والمنابر وضعت لغرض محدد فلا نستغله.
إن مسلك هذا الإمام - وفقًا للخبر المنشور - ينطوي على تجاوزات عديدة، كان حريًّا به أن يتفطن إليها، وأن ينتبه إلى ما ينطوي خلفها من مخالفات.. فمع توفير القدر الكافي من حسن النية حيال ما أقدم عليه؛ إلا أن ذلك لا يعفي من الإشارة إلى هذه المخالفات والتجاوزات، وأوّلها تجاوز الإمام لحدود تكليفه بإمامة الصلاة وخطبة الجمعة، وما يليها من تبعات تعبدية، أما أعمال المسجد الأخرى وما يتطلبه من إصلاحات وخدمات فذلك شأن الجهات ذات الاختصاص، فأقصى مسؤولية الإمام في ذلك أن يبلّغ الجهات المعنية، وهي المسؤولة عن القيام بدورها، والإيفاء بالتزاماتها، وليس من مسؤوليات الإمام أن يطرح قضية كهرباء المسجد على المصلين في خطبة جمعة وضعت لغير هذا الغرض، فأقل ما يشي به هذا المسلك أنه «شكوى على الهواء مباشرة» في حق «الكهرباء» وتجييش جمهور المصلين ضدها، ورميها بالتقصير، وهو أمر كان الإمام في غنى عنه لو اتجه للجهات الأعلى طالما لم يجد استجابة من الجهة المختصة، وحتمًا سيجد النصفة والتوجيه المباشر، قياسًا على ما نلمسه من حرص المؤسسات الخدمية على أداء واجباتها، ومتابعات تكليفاتها لمنسوبيها، ومحاسبة المقصرين على الفور.
هذا وجه التجاوز الأول، أما الأمر الثاني فتوجه الإمام للمصلين بطلب المعونة من أجل أمور تخص المسجد، وهنا لا بد من وقفة طويلة، فهذا المسلك يعيدنا إلى مربّع بلوناه في زمن «الصحوة»، وعايشنا الفوضى التي كانت سائدة في استدرار عطف المصلين وجمع التبرعات منهم دون حسيب أو رقيب، ودون مساءلة في أوجه الصرف ولحساب من تذهب هذه المبالغ؟ حتى ارتدت علينا قتلًا وإرهاباً ودماراً وكذباً وخداعاً وجهاداً باطلاً وخيالات مريضة.
وهو الأمر الذي حدا بالقيادة والجهات المسؤولة إلى ضبطه بتحديد «منصة إحسان» نافذة وحيدة للتبرعات، مع التشديد على كافة الجهات بعدم طلب التبرعات من أي جهة كانت، ولأي سبب من الأسباب، وهو ما غفل عنه هذا الإمام، حيث كان يتوجّب عليه أن يبلّغ الجهات ذات الاختصاص بما يحتاجه المسجد، فليست المساجد بنايات «يتيمة» يتصدّق الناس عليها بفضل مالهم، ولم تترك هملاً حتى يستجدي الأئمة العون لها من المصلين، فإنها محل عناية ولها وزارة تشرف عليها وترعى شؤونها في كل ما يتصل بها من صيانة وتنظيف وفرش وغيره، فلا حاجة بإمام أن يخاطب جمهور المصلين في أمر كهذا.
إن فتح باب التبرّع بهذه الطريقة يعني جمع مال قد يقصر عن الحاجة أو يزيد عليها، والتصرّف فيه يبقى معلقًا بضمير من يتولى هذا الشأن، بما يصرفه عن المهمة الأساسية التي انتدب إليها وكلّف بها، فهي ليست من صميم واجباته، ولا حتى من فضولها.
مخالفة ثالثة وقع فيها هذا الإمام؛ بتسخير ميكرفون المسجد لغير الغرض المخصص له والتوجيه بقصر مكبرات الصوت الخارجية للأذان والإقامة والداخلية للصلاة وخطبة الجمعة، منعًا لما كان يحدث سابقاً من رفع للصوت وجهر بالصلاة وخطبة بعد كل صلاة متجاوزة حدود المعقول، فكان حريًّا به أن يلتفت إلى هذه المخالفة أيضًا ويعصم نفسه من الوقوع فيها..
إن هذه الإشارات لا تعني على الإطلاق أن نسد باب الفضل على من ينتدب نفسه لخدمة بيوت الله والتبرّع لها، فهذا أمر مشرع ومفتوح ومحبب ومطلوب، شريطة أن يكون ذلك عبر الوسائل والمنافذ التي حددتها جهات الاختصاص، ليتم الصرف وفق آليات محددة، وبصورة مقننة، تبعد عن الجميع الشبهة، وتحفظ للجميع مقاماتهم، وتفرغهم لأداء ما انتدبوا له دون تفريط أو تقصير، فليلتزم الأئمة كافة ما انتدبوا له، وما كلفوا به، وما أغنى المجتمع عن فضول دعوتهم للتبرع وجمع المال، فإن ذلك حريّ بأن يفتح باب الشبهة، فضلًا عن تجاوزه للتوجيهات التي أمرت بها القيادة وجهات الاختصاص.
نريد مجتمعًا معافى بعيدًا عن كل مظاهر الصحوة وما يذكرنا بها وبآلامها وأدواتها وصناديق تبرعاتها وأساليبها الملتوية وسلب أموالنا بحجة التبرعات وإخواننا في الجهاد والضحك على سوادنا الأعظم بالبكاء والنحيب وقصص المجاهدين وخيالات الجنس والغيبيات، المساجد والمنابر وضعت لغرض محدد فلا نستغله.