أخبار

«كوفيد».. عدو القلوب!

دراسات تؤكد تزايد مخاطره على القلب.. حتى لدى المصابين بأخف أعراضه

أضحت أكشاك فحص كورونا معالم ثابتة في مدن الصين. (وكالات)

ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@

بعد الحديث عن التأثيرات التي تخلفها الإصابة بفايروس كورونا الجديد على الدماغ؛ جاء دور القلب. فقد تزايدت شكاوى عشرات الآلاف من البريطانيين الذين تعافوا من كوفيد-19 من أن الأعراض غادرتهم ليواجهوا مشكلات في القلب، خصوصاً تسارع ضربات القلب أحياناً إلى 170 ضربة في الدقيقة. والمعروف أن عدد نبضات القلب الطبيعي يجب أن يكون بحدود 60 ضربة في الدقيقة. ونتيجة لذلك التسارع يشعر المصاب بالإغماء، والتعرّق الشديد، وضيق التنفس، والفزع. وقد يؤدي الأمر إلى الجلطة. وفي بعض الحالات النادرة قد يؤدي إلى فشل القلب. ونقلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية عن الطبيب زاند فان تولكن أنه أصيب بتلك الحالة بعدما ظن أنه تعافى تماماً من إصابته بكوفيد-19 في مارس 2020. وقال إنه اضطر إلى الذهاب إلى قسم الطوارئ في المستشفى، حيث قام الأطباء باستخدام جهاز الصدمة الكهربائية لوقف القلب نهائياً، على أمل إعادة تشغيله مجدداً لتنتظم ضرباته بشكل طبيعي. وزاد أن الأطباء وصفوا له بعد ذلك أقراص بيزوبرولول (تسوق في السعودية تحت مسمى «كونكور»)، التي تقوم بتغيير رد فعل القلب تجاه المؤثرات العصبية، ما يؤدي لتخفيض عدد نبضاته. بيد أنها لم تجد فتيلاً لدى الدكتور زاند؛ ما اضطر الأطباء لوقف عمل القلب مراراً من خلال الصدمات الكهربائية. وبعد نحو عام من إصابته وتعافيه؛ عاد زاند للمستشفى في سنة 2021 للخضوع لإجراء ينطوي على استخدام سائل النتروجين المجمّد لـ «حرق» غشاء القلب، ما يحدث ندباً يخل بنشاط الإشارات الكهربائية التي تتسبب في خلل نبض القلب. وأوضح أن الإجراء استغرق نحو 90 دقيقة. ومع أن الدكتور زاند يشعر بأن تلك التدخلات الطبية جعلته يتعافى؛ فإن ملايين البريطانيين ممن رزئوا بالإصابة بكوفيد-19 لا يزالون يعانون من تلك العلة المُقْعِدَة. ويبلغ عدد المصابين في بريطانيا أكثر من 23 مليون نسمة، منهم مليونان أصيبوا بما يعرف بـ«كوفيد المزمن»، بحسب أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية التي نشرت في يونيو 2022. وتعتبر السلطات البريطانية أي شخص يعاني أعراض كوفيد-19 بعد أكثر من 4 أسابيع من إصابته بالفايروس مصاباً بكوفيد المزمن. وعادة ما تصاحب أعراض إصابة القلب جراء كوفيد-19 أعراض تشمل الشعور بالتعب الشديد، وضيق التنفس، وفقدان الشم، وضعف التركيز، وخلل في أداء القلب. وأشارت ورقة علمية نشرتها المجلة الطبية البريطانية في مارس 2022، بعد درس ملفات 47 ألف مصاب بكوفيد-19، إلى أن المصابين بكوفيد-19 يواجهون احتمال الإصابة بمشكلات في القلب ثلاث مرات أكثر ممن لم يصبهم الفايروس، خلال ثمانية أشهر من نقلهم للمستشفى. ولا تتوقف المسألة على المصابين الذين تم تنويمهم في المشافي؛ إذ إن دراسة أمريكية شملت استعراض سجلات 150 ألف أمريكي خلصت إلى أنه حتى من كانت إصابتهم خفيفة الأعراض يمكن أن يصابوا بتعقيدات خطيرة في القلب بعد تعافيهم من كوفيد-19. وكانت «عكاظ» أشارت أمس الأول إلى دراسة قادها استشاري مكافحة الأمراض المُعدية بجامعة واشنطن الدكتور زياد العلي خلصت إلى أن المصابين بكوفيد-19 يواجهون مخاطر الإصابة بنحو 20 حالة طبية، تشمل النوبات القلبية، والجلطات خلال الأشهر الـ 12 التالية لإصابتهم بكوفيد-19. وطبقاً لدراسة الدكتور العلي، فإن المصابين الذين تم إدخالهم وحدات العناية المكثفة يواجهون مخاطر الإصابة بالتهاب العضلة القلبية، ما يؤدي إلى تقليص قدرة القلب على ضخ الدم في الجسم، واحتمال الإصابة بجلطات في الرئة. وتزيد هذه المخاطر 20 مرة عما يمكن أن يواجهه من لم تتم إصابتهم بالفايروس.. ولكن حتى من أصيبوا ولم يتم تنويمهم في المستشفى يواجهون مخاطر الإصابة بحالات عدة، منها الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 8%، والإصابة بالتهاب عضلة القلب بنسبة تصل إلى 247%. وكان العلماء يعرفون أصلاً أن الالتهابات التنفسية، كالإصابة بالإنفلونزا، يمكن أن تسبب بمرض القلب، لأن الالتهاب يقوم بدور كبير في التسبب في أمراض القلب. غير أن الإصابة بكوفيد-19 تسبب بحدوث عدد أكبر من تلك الحالات، حتى لو كانت الإصابة بكوفيد-19 خفيفة جداً. ولكن لماذا؟ يرجح علماء أن السبب في ذلك هو البروتين «المسماري» على ظهر الفايروس، الذي يستخدمه الفايروس في غزو خلايا الإنسان. فهو يمكن أن يتسبب في إحداث التهاب في غشاء القلب، قد يكون من الشدة بحيث يحدث ضرراً شديداً في غشاء القلب.

دراسات لمعالجة فقدان حاسة الشم

ذكرت المجلة الطبية البريطانية في دراسة شنرت في يوليو 2022 أنه على رغم أن فقدان الشم بعد الإصابة بكوفيد-19 قد يستغرق ما لا يقل عن ستة أشهر؛ فإن حاسة الشم قد لا تعود لما كانت عليه بشكل كامل. ورجحت أن ذلك يعزى إلى أن الإصابة بالوباء تتسبب في التهاب الغشاء الأنفي. كما أن علماء آخرين يرجحون أن السبب يتمثل في تضرر الأعصاب نتيجة الإصابة بكوفيد-19. ويعكف علماء أمريكيون على تطوير «أنف روبوتية»، يتم غرسها في الأنف لتقوم بالتقاط إشارات الشم وإرسالها للدماغ. كما يقوم الدكتور دانيال كويلهو، المحاضر بجامعة فيرجينيا كومونويلث الأمريكية بابتكار جهاز يأمل بأن يتخطى نظام الشم العادي لإرسال إشارات الشم إلى الدماغ ليقوم بدوره بمعالجتها. ويعكف البريطاني كارل فيلبوت، المحاضر بجامعة إيست أنجيليا، على استخدام قطرات أنفية من فيتامين (أ)، على أمل أن تساعد عملية الشفاء الطبيعي لخلايا الشم في غشاء الأنف الداخلي. وأكدت دراسة نشرتها مجلة الدراسات الأوروبية أن 37% ممن تمت معالجتهم بفطرات فيتامين (أ) تمكنوا من استعادة حاسة الشم. ويقول الدكتور فيلبوت إنه سيجرب العلاج بهذه القطرات على 38 شخصاً، على مدى 12 أسبوعاً، ويأمل بالحصول على نتائج نهائية بحلول مطلع 2023. ويرى علماء آخرون أن علاج فقدان حاسة الشم جراء الإصابة بكوفيد-19 لا يتم إلا من خلال الاستعانة بالخلايا الجذعية، بحسب الصيدلاني غراهام واين عضو المجلس الاستشاري العلمي لمؤسسة «الحاسة الخامسة»، وهي جميعة خيرية متخصصة في معالجة خلل حاستي الشم والذوق. وقال واين إن النظام الطبيعي في جسم الإنسان لديه آلية يقوم من خلالها باستبدال خلايا غشاء الأنف التي تصاب بالتلف. بيد أن تلك الآلية تصاب هي نفسها بالتلف عند من يصابون بكوفيد-19.