اقتصاد

واقع الثروة العقارية

عايد الهرفي ‏aiyd2012@

استكمالا لما تحدثت عنه في مقالي السابق عن أهمية الثروة العقارية عموما وأهميتها بالنسبة لرؤية المملكة 2030، خصوصا لما بينهما من تلازم وثيق؛ يجدر بنا الحديث في هذا المقام عن واقع الثروة العقارية في المملكة من حيث الأصل، وواقعها في ضوء ما تواجهه من تحديات وتتطلبه من إصلاحات؛ للنهوض بها كداعم إستراتيجي لرؤية المملكة ومورد قوي للاقتصاد الوطني.

لا تخفى مكانة المملكة اقتصاديا من حيث تنوع الثروات سواء في مجال النفط والطاقة أو المعادن وغيرها، وما شهدته من نهضة تنموية شاملة في جميع مجالات الحياة والاقتصاد، ونظرا لمساحة المملكة الشاسعة وتعدد المناطق والمدن وتنوع التضاريس والمناخ؛ يمكننا القول إن المملكة تمتلك ثروة عقارية ضخمة لا تقل أهمية عن بقية الثروات الإستراتيجية من حيث الاستثمار والسياحة والصناعة والتجارة، ولا توجد دولة في محيطنا الإقليمي تمتلك ثروة عقارية بهذا الحجم الذي تمتلكه المملكة.

وهذا الأمر يجرنا إلى السؤال عن مدى فعالية هذه الثروة وإنتاجيتها ومساهمتها في الاقتصاد الوطني، فمن واقع تخصص وخبرة في المجال العقاري أرى أن مردود هذه الثروة على الاقتصاد الوطني أقل بكثير مما هو طبيعي ومأمول في ضوء الفرص الكبيرة التي يمكن استغلالها.

فإذا كانت قطاعات الطاقة والنفط والغاز تشكل ثلثي موارد الاقتصاد الوطني؛ فإن الثروة العقارية يجب أن تعود على الاقتصاد الوطني بما نسبته الثلث إن لم يكن النصف من إجمالي الموارد، خصوصا في ظل خطط ومشاريع رؤية المملكة 2030 وما أعلن عنه ولي العهد من مشاريع تنموية اقتصادية واستثمارية جبارة؛ التي تستهدف إنعاش قطاع السياحة والصناعة والاستثمار.

ومن خلال خبرتي واطلاعي على الأرقام وقضايا الأراضي والعقارات يمكنني القول إننا أمام ثروة عقارية ضخمة تقدر بمئات المليارات توازي الثروات الأخرى أهمية ومساهمة في تنوع مصادر الدخل كأحد مستهدفات رؤية 2030؛ في حال تمت العناية بهذه الثروة.

وبالنظر إلى الأرقام والقضايا المتعلقة بالأراضي والعقارات في المملكة يتضح أنها تعاني من أمور لا تصب في صالح تحقيق الأمن العقاري بالمستوى المأمول الذي يليق بمكانة واقتصاد المملكة، مثل:

1- كثرة القضايا العقارية في الجهات العدلية؛ مما يسبب في إلغاء الصكوك وتقليل قيمتها وأمانها، بسبب ضبابية بعض الأنظمة واللوائح والإجراءات وعدم التوافق والتنسيق بين جهات عدة، وعدم وجود إجراءات واضحة وموحدة لإلغاء وإيقاف الصكوك مما يضر بالأمن العقاري ويبطئ عجلة التنمية.

2- ارتفاع أسعار الأراضي والفجوة بين العرض والطلب؛ لأسباب عدة مثل كثرة إيقاف الصكوك وإلغائها، وعدم تطبيق أوامر وقرارات صادرة من جهات عليا وغير ذلك.

وعودا على بدء يمكننا القول إن المملكة تمتلك ثروة عقارية ضخمة تواجه تحديات عدة تحد من مساهمتها في الاقتصاد الوطني، ما يعني أنها بحاجة ماسة للإصلاح والتجديد والتطوير في الجهات المعنية سواء العدلية أو التنفيذية لتواكب مستهدفات رؤية 2030 والمتطلبات.

وفي مقالي القادم سأتطرق لحلول وأفكار أراها في غاية الأهمية لإيجاد الحلول والنهوض بهذه الثروة.