كتاب ومقالات

كيفية جعل رابطة العالم الإسلامي تفوز بجائزة نوبل

بشرى فيصل السباعي

لاشك أن رابطة العالم الإسلامي وقيادتها تعتبر الواجهة الدولية للهوية والمكانة الدينية الاستثنائية للسعودية؛ فمقرها مكة المكرمة، وأمينها العام هو الدكتور محمد العيسى الذي سبق أن شغل منصب رئيس للمجلس الأعلى للقضاء بالسعودية، ومنصب وزير للعدل وهو عضو بهيئة كبار العلماء بالسعودية. وبمناسبة الإعلان عن جائزة نوبل للسلام لهذه السنة، ورغم كثافة المبادرات المعنوية والرسمية والفكرية التي قامت بها رابطة العالم الإسلامي خلال السنوات الأخيرة باتجاه العالم لماذا لم يحصل ترشيح لها لنيل جائزة نوبل للسلام أسوة بمؤسسات لها هوية اعتبارية مشابهة تم ترشيحها وبعضها فاز بجائزة نوبل مما منحها ثقلاً دولياً ما كان يمكنها أن تحظى به عبر أي شيء آخر سوى نيل هذه الجائزة، السبب هو أن جائزة نوبل للسلام تمنح عادة فقط على المساعي العملية الميدانية ذات التبعات السياسية والأمنية المباشرة، ولذا المبادرات التي يمكنها أن تضمن حصول رابطة العالم الإسلامي وقيادتها على جائزة نوبل تشمل التالي:

* إنشاء لجان من الفقهاء يسافرون للمناطق التي تفرض فيها سياسات دينية غير صائبة لإقناع المسؤولين الدينيين مباشرة بالحجج الدينية بعدم صحة اجتهاداتهم كمنع تعليم البنات بأفغانستان والمناطق القبلية الحدودية في باكستان، وبدعة منع خروج النساء من البيت بدون محرم فامتلأت السجون بالنساء بأفغانستان بسببها، فللأسف يسود اضطهاد النساء بالمجتمعات المسلمة بغطاء ديني مثل ما يسمى «الزواج بالقرآن» المنتشر بشبه القارة الهندية لعضل النساء عن الزواج، وفي العراق وسوريا والأردن وأفغانستان وغيرها ينتشر تقليد إهداء البنت ككفارة عن اقتراف قريبها جريمة بحق القبيلة والعشيرة الأخرى فيتفننون بالانتقام منها وتعذيبها وامتهانها طوال حياتها، والأحكام القبلية بمنطقة القبائل التي تزعم تطبيق الشريعة بباكستان تعاقب مجرد تكليم ذكر من العشيرة الأخرى لبنت من عشيرتهم بالاغتصاب العلني الجماعي لأخته وإجبارها على السير عارية عبر القرى، وقوانين تزويج ضحية الاغتصاب من مغتصبها بدل معاقبته، وتقليد اختطاف العرائس بالقوقاز وباكستان والهند لإجبارهن على الزواج، وأيضا تصحيح التفسير التقليدي لآية (واضربوهن) وأنها لا تعني الضرب المادي للمرأة إنما تعني اعتزال البيت؛ كما قال بذلك عدد من الفقهاء المعاصرين وسنة النبي العملية مع زوجاته. أيضا الشيخ الألباني أحد أبرز أعلام التيار السلفي والحديث ألّف كتاباً يثبت عدم وجوب تغطية الوجه للمرأة بعنوان «الرد المفحم، على من خالف العلماء وتشدد وتعصب، وألزم المرأة بستر وجهها وكفيها وأوجب». بينما هناك نساء يتعرضن للقتل لأن هذا الرأي الفقهي غير مشهور، أيضا عدم وجوب لبس اللون الأسود للنساء فقد ثبت أن زوجات النبي كن يلبسن اللون «المعصفر» أمام الناس؛ وهو درجات اللون الأحمر والأصفر والبرتقالي، بينما تحرم المسلمات من التعليم والعمل، وبالتالي يعانين العوز ببعض الدول لإصرارهن على لبس عباءة سوداء وتغطية الوجه لأنه قيل لهن إنها واجبة وأخفي عنهن الحكم الحقيقي، وتزويج القاصرات الذي يسبب موت 8 قاصرات يومياً باليمن ليلة العرس وما بعدها وكثرة الإجهاض وموت وتشوه الأجنة؛ لأن الزوجة لم يكتمل نمو جهازها التناسلي، أين سد الذرائع بهذا القتل اليومي للصغيرات؟ لذا يجب محاججة المشيخات المحلية بشكل شخصي مباشر من قبل فقهاء يفتحون عقولهم على الآراء التي تنصف الإناث وتثبت حرمة تلك الممارسات الجاهلية التي غالباً تقوم على تنفيذها المشيخة المحلية، ومحاججة القيادات الدينية التي أصدرت فتاوى أدت لكوارث بالمجتمعات المسلمة كفتوى عدد من المشيخات الإسلامية في نيجيريا وباكستان وأفغانستان واليمن بتحريم التطعيمات التي تعطى للأطفال منذ قرن، مما أدى لعودة وبائية لأمراض كانت قد انقرضت كشلل الأطفال الذي يخلق جيلاً من المعاقين. وفتاوى تحريم تعليم أي شيء غير القرآن كالمواد العلمية الحديثة الرياضيات والطب والفيزياء والهندسة، مما أدى لتفجير المدارس والجامعات لتدريسها لها كما تفعل جماعة «بوكوحرام» واستحلال الاختطاف شبه اليومي والسبي والاستعباد الجنسي لطالبات المدارس المسلمات حتى بالابتدائية لتكفيرهن بسبب دراسة العلوم الحديثة.

* تبني معالجة الظواهر الأمنية بالمجتمعات الإسلامية بشكل ميداني يخلق منها نموذجا يحتذى به، وعلى سبيل المثال لمعالجة القرصنة البحرية بالصومال يمكن عمل لجان مناصحة للقراصنة بحرمة ما يفعلونه ومنحهم البديل مع العلم أن دافعهم ليس التطرف والإرهاب إنما يبررون قرصنتهم بأن نشاط سفن الصيد التجارية الدولية العملاقة بالشواطئ الصومالية قطع رزقهم من الصيد فيمكن منحهم البديل بمزارع السمك أو عمل اتفاقيات تعاون بين السكان المحليين وسفن الصيد الدولية، أيضا تبني استصلاح منطقة أو حي بغالبية مسلمة بالغرب معروف بكثافة الجريمة والمخدرات لكونهم مهمشين بلا تأهيل ولا عمل، فيتم توفير التأهيل والإصلاح السلوكي والاجتماعي ليصبح حياً نموذجياً.

* تعميم فكرة لجان «إصلاح ذات البين» للإصلاح محلياً بين المجتمعات المتحاربة أهلياً وهي أقدر على الإصلاح من المبعوثين الدوليين لأن المجتمعات التقليدية تجدي معها الوسائل التقليدية، فهناك وباء في أفريقيا للاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين وبعضها صارت منظمة وتحولت لجماعات إرهابية وأصلها أحداث عادية كمشاكل على الماشية أو جريمة جنائية عادية تم إلباسها طابع طائفي وثأري فيمكن إنهاء العداوة والاشتباكات الثأرية بالطرق التقليدية كدفع دية للضحايا، ومنح تعويضات للمتضررين، والحكومة الأمريكية لديها برنامج حكومي تطوعي يسمى «Peace Corps-كتائب السلام» يقوم بمثل دور لجان إصلاح ذات البين وكثير من المسؤولين الأمريكيين يبدأون طريقهم في الشأن العام بالتطوع للابتعاث في مناطق الصراعات ضمن هذا البرنامج لتدريب وتأهيل لجان محلية دائمة لحل النزاعات سلميا.

* الإرهاب بالجزائر تسعينات القرن الماضي كان أكثر شراسة وتوحشاً من داعش لكنه توقف بالكامل بين ليلة وضحاها بسبب تداخل مشايخ أرسلوا لتلك الجماعات تسجيلات فيها حجج إقناعهم بحرمة ما يفعلونه مع حافز برنامج العفو والمصالحة الحكومي، ويمكن تعميم هذا النموذج للمناصحة المباشرة للجماعات الإرهابية الإسلامية.

* إنشاء مدارس داخلية أي تتضمن السكن الدائم للصغار الذين جندتهم الجماعات الإرهابية لإعادة تأهيلهم نفسياً وسلوكياً وعقائدياً.

* القيام بجهود وساطة على الأرض للإفراج عن الرهائن لدى الجماعات الإسلامية الإرهابية.

* إنتاج مواد توعوية إعلامية وفنية تساهم بنزع فتيل التأزم بين الأقليات المسلمة ومجتمعاتهم المحلية كما هو حاصل حالياً بالهند لتغيير تجاه الإسلاموفوبيا وشيطنة المسلمين بإشهار قصص حقيقية لتفاني المسلمين بنفع مجتمعهم الأكبر ونشر الحقائق المضادة للخطاب التحريضي لدى كل الأطراف عبر مواد مؤثرة عاطفياً.

* القيام بجهود وساطة مباشرة على الأرض للتوفيق بين الحكومات والأقليات المسلمة لتسوية الخلافات، مما سيحرم الجماعات الإرهابية من التحجج باضطهاد الأقليات المسلمة لتجنيد الاتباع بينما هي التي تستجلب عليها الاضطهاد بسبب الإرهاب.

* إقامة حاضنات تنموية في بؤر الهجرة غير الشرعية العربية والإسلامية، والدول الغربية ستكون على استعداد لتمويلها، وجميع الإجراءات الإصلاحية لا تتطلب سوى جهة تنسيقية وسيطة وهذه هي الحلقة المفقودة.

* استثمار الحج لمحاربة الظواهر السلبية؛ في دراسة لثلاثة أساتذة من جامعة هارفرد على تأثير الحج على عينة من الحجاج الباكستانيين للفترة 2006-2008 بعنوان «Estimating the Impact of the Hajj:Religion and Tolerance in Islam Global Gathering» تبين أن الحج أدى للنتائج التالية: «زاد الاعتقاد بالمساواة والتناغم بين الجماعات العرقية والمذهبية المختلفة، أدى لتحسن النظرة للمرأة والسلوك تجاهها وزاد تقبل تعليمها وعملها.. وأدى الحج لزيادة الإيمان بالسلام والمساواة والتناغم مع بقية الأديان المختلفة». وهذه النتائج الإيجابية حصلت حتى بدون وجود برامج منظمة لتصحيح المفاهيم.

* توزيع مواد تقدم الفهم الصحيح للإسلام، فحسب دراسة للأمم المتحدة تحت إشراف «إلزبييتا كارسكا» التي تترأس الهيئة الأممية المختصة بالمرتزقة ومن في حكمهم «10/‏‏ يوليو/‏‏2015»، فالتونسيون مثلوا النسبة الأكبر من المنضمين للجماعات الإرهابية الإسلامية، وأيضاً توصلت دراسة لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى «ديسمبر/‏‏2018» لذات النتيجة، والسبب غياب التعليم الديني بتونس، مما أفقدهم القدرة على تمييز الإسلام الحقيقي المضاد للنسخة الإرهابية والتكفيرية التي يحسبها من يريدون التدين أنها الإسلام الصحيح لجهلهم الديني.