كتاب ومقالات

«أهم اختراع !»

حسين شبكشي

منذ ما يقارب العقدين من الزمن قامت مجلة «تايم» الأمريكية العريقة بإصدار عدد خاص عن أهم اختراع في تاريخ البشرية، تطرقت فيه إلى العديد من الاختراعات المهمة والبديهية مثل اللمبة الكهربائية، المخدر الطبي (البنج)، التلفاز، السيارة، الطائرة وغيرها، ولكن فريق تحرير المجلة، يصاحبه نخبة من مختلف الخبراء في مجالات متنوعة، قرر أن كرسي المرحاض هو أهم اختراعات الإنسان، نظراً لقيمته العظيمة والهائلة في إحداث نقلة نوعية في جودة حياة البشر.

وطبعاً نال هذا الاختيار كماً غير بسيط من التفاعل الساخن ما بين مؤيد ومعارض، ولكل فريق حجته بطبيعة الحال.

وأعتقد جازماً أنه لو أعادت المجلة طرح سؤالها وبالتالي بحثها المعمق عن أهم اختراعات الإنسان سيكون الجواب هو الهاتف المحمول، وذلك بسبب تأثيره اللا محدود على حياة معظم الناس دون استثناء حول العالم.

تأثير الهاتف المحمول يتزايد بشكل واضح، فهو قضى على وظائف تقليدية مثل وكيل السياحة والسفر والصراف البنكي والمعقب، وذلك بسبب التطبيقات والبرامج الإلكترونية التي تتيح تنفيذ مختلف العمليات عن طريق الهاتف المحمول.

وتزداد مساحة الهاتف المحمول في حياة البشر، وهو يحدث انقلاباً أسطورياً في عالم الإعلام والترفيه ليكون تهديداً وجودياً في منتهى الأهمية والجدية للصحف والمجلات والتلفزيون ودور السينما؛ لأن كل هذه الوسائل المختلفة ستعتمد على الهاتف المحمول ليكون منصتها الرئيسية في نشر وبث محتواها.

على الصعيد الشخصي، عشت أثر الهاتف المحمول الذكي الذي أطلقه العبقري الأمريكي ستيف جوبز، فهو قضى على ٣ من هواياتي، فلقد كنت أهوى جمع الأقلام ولم نعد نكتب بها بعد أن تحول كل شيء بالطباعة الإلكترونية، كنت أهوى جمع الكاميرات للتصوير حتى أجبرتنا كاميرات الهاتف المحمول بمزاياها الهائلة وجودتها المميزة على الاستغناء عنها، كنت أيضاً أحب ساعات اليد، ولكن الهاتف المحمول بساعته العملية جعلت من الساعة إكسسواراً للأناقة بدلاً من كونها أداة لقياس الوقت.

الهاتف المحمول أصبح هويتك، وأرشيفك، وبنكك، ومتجرك، ومكتبك، وترفيهك، وتثقيفك، وإعلامك، والقادم مذهل أكثر، خصوصاً مع التسريبات عن الإضافات المنتظرة في تقنية الهاتف المحمول مستقبلاً، والذي سينقل الهاتف إلى أداة للتخاطب مع أفكار الإنسان ونقلها وترجمة حرفية فورية للتخاطب بين أمم وشعوب العالم وطبيب آلي قادر على تشخيص سريع لأي علة صحية تصيب صاحبه. الهاتف المحمول لم يعد اختراعاً، ولكنه تحول إلى أسلوب للحياة.