كتاب ومقالات

المملكة ليست ورقة انتخابية أمريكية

حمود أبو طالب

جاء في مجلة نيوزويك مؤخراً: «السعوديون شعب فخور جداً بنفسه. لم يتم استعمارهم أبداً، وهم يرون أنفسهم مؤسسين وراعين لإحدى أهم الديانات في العالم. إن السعي إلى معاقبة دولة مستقلة مالياً وواثقة من نفسها من المرجح أن يأتي بنتائج عكسية. يتطلب الموقف الحكمة والبراغماتية».

يأتي هذا القول في خضم التجاذبات الشديدة التي تحدث في المشهد السياسي الأمريكي بين أقطاب الحزبين الديموقراطي والجمهوري قبل الانتخابات النصفية التي يتم قبلها استخدام المعقول واللا معقول من التصريحات والوعود والمواجهات واستخدام كل الكروت المتاحة سعياً للفوز بها، وللأسف فقد أصبحت المملكة ضمن الأوراق المهمة التي يريد الديموقراطيون تضليل الشعب الأمريكي باستخدامها بعد قرار أوبك بلس تخفيض إنتاج النفط، وفضيحة الرئيس بايدن بطلبه تأجيل التخفيض إلى ما بعد شهر الانتخابات النصفية.

البعض من السياسيين الأمريكيين المنفصلين عن الواقع والبعيدين عن حقائق المتغيرات العالمية ينظرون إلى دول العالم وكأنها دمى يمكن لواشنطن تحريكها متى وكيف تشاء، يستخدمون هذا الوهم عندما تحل بهم أزمة أو تمر بلادهم بمشكلة أو يتورطون في فضائح سياسية تهز مواقعهم، وللأسف أيضاً هؤلاء لهم إعلامهم الذي يكرس هذه الصورة البغيضة الخاطئة المضللة، وقد نالت المملكة ما نالته من هذا الإعلام السيئ.

في المقابل هناك طرح إعلامي بعيد نوعاً ما عن هذه التجاذبات، يقترب إلى حد ما من الحياد والموضوعية، ربما يمثله رأي النيوزويك الوارد في بداية المقال. نعم المملكة دولة مستقلة سياسياً ومالياً وواثقة من نفسها، وشعبها فخور بها، ليس هذا فحسب بل إن الساسة التنفيذيين والتشريعيين الأمريكيين والإعلام الأمريكي بكل توجهاته يعرفون جيداً أن المملكة تقود روحياً أكثر من مليار ونصف مليار مسلم، وأنها قوة مؤثرة في الاقتصاد والطاقة عالمياً، وأنها في مرحلتها الراهنة تقود انسجاماً وتناغماً في مواقف الدول العربية تجاه القضايا العالمية، ولديها شراكات مع بقية الأقطاب الكبرى في العالم.

مفردة العقاب في حد ذاتها سخيفة لا يصح استخدامها في قاموس العلاقات بين الدول الصديقة، لا سيما ذات العلاقات الإستراتيجية الطويلة والشراكات القوية والتعاون الذي يحفظ السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. وعلى ساسة أمريكا ألا ينحدروا إلى هذا المستوى من الخطاب الرديء، أو يؤثروا على استمرار واستقرار علاقة أمريكا بأهم حليف موثوق في المنطقة العربية، لم ولن يكون تابعاً لأحد في قراراته السيادية.