كتاب ومقالات

سياسة الإنجاز

أسامة يماني

يرى علماء السياسة والاجتماع أن هناك فرقاً بين العمل السياسي والفكر السياسي. فالعمل السياسي قد لا يكون سوى منفذ بسيط لأفكار جاء بها سواه. في حين أن الفكر السياسي ملاحظة، عقلنة، برمجة وتطوير. ولا شك أن الفكر السياسي من الخصائص الملازمة للإنسان. والإنسان وحده «سياسي» لأنه يجدد اجتماعياً، ولأنه مجدد فهو متطور متغير.

لقد استطاعت المملكة العربية السعودية أن تحوز على إعجاب وتقدير العالم من خلال ما أسميه سياسة الإنجاز، وذلك من خلال العمل الجاد لتحقيق النجاح. فالقيادة السعودية تنطلق من أيديولوجية الإنجاز. وأثبتت الأحداث وجود فكر سياسي مجدد ومتطور ومتغير. تقول وكالة أسوشيتد برس: «أصبحت دول عديدة تسعى وراء الاستثمارات السعودية. وخلال الأيام الماضية سجلت السعودية أسبوعاً حافلاً بالانتصارات والإنجازات، في مقدمتها التوسط في تبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا، وعقد قمة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة».

والسعودية تعمل على تنويع خياراتها وارتباطاتها سياسيا واقتصاديا وعسكريا وكل ذلك يصب في سياسة الإنجاز. وقد نشرت بعض الصحف عن رئيس جنوب أفريقيا قوله: «أعرب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن رغبة المملكة العربية السعودية في الانضمام إلى مجموعة بريكس». وتجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية ليست الدولة الوحيدة التي تسعى إلى عضوية (بريكس). وهذه التوجهات تظهر مدى انخراط المملكة العربية السعودية في فتح آفاق جديدة وواعدة. مجموعة «بريكس» تأسست في 2006، وهي اختصار للأحرف الأولى باللغة الإنجليزية لأسماء الدول المكونة للمنظمة (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا). وتعتبر مجموعة بريكس صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم. وتشكل 25 % من إجمالي الناتج العالمي و26 % من مساحة الأرض.

إن سياسة الإنجاز كانت خلف إعادة الحياة والفعالية لمنظمة أوبك وتحقيق نجاحات كبيرة واستقراراً لسوق النفط من خلال تحالف أوبك بلس. إن إطلاق الإستراتيجية الوطنية للصناعة ستحوّل المملكة إلى مركز لصناعة وتصدير المنتجات العالية التقنية. حددت 25 توجهاً عالمياً مثل الثورة الصناعية الرابعة وتوجهات الدول مثل مستهدفات الكربون الصفري والتحديات التي تواجه سلاسل الإمداد العالمية. وقد سبقها برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية مطلع العام 2019، إيماناً بأهمية القطاعات الأربعة (الطاقة، التعدين، الصناعة، والخدمات اللوجستية) وتكاملها لتحقيق قيمة مضافة وتعظيم الأثر الاقتصادي وتنويعه وخلق بيئة استثمارية جاذبة.

سياسة الإنجاز على صعيد العلاقات الدولية جعلت السعودية محطة لكبار الزوار من رؤساء الدول الكبرى والصديقة. إن المواقف الصديقة في وجه الحملة التي تشنها الإدارة الديمقراطية المتطرفة دليل آخر على نجاح مكانة السعودية. ومثال على ذلك ما قاله وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو: خفض إنتاج النفط لن يكون عبر تهديد المملكة العربية السعودية، وهو ما قد استنكره العديد من الدول الإقليمية والصديقة.

سياسة الإنجاز على الصعيد المحلي أخرجتنا من سطوة أهل الغفلة والكراهية والظلامية، واستطاعت أن تعيد الحياة والتطور والنمو والنور من جديد على الرغم من القوى المعادية داخلياً وخارجياً.

إن الرؤية أحد أهم ما حققته سياسة الإنجاز على الصعيد المحلي، التي قامت على فكر سياسي متطور ومجدد يبث النشاط والحركة في كل قطاعات الدولة.

إن الزخم والحركة والتطوير والتغيير هو ما يميز سياسة الإنجاز التي دائما تعدل المسار لتصحح الأخطاء أو القصور وتراعي احتياجات الوطن بشرقه ووسطه وغربه وجنوبه وشماله وكل جزء فيه. إن النجاح وليد سياسات متوازنة محفزة تبنى على عناصر القوة للدولة، ونتطلع دائماً أن تكون إلى الأمام في سياسة الإنجاز داخلياً وخارجياً.