«أفاعي» حماس تراقص الأسد
من المتاجرة بالقضية إلى الارتماء في أحضان نظام دمشق
السبت / 04 / ربيع الثاني / 1444 هـ السبت 29 أكتوبر 2022 23:36
عبدالله الغضوي (إسطنبول) Abdullah Alghdwi@
ليس لدى السوري اليوم شيء سوى التاريخ، هذا التاريخ المؤلم الذي تحول إلى كابوس أمام عينيه وهو يرى في كل يوم حين يرتمي من كان يظن أنهم «الأصدقاء» في أحضان القتلة، يراجع هذا الشعب حساباته ودفاتره القديمة، ولا يرى فيها سوى المعروف الذي ذهب أدراج الريح، بينما يرد «الأصدقاء» بالغدر وطعنات السكاكين، لا شيء يروى في مسيرة دجل «حماس» سوى ما قاله الشاعر «وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند».
كان الشباب السوريون في كل جمعة يتدفقون إلى مسجد «الفتح» الكائن في حي المزة، للاستماع إلى كلمات زعيم الحركة خالد مشعل - آنذاك - حول مفاهيم الظلم والقتل والإذلال التي تمارسه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وحقاً انطلت على السوريين سردية حماس، بعيداً عن القضية الفلسطينية المحقة في سياقها التاريخي والإنساني والعروبي، لكن حماس كان لها الحصة الأكبر من ثقة الشعب السوري، لقد حمل السوريون مثل كل الشعوب العربية القضية الفلسطينية على كاهلهم طوال عقود من الزمن، لكن في كثير من المواقف لم تكن الحركات الفلسطينية إلا مع نفسها بكل أنانية وبراجماتية رخيصة، كما تفعل حماس اليوم!
«بزنس» الحركة السياسي
يحكى أن نساء سوريات، حين نجحت حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006 بعن ذهبهن من أجل دعم الحركة وتقديم الأموال للحكومة التي كانت ترأسها، ناهيك عن تجار دمشق الذين أغدقوا على الحركة بالأموال دعماً للقضية الفلسطينية، كان الوجدان السوري ولا يزال ينبض بالقضية، بينما كانت القضية بالمفهوم الحمساوي تنبض بالقلب الإيراني، وما هي إلا «بزنس» سياسي، تسقط حسابات الشعوب عند أول اختبار، كما حدث في لقاء وفد حماس مع بشار الأسد في التاسع عشر من أكتوبر الجاري. في القراءة السياسية ليس مفاجئاً ارتماء حماس في أحضان النظام السوري، وليس مستغرباً أيضاً تحول الحركة المزعومة من محور مناصرة الشعوب إلى محور قهر الشعوب، ذلك أن حماس ولدت من أجل خدمة الأجندات الإقليمية، وما الدور ضد إسرائيل إلا وظيفة لا يمكن لها أن تقوم من دون موافقة اللاعب الرئيسي والمعلم السياسي المتمثل بنظام الأسد والنظام الإيراني!
الحية والأسد وجهاً لوجه
كان مشهد زيارة خليل «الحية» - ولكل امرئ من اسمه نصيب - إلى دمشق واللقاء بالأسد في القصر الجمهوري صادماً للكثير من السوريين الذين انطلت عليهم إسطوانة حماس «المقاومة» على مدى عقود، الصدمة الأكبر أن هذه الزيارة سحقت الدم الفلسطيني الذي أهرقته آلة النظام السوري في مخيم اليرموك ومجزرة التضامن في المخيمات الأخرى، ما تزال كلمات القاتل في مجزرة التضامن وهو يؤكد جنسية الضحية قائلاً «أنت فلسطيني».. لتنهال على جسد الضحية الرصاصات ويهوي في حفرة الموت، ما تزال هذه الكلمات خالدة في الضمير الإنساني فقط وليس ضمير حماس.. ضربت حماس بدماء الفلسطينيين عرض الحائط لتحبو إلى الأسد بأوامر إيران..
وإذا افترضنا الرواية الحمساوية، بأن نظام الأسد وإيران هما محور المقاومة ضد إسرائيل في المنطقة، فدعنا نسأل أين هذه المقاومة الإيرانية والسورية ضد إسرائيل وطائرات سلاح الجو الإسرائيلي تقصف بين الحين والآخر كل المقرات السورية والإيرانية؟! أين هذه المقاومة التي يسوق لها محور (النظام السوري وإيران وحزب الله وحماس)، ضد الضربات الإسرائيلية؟!
المتاجرة وقواعد اللعبة القذرة
الفكرة الأساسية التي أكدتها حماس، أن صناعة المحور الإيراني السوري في المنطقة لا يمكن أن تخرج عن السيستم السياسي الأمني، الذي يترأسه النظام السوري والإيراني ويقول هذا السيستم، إن كل هذه الحركات ما هي إلا أدوات لا يمكن أن تخرج عن الخطة في زعزعة الأمن والاستقرار، وبالتالي لا يمكن قراءة عودة حماس إلى أحضان النظام السوري إلا من خلال فهم قواعد اللعبة القذرة بين هذه المنظومة، أما موقف حماس التكتيكي من الوقوف إلى جانب الشعب السوري ما هو إلا نوع جديد من المتاجرة بقضايا الشعوب، وحين تبين أن الشعوب أفلست من قضية التحرر من الديكتاتوريات، سارعت حماس فوراً إلى الاصطفاف مع الرابح وهو الديكتاتور، وإلا كيف يمكن تفسير إهانة النظام السوري لحماس علناً على لسان مستشارة الأسد بثينة شعبان، بوصفها بـ«الحركة الغدارة»، ولم يمض شهران إلا وخليل الحية يتراقص في القصر الجمهوري في دمشق مع بشار الأسد.
من رفع علم الثورة إلى القصر
نظام الأسد نفسه الذي قتل الآلاف من الشعب الفلسطيني في سورية وكانت مجزرة التضامن التي قتل فيها فلسطينيون وصمة عار على النظام السوري، وبعد لقاء «الحية» بالأسد أصبحت عاراً على الحركة أيضاً، وهي التي تجاهر بكرامة وحرية الشعوب.
في الثامن من ديسمبر العام 2012، وعلى منصة داخل مدينة غزة، وخلال الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاق «حماس»، وقف رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل، ورئيس المكتب الحالي إسماعيل هنية، أمام حشد من المئات ورفعا علم الثورة السورية، ليكون إعلاناً واضحاً بقطع العلاقات مع النظام السوري والوقوف إلى جانب المتظاهرين السلميين.
وفي التاسع عشر من أكتوبر عام 2022 يتراقص نائب حماس خليل «الحية» في القصر الجمهوري في دمشق أمام الأسد، متناسياً كل الشعارات الوهمية وتضحيات الشعب السوري من أجل قضية فلسطين التي جمعت العالم العربي، ليكون الخنجر المسموم في تضحيات الشعوب ومشاعرها.
ليس لدى السوري في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه إلا أن يفضح المنافقين والمتاجرين بقضايا الشعوب وينسف كل التاريخ الذي تربى عليه من شعارات الوهم والخداع، ويراجع دفاتره القديمة كالتاجر الخاسر في تجارته، أما مصير حماس في هذه التحالفات فلن يتعدى مصير ياسر عرفات، الذي باعه النظام السوري ليحكم قبضته على الورقة الفلسطينية.
كان الشباب السوريون في كل جمعة يتدفقون إلى مسجد «الفتح» الكائن في حي المزة، للاستماع إلى كلمات زعيم الحركة خالد مشعل - آنذاك - حول مفاهيم الظلم والقتل والإذلال التي تمارسه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وحقاً انطلت على السوريين سردية حماس، بعيداً عن القضية الفلسطينية المحقة في سياقها التاريخي والإنساني والعروبي، لكن حماس كان لها الحصة الأكبر من ثقة الشعب السوري، لقد حمل السوريون مثل كل الشعوب العربية القضية الفلسطينية على كاهلهم طوال عقود من الزمن، لكن في كثير من المواقف لم تكن الحركات الفلسطينية إلا مع نفسها بكل أنانية وبراجماتية رخيصة، كما تفعل حماس اليوم!
«بزنس» الحركة السياسي
يحكى أن نساء سوريات، حين نجحت حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006 بعن ذهبهن من أجل دعم الحركة وتقديم الأموال للحكومة التي كانت ترأسها، ناهيك عن تجار دمشق الذين أغدقوا على الحركة بالأموال دعماً للقضية الفلسطينية، كان الوجدان السوري ولا يزال ينبض بالقضية، بينما كانت القضية بالمفهوم الحمساوي تنبض بالقلب الإيراني، وما هي إلا «بزنس» سياسي، تسقط حسابات الشعوب عند أول اختبار، كما حدث في لقاء وفد حماس مع بشار الأسد في التاسع عشر من أكتوبر الجاري. في القراءة السياسية ليس مفاجئاً ارتماء حماس في أحضان النظام السوري، وليس مستغرباً أيضاً تحول الحركة المزعومة من محور مناصرة الشعوب إلى محور قهر الشعوب، ذلك أن حماس ولدت من أجل خدمة الأجندات الإقليمية، وما الدور ضد إسرائيل إلا وظيفة لا يمكن لها أن تقوم من دون موافقة اللاعب الرئيسي والمعلم السياسي المتمثل بنظام الأسد والنظام الإيراني!
الحية والأسد وجهاً لوجه
كان مشهد زيارة خليل «الحية» - ولكل امرئ من اسمه نصيب - إلى دمشق واللقاء بالأسد في القصر الجمهوري صادماً للكثير من السوريين الذين انطلت عليهم إسطوانة حماس «المقاومة» على مدى عقود، الصدمة الأكبر أن هذه الزيارة سحقت الدم الفلسطيني الذي أهرقته آلة النظام السوري في مخيم اليرموك ومجزرة التضامن في المخيمات الأخرى، ما تزال كلمات القاتل في مجزرة التضامن وهو يؤكد جنسية الضحية قائلاً «أنت فلسطيني».. لتنهال على جسد الضحية الرصاصات ويهوي في حفرة الموت، ما تزال هذه الكلمات خالدة في الضمير الإنساني فقط وليس ضمير حماس.. ضربت حماس بدماء الفلسطينيين عرض الحائط لتحبو إلى الأسد بأوامر إيران..
وإذا افترضنا الرواية الحمساوية، بأن نظام الأسد وإيران هما محور المقاومة ضد إسرائيل في المنطقة، فدعنا نسأل أين هذه المقاومة الإيرانية والسورية ضد إسرائيل وطائرات سلاح الجو الإسرائيلي تقصف بين الحين والآخر كل المقرات السورية والإيرانية؟! أين هذه المقاومة التي يسوق لها محور (النظام السوري وإيران وحزب الله وحماس)، ضد الضربات الإسرائيلية؟!
المتاجرة وقواعد اللعبة القذرة
الفكرة الأساسية التي أكدتها حماس، أن صناعة المحور الإيراني السوري في المنطقة لا يمكن أن تخرج عن السيستم السياسي الأمني، الذي يترأسه النظام السوري والإيراني ويقول هذا السيستم، إن كل هذه الحركات ما هي إلا أدوات لا يمكن أن تخرج عن الخطة في زعزعة الأمن والاستقرار، وبالتالي لا يمكن قراءة عودة حماس إلى أحضان النظام السوري إلا من خلال فهم قواعد اللعبة القذرة بين هذه المنظومة، أما موقف حماس التكتيكي من الوقوف إلى جانب الشعب السوري ما هو إلا نوع جديد من المتاجرة بقضايا الشعوب، وحين تبين أن الشعوب أفلست من قضية التحرر من الديكتاتوريات، سارعت حماس فوراً إلى الاصطفاف مع الرابح وهو الديكتاتور، وإلا كيف يمكن تفسير إهانة النظام السوري لحماس علناً على لسان مستشارة الأسد بثينة شعبان، بوصفها بـ«الحركة الغدارة»، ولم يمض شهران إلا وخليل الحية يتراقص في القصر الجمهوري في دمشق مع بشار الأسد.
من رفع علم الثورة إلى القصر
نظام الأسد نفسه الذي قتل الآلاف من الشعب الفلسطيني في سورية وكانت مجزرة التضامن التي قتل فيها فلسطينيون وصمة عار على النظام السوري، وبعد لقاء «الحية» بالأسد أصبحت عاراً على الحركة أيضاً، وهي التي تجاهر بكرامة وحرية الشعوب.
في الثامن من ديسمبر العام 2012، وعلى منصة داخل مدينة غزة، وخلال الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاق «حماس»، وقف رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل، ورئيس المكتب الحالي إسماعيل هنية، أمام حشد من المئات ورفعا علم الثورة السورية، ليكون إعلاناً واضحاً بقطع العلاقات مع النظام السوري والوقوف إلى جانب المتظاهرين السلميين.
وفي التاسع عشر من أكتوبر عام 2022 يتراقص نائب حماس خليل «الحية» في القصر الجمهوري في دمشق أمام الأسد، متناسياً كل الشعارات الوهمية وتضحيات الشعب السوري من أجل قضية فلسطين التي جمعت العالم العربي، ليكون الخنجر المسموم في تضحيات الشعوب ومشاعرها.
ليس لدى السوري في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه إلا أن يفضح المنافقين والمتاجرين بقضايا الشعوب وينسف كل التاريخ الذي تربى عليه من شعارات الوهم والخداع، ويراجع دفاتره القديمة كالتاجر الخاسر في تجارته، أما مصير حماس في هذه التحالفات فلن يتعدى مصير ياسر عرفات، الذي باعه النظام السوري ليحكم قبضته على الورقة الفلسطينية.