كتاب ومقالات

المادة (209)

عبدالله العصيمي

المبادئ الأساسية للقوانين لها قيمة وقوة، ومن تلك المبادئ أن لا تتعارض القواعد القانونية مع بعضها؛ أي لا تنص أي قاعدة قانونيَّة على أمر وتنص قاعدة أُخرى على أمرٍ يتعارض مع ما تنص عليه الأولى، سواء على مُستوى القانون العام أو القانون الخاص، فضلاً عن عدم جواز مخالفة اللائحة التنفيذية للقانون.

لذلك نجد أن المصنف، والمُؤلف، والمصنفات الأصلية، والمصنفات المستثناة من الحماية، هي مصطلحات تم تعريفها وفقاً لنظام حماية حقوق المؤلف. والمصنفات المستثناة من الحماية الواردة في نص المادة (4) من نظام حماية حقوق المؤلف بيّنت ما هو مستثنى من الحماية. وبالتالي فإن كتابة اللوائح القانونية والمذكرات وإعطاء الاستشارات القانونية لا تُعد من الإنتاج الفكري للفرد ولا تتمتع بالحماية بقوة القانون.

وباعتبار أن مبدأ تدرج القاعدة القانونية يعني ترتيب القواعد من الأعلى إلى الأدنى وفقاً لقوتها وللجهة المصدرة لها، فإن مؤدى هذا المبدأ يكمن في عدم جواز مخالفة القاعدة الأدنى مرتبة للقاعدة الأعلى مرتبة وإلا غدت غير مشروعة وهذا التدرج ضرورة من أجل بسط مقتضيات مبدأ المشروعية والوصول لقوة القانون.

لذا نجد أن اللائحة التنفيذية للموارد البشرية في الخدمة المدنية قد خالفت هذا المبدأ الراسخ للتدرج وذلك في المادة (209) البند (ب) الفقرة(4) من اللائحة. ومقتضى ذلك مخالفتها للعديد من الأنظمة المتعلقة بعدد من المهن التي تناولتها المادة، خصوصاً نظام المحاماة ولائحته التنفيذية، بل خالفت صراحة مقتضيات نظام حماية حقوق المؤلف، بحيث جعلت الاستشارات القانونية إنتاجاً فكرياً، وهذا الأمر معيب لمخالفته نصوص القوانين، وكذلك متطلبات الترخيص لمهنة المحاماة، فليس من المتصور أن من كتب لائحة أو مذكرة قانونية ينتج عن ذلك قيامه بتسجيلها على أنها ملكية فكرية،

لذلك يستخدم غير المرخصين بالعمل في تلك المهن هذه المادة ذريعة لممارساتهم المخالفة، وهذا يتعارض صراحة مع قوانين تنظيم تلك المهن ومتطلبات الحصول على تراخيص لمزاولتها، مما ينتج عنه مخاطر عديدة تنشأ من هذه الممارسات! منها تضارب المصالح والفساد المالي والإداري وأضرار جسيمة تحيط بالفرد والمجتمع نتاجها ضياع الحقوق وفقد المراكز القانونية بسبب ممارسات أشخاص غير مؤهلين وغير مرخصين لمزاولة هذه المهن.

ختاماً، لحماية المهن التي تناولتها المادة (209) ولحماية مهنة المحاماة خصوصاً من أي انتهاك أو انتحال أو تعدٍ أو تدليس أو إيهام، ننادي الجهة المختصة بتعديل هذه المادة التزاما بنصوص القانون وبمبادئه الرصينة.