لا تنبت الشجرة دون جذور!
الخميس / 10 / ربيع الثاني / 1444 هـ الجمعة 04 نوفمبر 2022 00:17
محمد مفتي
الاضطرابات التي اندلعت في إيران منذ أسابيع ولا تزال مستمرة أوقعت نظام طهران في حرج؛ كونها كشفت للعالم اهتراء ذلك النظام وهشاشته وعدم القبول الشعبي له، مما دفع رئيس الحرس الثوري الإيراني قبل أيام للتصريح لوسائل الإعلام يتهم فيه بعض القوى الدولية والإقليمية بوقوفها خلف المظاهرات التي عمت الشارع الإيراني، ومن المؤسف أن يبحث النظام الإيراني عن ذرائع غير مبررة للتخفيف من حدة الكراهية القوية التي أبداها الشعب تجاه نظامه المتجبر، في محاولة فاشلة لتجيير إخفاقاته وعدم قدرته على توفير حياة آمنة وكريمة لشعبه.
في واقع الأمر من السهل على المسوؤلين في مثل هذه الأنظمة الغاشمة التنصل من أخطائهم واللعب على وتر التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلاد، من أجل تصوير الحنق الشعبي داخل البلد على أنه هجوم من الخارج لتمزيق لُحمته، وهو ما يستدعي لدى العامة شعور الوطنية والرغبة في الاتحاد لمقاومة هذا العنصر الدخيل الذي يرغب في تمزيق المجتمع لأسباب استعمارية خارجية، فيتم إثناؤه عن ثورته أو تشتيت انتباهه عن هدفه الرئيسي.
من المعلوم تاريخياً تماماً لجوء كافة الأنظمة الدكتاتورية الغاشمة لهذه الذريعة المفضوحة كلما ضاق بهم الحال وثارت عليهم شعوبهم ضيقاً منهم ورغبة في الإطاحة بهم، وهنا لا يجد النظام أمامه سوى إلقاء الخطب الشعبوية لتوحيد الصف الوطني وإثنائه عن التفكير فيه كعدو رئيسي له، فيبدأ في الترويج لوجود عدو آخر خارجي يرغب في الاستعمار والإفساد، ويتم استغلال الإرث الاستعماري الذي نال العديد من الدول لإقناع عموم الجماهير وحثهم على الالتفاف حول قيادتهم مرة أخرى على الرغم من بطشهم وجبروتهم وعجرفتهم.
من المؤكد أن أي متابع لأحداث الثورة الإيرانية الأخيرة سيكتشف بوضوح أن هذه الثورة هي ثورة شعبية داخلية تماماً، بدءاً من طريقة اندلاعها مروراً بالمطالب التي تطالب بها الجماهير الغفيرة (كالموت لخامنئي وأزلامه) نهاية بالإصرار الشعبي العارم على توصيل أصواتهم للعالم كله عله يجد وسيلة ما لإنقاذه من هذا النظام الغاشم، كما أنه من الواضح تماماً أن الدوافع والأسباب والوقائع والأحداث ليست سوى نتاج لغضب شعبي هادر، فهي ثورة داخلية وليس لأي طرف خارجي يد، لا في إشعالها ولا في تأجيجها ولا في استمراريتها، وهي مدفوعة بقوة بالنقمة واليأس الشعبي العارم من النظام الذي طالما وضع المواطن في آخر سلم أولوياته.
لقد تناسى نظام طهران أن الشجرة لا تنبت دون جذور، ومن الواضح أن ما يرفض النظام الإيراني الاعتراف به ويسعى للتنكر له تماماً هو أن تلك الثورة ليست أكثر من نتاج لبذرة بذرها النظام بنفسه داخل المجتمع الإيراني، وقد آن أوان حصد مرارتها وعلقمها، فلو اطمأن الشعب الإيراني للنظام فإن أعتى القوى الخارجية في العالم لن يمكنها التأثير فيه، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا يندد النظام الإيراني بالتدخل الخارجي في الوقت الذي يتدخل فيه في شؤون الدول الأخرى؟ فإن صدقت ادعاءات النظام فإنه الآن في مرحلة حصاد أفعاله.
لعل إشارة النظام لوجود جهات خارجية تنفث في الأزمة هي حماقة بحد ذاتها، فالعالم أجمع يتابع التدخلات السافرة من النظام الإيراني في شؤون العديد من دول المنطقة، سواء من خلال حزب الله في لبنان، أو من خلال الحوثيين في اليمن، أو من خلال فيلق القدس الذي كان يقوده قاسم سليماني، كل هذه الأذرع العسكرية كانت خناجر في خصر المنطقة حاول النظام جاهداً رشقها لزرع الفتن والاضطرابات في بعض دول المنطقة، ولعل هذه الحماقات السياسية التي لا تغتفر قنابل موقوتة ارتدت في عمقه لتصيب جميع مناحي الحياة في إيران في مقتل.
من الخطأ الجسيم تفسير الاضطرابات العارمة التي تضرب الشارع الإيراني حالياً بأنها نتجت عن مقتل مهسا أميني قبل أسابيع مضت فحسب، فتلك الأحداث لم تكن أكثر من قشة قصمت ظهر البعير، فالتوتر في إيران كان بادياً للعيان بل وأشبه ببركان يبحث عن متنفس وينتظر لحظة الانفجار بفارغ الصبر، فالشعب الإيراني لم يذق طعم الاستقرار منذ وصول الخميني للحكم، ولمن لا يصدق يمكنه الاطلاع على بعض الكتب التي سطرت مجازر ونزوات النظام ضد شعبه الأعزل، ككتاب «الثورة البائسة» لموسى الموسوي، و«سجينة طهران» للكاتبة مارينا نعمت التي تم سجنها في أحد السجون الإيرانية الشهيرة سيئة الصيت.
من المؤكد أن الغضب تجاه حكومة طهران الحالية ليس شعبياً فحسب، فالكثير من الدول تندد بممارسات النظام تجاه شعبه وتجاه دول المنطقة، والعالم برمته يتوق لأن يتحقق الأمن والاستقرار للشعب الإيراني (ذلك الشعب الغني بموارده والفقير بسبب نزوات نظامه)، ولعل المسؤولين في الحرس الثوري يدركون مدى خطورة أفعالهم وتصريحاتهم، فالتاريخ لن يرحمهم ولن يرحم مذابحهم تجاه أبناء شعبهم الأعزل، فلو تمت الإطاحة بالنظام فسيواجه الحرس الثوري مصير جهاز السافاك الذي كان تابعاً للشاه، ومن المؤكد أن الحرس الثوري الآن بدأ ينتابه القلق لوقوعه بين مطرقة النظام وسندان الشعب المغلوب على أمره، ولعل الحكماء منه يدركون أن الشعوب هي من تبقى، أما الأنظمة الغاشمة فهي زائلة لا محالة.
في واقع الأمر من السهل على المسوؤلين في مثل هذه الأنظمة الغاشمة التنصل من أخطائهم واللعب على وتر التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلاد، من أجل تصوير الحنق الشعبي داخل البلد على أنه هجوم من الخارج لتمزيق لُحمته، وهو ما يستدعي لدى العامة شعور الوطنية والرغبة في الاتحاد لمقاومة هذا العنصر الدخيل الذي يرغب في تمزيق المجتمع لأسباب استعمارية خارجية، فيتم إثناؤه عن ثورته أو تشتيت انتباهه عن هدفه الرئيسي.
من المعلوم تاريخياً تماماً لجوء كافة الأنظمة الدكتاتورية الغاشمة لهذه الذريعة المفضوحة كلما ضاق بهم الحال وثارت عليهم شعوبهم ضيقاً منهم ورغبة في الإطاحة بهم، وهنا لا يجد النظام أمامه سوى إلقاء الخطب الشعبوية لتوحيد الصف الوطني وإثنائه عن التفكير فيه كعدو رئيسي له، فيبدأ في الترويج لوجود عدو آخر خارجي يرغب في الاستعمار والإفساد، ويتم استغلال الإرث الاستعماري الذي نال العديد من الدول لإقناع عموم الجماهير وحثهم على الالتفاف حول قيادتهم مرة أخرى على الرغم من بطشهم وجبروتهم وعجرفتهم.
من المؤكد أن أي متابع لأحداث الثورة الإيرانية الأخيرة سيكتشف بوضوح أن هذه الثورة هي ثورة شعبية داخلية تماماً، بدءاً من طريقة اندلاعها مروراً بالمطالب التي تطالب بها الجماهير الغفيرة (كالموت لخامنئي وأزلامه) نهاية بالإصرار الشعبي العارم على توصيل أصواتهم للعالم كله عله يجد وسيلة ما لإنقاذه من هذا النظام الغاشم، كما أنه من الواضح تماماً أن الدوافع والأسباب والوقائع والأحداث ليست سوى نتاج لغضب شعبي هادر، فهي ثورة داخلية وليس لأي طرف خارجي يد، لا في إشعالها ولا في تأجيجها ولا في استمراريتها، وهي مدفوعة بقوة بالنقمة واليأس الشعبي العارم من النظام الذي طالما وضع المواطن في آخر سلم أولوياته.
لقد تناسى نظام طهران أن الشجرة لا تنبت دون جذور، ومن الواضح أن ما يرفض النظام الإيراني الاعتراف به ويسعى للتنكر له تماماً هو أن تلك الثورة ليست أكثر من نتاج لبذرة بذرها النظام بنفسه داخل المجتمع الإيراني، وقد آن أوان حصد مرارتها وعلقمها، فلو اطمأن الشعب الإيراني للنظام فإن أعتى القوى الخارجية في العالم لن يمكنها التأثير فيه، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا يندد النظام الإيراني بالتدخل الخارجي في الوقت الذي يتدخل فيه في شؤون الدول الأخرى؟ فإن صدقت ادعاءات النظام فإنه الآن في مرحلة حصاد أفعاله.
لعل إشارة النظام لوجود جهات خارجية تنفث في الأزمة هي حماقة بحد ذاتها، فالعالم أجمع يتابع التدخلات السافرة من النظام الإيراني في شؤون العديد من دول المنطقة، سواء من خلال حزب الله في لبنان، أو من خلال الحوثيين في اليمن، أو من خلال فيلق القدس الذي كان يقوده قاسم سليماني، كل هذه الأذرع العسكرية كانت خناجر في خصر المنطقة حاول النظام جاهداً رشقها لزرع الفتن والاضطرابات في بعض دول المنطقة، ولعل هذه الحماقات السياسية التي لا تغتفر قنابل موقوتة ارتدت في عمقه لتصيب جميع مناحي الحياة في إيران في مقتل.
من الخطأ الجسيم تفسير الاضطرابات العارمة التي تضرب الشارع الإيراني حالياً بأنها نتجت عن مقتل مهسا أميني قبل أسابيع مضت فحسب، فتلك الأحداث لم تكن أكثر من قشة قصمت ظهر البعير، فالتوتر في إيران كان بادياً للعيان بل وأشبه ببركان يبحث عن متنفس وينتظر لحظة الانفجار بفارغ الصبر، فالشعب الإيراني لم يذق طعم الاستقرار منذ وصول الخميني للحكم، ولمن لا يصدق يمكنه الاطلاع على بعض الكتب التي سطرت مجازر ونزوات النظام ضد شعبه الأعزل، ككتاب «الثورة البائسة» لموسى الموسوي، و«سجينة طهران» للكاتبة مارينا نعمت التي تم سجنها في أحد السجون الإيرانية الشهيرة سيئة الصيت.
من المؤكد أن الغضب تجاه حكومة طهران الحالية ليس شعبياً فحسب، فالكثير من الدول تندد بممارسات النظام تجاه شعبه وتجاه دول المنطقة، والعالم برمته يتوق لأن يتحقق الأمن والاستقرار للشعب الإيراني (ذلك الشعب الغني بموارده والفقير بسبب نزوات نظامه)، ولعل المسؤولين في الحرس الثوري يدركون مدى خطورة أفعالهم وتصريحاتهم، فالتاريخ لن يرحمهم ولن يرحم مذابحهم تجاه أبناء شعبهم الأعزل، فلو تمت الإطاحة بالنظام فسيواجه الحرس الثوري مصير جهاز السافاك الذي كان تابعاً للشاه، ومن المؤكد أن الحرس الثوري الآن بدأ ينتابه القلق لوقوعه بين مطرقة النظام وسندان الشعب المغلوب على أمره، ولعل الحكماء منه يدركون أن الشعوب هي من تبقى، أما الأنظمة الغاشمة فهي زائلة لا محالة.