كتاب ومقالات

مناديب الكبتاجون في السعودية !

هاني الظاهري

عظيمة بحق هي الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية السعودية وأجهزة الضبط في المنافذ الحدودية لمكافحة تهريب المخدرات، عظيمة لأنها جهود ينبغي أن يقف لها العالم احتراماً، لا لتميزها وفاعليتها فحسب، بل لأن كل المؤشرات تؤكد أنه لولاها لغرقت مدن المملكة في ثقب أسود من المخدرات لا قاع له.

نحن أمام حرب حقيقية تشن ضد السعودية بشكل غير مسبوق تاريخياً، حرب تستهدف ضرب حاضرها ومستقبلها باستهداف شبابها من الجنسين، الذين قال عنهم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: «الشباب هم قاعدة كل البلدان وحملة شعلتها، والأيدي التي تبني حاضرها وقادة مستقبلها، فلذلك كان التركيز عليهم هو الأساس في أي حراك تنموي وخطط طموحة لنهضة الدول وعزها ورفعتها».

كثير من التقارير تشير بوضوح إلى أن بؤرة واحدة في منطقة الشرق الأوسط باتت أكبر مصنع في العالم لمخدر الكبتاجون، وهي كذلك أكبر مصدّر له على سطح هذا الكوكب برعاية حكومية كاملة، هذه البؤرة هي مناطق سيطرة النظام السوري وحليفه حزب الله اللبناني «ذراع إيران في المنطقة»، كما تؤكد التقارير أن السعودية هي السوق الأولى المستهدفة لهذه التجارة السوداء التي تعود على النظام السوري بأرباح تفوق ثلاثة أضعاف ميزانية الدولة السورية، بحسب (فرانس برس).

في تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، تحدث أحد أكبر وسطاء تهريب مخدر الكبتاجون إلى الخليج بفخر، مشيراً إلى أن مقابل كل شحنة قيمتها 10 ملايين دولار يتم ضبطها هناك 9 شحنات أخرى تصل إلى أيدي المروجين والمستخدمين، (هذا طبعاً مجرد أسلوب مبالغة دعائي تحبيطي للجهات الأمنية في الخليج)، لكن لا يمكن نفي أن هناك شحنات تصل بغض النظر عن حجمها.

الأكثر خطورة في حديث هذا الوسيط هو إشارته إلى أن شحنات المخدرات التي تصل لدول الخليج وعلى رأسها السعودية من الصعب ضبطها لأن عملية نقلها تتم بإشراف عشائري، حيث إن المرسل في سوريا ولبنان والمستقبل في الخليج من أبناء عشيرة واحدة تتوزع في عدة دول وتدير هذه العملية بطرق ذكية، لكن الأكيد أن أجهزة مكافحة المخدرات في السعودية تحديداً لديها المعلومات الدقيقة عن هذه التجارة السوداء وأزلامها وصبيتهم، والدليل كمية الضبطيات المهولة خلال الأعوام القليلة الماضية.

من جهة أخرى.. يعرف الجميع أن تجارة المخدرات في أي مكان في هذا العالم مرتبطة كلياً بجرائم غسل الأموال التي تطورت قنواتها خلال السنوات الماضية وباتت أبرزها تطبيقات التواصل الاجتماعي، ولعل هذا ما تؤكده واقعة القبض في الرياض قبل أيام على 8 مواطنين ووافد من القبائل النازحة في قضية إطلاق نار وإحراق سيارات بسبب خلاف نشب بينهم في الاتجار بالمخدرات، فبعض هؤلاء المقبوض عليهم من مشاهير شبكات التواصل، ويعج تطبيق (تيك توك) على سبيل المثال بمقاطعهم التي يستعرضون فيها بثرائهم الفاحش وسياراتهم الفارهة التي قد تكون علامة واضحة لمصدر هذا الثراء (غسل أموال المخدرات).

هذه الواقعة في رأيي الشخصي لا ينبغي أن يتم التعامل معها كواقعة جنائية عادية، بل جريمة مركبة عابرة للحدود تصل لمستوى (الحرابة)، فتبادل إطلاق النار بين مروجي المخدرات في الأماكن العامة وتصوير ذلك ونشره في تطبيقات التواصل الاجتماعي له تأثير عميق في نفوس المراهقين، وأغلب الظن أن الجهات المختصة سوف تتعامل معها على هذا النحو.

أيضاً من المهم ملاحقة منتجي مقاطع الفيديو التي تظهر هؤلاء كأبطال في السوشال ميديا، ومحاكمتهم والتشهير بهم ليتعظ غيرهم، ويعرف كل من يريد ضرراً بهذا الوطن وشبابه أنه لن يفلت من قبضة العدالة.