أخبار

«العدل» تتصدى للكائدين!

تعويضات تلجم أصحاب الدعاوى الانتقامية

عدنان الشبراوي (جدة)Adnanshabrawi@

تنتهي متاعب المتقاضين بصدور أحكام تعويض جابرة للضرر الذي تكبدوه في دعاوى عمالية أو غيرها، إذ ساهمت التعديلات المتوالية للوائح والأنظمة التي تتابعها وزارة العدل في تغيير وتحسين وتسريع عمليات التقاضي تحقيقا للعدالة الناجزة فباتت مواجهة تلك الدعاوى الكيدية بالمرصاد من خلال منظومة تقاض شاملة.

وفي آخر الشواهد التي أنصفت المتضررين من الدعاوى الكيدية، صدور حكم بالتعويض بملغ 180 ألف ريال لوافد عقب بلاغ كيدي للتغيب عن العمل، إذ عوضت محكمة استئناف (جنوبي المملكة) مقيماً 180 ألف ريال عقب دعوى تقدم بها إثر المتاعب والمشاق التي واجهها بسبب تقديم بلاغ تغيب عن العمل من المنشأة التي كان يعمل فيها، وثبت أنه بلاغ كيدي بقصد الإضرار به وحرمانه مستحقاته. وجاء حكم التعويض جابراً للضرر الذي تكبده الموظف شاملاً لمصاريفه ومصاريف عائلته وأجرة المنزل وأجرة المحاماة.

وجاء حكم التعويض، عقب صدور حكم مماثل بإلزام المنشأة بصرف جميع المستحقات الوظيفية للموظف المدعي عن بقية مدة العقد لفصله بلا سبب مشروع خلال سريان العقد واكتسبت الأحكام القطعية وأبلغت الجهات المختصة بالتنفيذ.

وتتلخص الوقائع، في أن عاملاً طالب بالحكم على المنشأة المدعى عليها بتعويضه عن الضرر الذي لحقه بسبب بلاغ الهروب المقدم ضده، وقال في مذكرته إن جهة العمل أنهت عقده بلا سبب مشروع خلال سريان العقد واكتفت بصرف جزء من مستحقاته ورفضت منحه حق نقل كفالة وصدر صك حكم بصرف مستحقاته الوظيفية ومدة العقد المتبقية حسب المادة (77) من نظام العمل نتيجة إنهائه دون سبب مشروع من المدعى عليها، ما جعل المنشأة تتقدم ضده ببلاغ تغيب عن العمل كيدي بقصد الإضرار به والضغط عليه لإصدار خروج نهائي وابتزازه، ما دفعه لتقديم دعوى إثبات كيدية البلاغ لدى مكتب العمل.

تغيب كيدي

أفاد العامل في مذكرته أمام محكمة الاستئناف: منذ تاريخ تقديم بلاغ التغيب الكيدي من المنشأة المدعى عليها حتى تاريخ ثبوت كيديته وإلغائه بقيت عاطلاً عن العمل ولم أستطع نقل الكفالة أو تجديد إقامتي، ما ألحق بي أضراراً مادية ومعنوية ونفسية لي ولأسرتي ولابنتي التي كانت تدرس خارج المملكة ولم أستطع إدخالها بعد انتهاء دراستها؛ كونها تابعة لي لإنتهاء إقامتها المرتبط تجديدها بتجديد إقامتي، وهذه المدة نحو (22 شهراً). وقررت محكمة الاستئناف الاستعانة بقسم الخبراء بالمحكمة وورد تقدير يتضمن الضرر الذي لحق بالعامل خلال مدة البلاغ الكيدي (13 شهراً) ولثبوت ضرر متحقق على الموظف المدعي بسبب بلاغ التغيب الكيدي ما كبّد المشتكي أتعاباً وحرمه من العمل وفوت عليه فرص الكسب المشروع دون وجه معتبر شرعًا أو نظامًا ولم تبادر المنشأة المدعى عليها برفعه ولم يرفع إلا بعد إقامة دعوى قضائية، وعليه حكمت الدائرة بقبول الاعتراض شكلا وموضوعا ونقض الحكم الصادر من الدائرة العمالية المتضمن رد الدعوى وقررت إلزام جهة العمل المدعى عليها بتسليم الموظف المدعي مبلغاً وقدره (180000) تعويضاً عن الضرر الذي لحقه من بلاغ التغيب.

كيف يقدر التعويض؟

المحامي هاشم مصلح، قال إن تعديلات متتالية للوائح على مدى السنوات الأخيرة عززت أحكام التعويض وتسهيل وصول الجميع إلى حقهم في التقاضي، وسرعة إيصال الحق لصاحبه في وقت وجيز وفق عدالة ناجزة. وأوضح أن اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات منحت من له حق وأصابه الضرر في الدعاوى الصورية أو الكيدية لتتاح له المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر بطلب عارض أو بدعوى مستقلة لدى الدائرة القضائية ذاتها، ويخضع الحكم لطرق الاستئناف أمام محكمة الاستئناف.

من جانبه، أكد المحامي ماجد ظافر القرني، أن نظام الإجراءات الجزائية منح الحق لمن أصابه ضرر رفع دعوى بطلب التعويض. وشدد على أن التعويض المادي هو حق وليس واجباً وعلى الأغلب يكون نقطة تحول كبيرة ومهمة في جبر الضرر المعنوي، وعادة تراعى ظروف المتضرر المادية والاجتماعية والاقتصادية وحجم ونوع وماهية الضرر هل هو شخصي أو أسري أو جنائي، لافتا إلى أن فرض التكاليف القضائية سيسهم كثيرا في الحد من الدعاوى الكيدية التي تتبعها عادة دعاوى التعويض. وبيّن أن المحاكم العمالية تصدر أحكاما بالتعويض لكل موظف يثبت تضرره من مرجعه، فضلاً عن صدور أحكام تعويض مماثلة من محاكم متخصصة وكلها تعكس التحول الإيجابي الكبير في عمليات التقاضي.

«عكاظ» ترصد أحكام لجبر الضرر

رصدت «عكاظ» نماذج لعدد من دعاوى التعويض أمام القضاء العام والإداري، إذ صدرت أحكام على مدى سنوات عديدة بالتعويض المالي على جهات وأفراد كانت جبرا للضرر الذي لحق بهم.

وسجلت أروقة القضاء حكماً إدارياً صدر عن محكمة إدارية يلزم وزارة البلدية تعويض شركة مقاولات 386 ألفاً قيمة مستحقات متبقية للشركة كانت الوزارة حسمتها من الشركة عقب الكشف عن وجود أخطاء حسابية، كما ألزمت المحكمة الإدارية بجدة شركة طيران بمبلغ 12 ألف ريال تعويضاً لمقيم تسببت الشركة في عرقلة وتأخير سفره على خطوطها الدولية.

كما صادقت محكمة الاستئناف الإدارية في الرياض على حكم أصدرته محكمة إدارية قضى بإلزام إحدى شركات الطيران ‏بتعويض راكب وأفراد عائلته بمبلغ 20 ألف ريال عقب ثبوت تأخير رحلته إلى نيويورك مدة 21 ساعة إضافة إلى تغيير مقاعدهم في الطائرة خلال رحلة العودة. واعتبرت المحكمة ما لحق بالراكب وأفراد أسرته من ضرر نفسي ومالي وأتعاب مرافعته أمام المحكمة يستوجب التعويض المالي.

وألزمت محكمة عمالية أحد البنوك بتعوض مديرة فرع بمبلغ 100 الف ريال إثر إنهاء البنك خدماتها دون سبب مشروع، كما قضت بإلزام البنك بدفع مبلغ 200 ألف ريال لموظفة في ذات البنك بسبب فصلها غير المشروع، فضلا عن تصفية مستحقاتهم الوظيفية.