كتاب ومقالات

«أكشن» رينارد.. ضاع الحلم

خالد سيف

«أنا أعرف أن مجموعتنا صعبة في كأس العالم، لا أحد متوقع مننا حتى نتعادل أو نفوز، ما أريد قوله هو خلكم مرتاحين، واستمتعوا في البطولة، مجموعة صعبة فيها من أقوى فرق العالم»، مضيفاً: "ما هو متوقع فوز أو تعادل، نريد منكم أن تلعبوا لعبكم المريح، وإن شاء الله القادم أفضل، أنا ما أريد أحد يكون تحت ضغط نفسي، يؤثر على أدائكم الطبيعي».. بتلك الشحنة من التفاؤل والأريحية التي منحها لهم ولي العهد حلّق صقور الأخضر في سماء الدوحة.. وتفجرت طاقاتهم وقدموا ملحمة كروية أمام نخبة من أساطير كرة القدم ومنتخب نال ترشيح السواد الأعظم من عشاق المستديرة للحصول على زعامة المونديال.. منتخب الأرجنتين الذي تبعثرت أوراقه وعجز نجمه ميسي ورفاقه عن إيقاف سطوة الصقور الخضر.. وسط ذهول سكان الأرض.. الذين عاشوا تسعين دقيقة لم يسبق أن مرت بهم في عمر البطولة منذ إطلاقها..

حتى أنت يا هيرفي رينارد لم تكن تصدّق أن هؤلاء هم لاعبو المنتخب الذين تشرف على تدريبهم.. لكننا لن نسقط عليك ولن نلصق بك مفردة الفشل ولن نقول إنك أخطأت، خاصة وأن لك تجربة ناجحة في تصدّر التصفيات الأولية.. وفي نفس الوقت لن نقول إنك نجحت وخانتك ظروف الإصابات والفوارق الفنية.. أبداً بل هي المكابرة والإصرار على قناعات تسببت في وأد الحلم، خاصة بعد أن ارتفع سقف الطموحات.. انكشفت سلبيات إصرارك على عدم الاستماع للمطالب ونصائح الخبراء والفنيين.. أن المجموعة بحاجة إلى تدعيم بنجوم في مراكز مختلفة تعاني من النقص.. نحمّلك مسؤولية الإخفاق نعم وبكل صراحة.. خاصة إذا استبعدنا أن هناك تدخلاً في عملك وخياراتك ومنحت كامل الثقة.. واستمررت في المكابرة باستدعاء عناصر تحدثت أنها نجحت معك في تحقيق التأهل للنهائيات.. ولا تستطيع العمل بدونها رغم عدم جاهزية عدد منهم.. ولم تستعن بعناصر جاهزة أثبتت نجوميتها وذلك تعويضاً لظروف الإصابات والغيابات.. وعوضا عن العمل على تجهيز المنتخب فنياً وتكتيكياً تفرغت لتجهيز اللاعبين المصابين.. تحت إصرارك على مشاركتهم في زمن قياسي قبل شفائهم التام.. ورفضت استدعاء بدلاء جاهزين تستطيع أن تدخلهم في التشكيلة، خاصة وأنك طالبت بمعسكر يقارب الشهرين كمدة كافية لانسجامهم مع المجموعة.. هل اقتنعت أن من أصررت على تواجدهم هم من فشلوا في الاستمرار لعدم اكتمال تحضيرهم بدنياً؟ وخسرنا لأننا لا نملك البديل الجاهز يا هيرفي.. ولا بد أن تعي أن تحفيز ولي العهد كان له مفعول إيجابي حرّر اللاعبين من الضغوط قبل المباراة الأولى التي بدت مستحيلة أمام منتخب مرشح لنيل البطولة.. أما أنت يا رينارد فلك تجارب تدريبية سلبية أبرزها مع منتخب المغرب في مونديال 2018 كانت نتيجة المكابرة وسوء الاختيار وخسرت أمام إيران والبرتغال.. كذلك مع المنتخب نفسه عندما ودّع بطولة كأس الأمم الأفريقية مبكرا أمام منتخب بنين المتواضع.. أما صقورنا الخضر شكراً لكم ولا نحمّلكم وزر هيرفي، وكل لاعب يطمح في تمثيل بلاده بشرف في محفل عالمي.. ولكن ندرك أنكم استنزفتم لياقياً وبدنياً وذهنياً في اللقاء الافتتاحي وحققتم نتيجة أبهرت العالم الكروي.. حتى مدربكم يجهل إلى الآن أن شحنة ولي العهد المحفزة هي التي منحتكم الروح القتالية.. وحققتم المعجزة.. ولن نهضم بعض الدعم والتحفيز النفسي من هيرفي.. وكبرياء المنتخب المنافس الذي تبعثرت أوراقه أمام ملحمة سعودية لم يضرب لها حساب.. هيرفي ما زال أمامك فرصة أنت وجهازك الفني في التنازل عن قناعات لا تخدم المرحلة، ولا بد أن تدرك أن التأثير البدني للمباريات الثلاث في وقت قصير كان من الأسباب الرئيسية في الإجهاد، إلى جانب الإخفاق في قراءة الخصوم وتدوير المراكز بصورة انعكست سلباً على المنتخب ونتائجه. ولن نبرئ المنظومة الرياضية من مسؤولية التزام الصمت.. وعدم المشاركة في تصحيح الأوضاع، وما زال هناك متسع من الوقت.. والشارع الرياضي يترقب كشف حساب.