كتاب ومقالات

برافو عليك

أريج الجهني

«لا بأس من أن تضع كافة البيض في سلة واحدة؛ طالما أنك تستطيع أن تتحكم بما سيحدث لتلك السلة». هكذا يقول إيلون ماسك أو على الأقل ينسب إليه. مع اقتراب نهاية هذا العام الذي مرَّ سريعاً من المهم أن توجه لنفسك رسالة «برافو عليك»، ليس لسرعة الأحداث فيه، بل لكثرة المهام والانتقالات والانفعالات، لطالما ينتقد العامة أن تجميع المهام أو البدء بالخطط دفعة واحدة أمر غير جيد، أثبت الإنسان السعودي أنه قادر بالفعل على وضع كافة المهام في عام واحد، بل عدد المبادرات والمشاريع يفوق المعدل العالمي بشكل لم يكن ليتصوره عقل، وهذا له دلالته النفسية والاجتماعية وتبعاته الاقتصادية التي توجت بفضل الله بفائض ميزانية لم يسبق أن تم تحقيقه ولله الحمد والمنة.

برافو عليك، لكل شخص اجتهد وأنجز وقدّم كل ما يمكن تقديمه ولم يبخل على محيطه ووطنه بوقته وعلمه. برافو لكل شخص لم ينغمس في قاع الانحطاط والأحاديث السلبية والتأليب على الأبرياء، ومن سلم الناس من لسانه ويده، رائع ذلك الفرد الذي يلتمس لمن حوله الأعذار، ويتم يومه بهدوء وسلاسة، وينجز دون أن يتذمر أو يلعب دور الضحية!

تجاوزنا أنماطاً مجتمعيةً كثيرةً، فأصبحت المرأة تخجل من نعت بنات جنسها بصفات سيئة؛ لأنها أدركت أنها كانت مبرمجة لكره النساء، وتوقفت العديد من الأسر من دخول عداد المقارنات، الفارق أن هناك من اختاروا بالفعل أن يعيشوا الرؤية بتفاصيلها، وهناك من لا يزالون يراقبون بصمت أو حتى يتهجموا على من لا يشبههم.

الفضاء العام اليوم أكثر وعياً، وأكثر مرونة. دخلنا في نوبة هشاشة لفترة لكن وجود أصوات واعية ساهمت في تصحيح المسار، وبخلاف أصحاب العقول المحبطة أجد أن واقعنا الاجتماعي في تحسن مستمر، خاصة العام الأخير، وغالب من يصمون الناس بصفات سيئة تكتشف أنهم بالفعل لا يخالطون أحداً، هم يسقطون أحكامهم (عن بُعد)، بل تجد بين فترة وثانية من لا يترددون بتقبيح الجمال أو تجميل المشوه متى ما خالف أهواءهم، الفيصل المطمئن اليوم أن الوعي هو سيد الموقف وحتى من يظنون أنهم أقطابه سقطوا أمام أول اختبار حقيقي.

أخيراً، إن الإنسان المعاصر (عالمي) يتقاطع في اهتماماته وحتى همومه مع العالم، ورسالتي البسيطة لا تسمح لأحد بأن يجرك لمنطقته أو أن يدفعك لتبرير اختياراتك الفردية، لست ملزماً بشرح موقفك من التواصل الاجتماعي مثلاً أو توقفك عن التفاعل أو حتى إسرافك فيه، قد يهاتفك أحدهم ويسألك هل أنت مكتئب؟ لمجرد أنك لم تعد في نسختك القديمة، لا تنزعج واشكر لطفه لكن لا تشرح حالتك ولا تجتهد كثيراً في ترسيم حدودك؛ لأننا اليوم ندرك جميعاً لغة القانون، فلا تتردد في أن تجعل القانون هو الاختيار الأول في حال تعرضك للإساءة، لِمَ لا، ولا تهتم لمن يحاول أن يصبغك بلون لا يشبهك؛ لأن العقول الواعية لن ترى إلا حقيقتك فقط.. كونوا بخير.