كتاب ومقالات

لعبة وتنلعب

عبده خال

ماذا يعني المرء أن يسخط لما يحدث في إمارة طالبان؟

ماذا يعني؟

وكيف يمكن قراءة الأحداث السياسية لما أحدثته أمريكا من انسحاب مفاجئ من أفغانستان التي دمرتها كلياً بحجة القضاء على القاعدة، لا تصدق حجج بايدن أن الانسحاب ما هو إلا اتباع الاتفاق الذي أبرمه الرئيس السابق ترمب مع طالبان لسحب القوات الأمريكية.

نعم أمريكا كمستعمِر لا يمكن لها المكوث في أي بلد الزمن كله، فالانسحاب حركة تكتيكية لتغير السيناريو الأمريكي، وليس خافياً أن ولادة وتبني الإسلام الحركي ولد في حضانة المصالح الأمريكية والتي بدأت كإستراتيجية لرعاية التيارات الدينية ودفعها لمحاربة الاتحاد السوفيتي ووجدت أن التيار الديني اكتشف لعبة استخدامهم، وأراد -التيار الديني- قلب سحر الساحر عليه، إلا أنه كان غافلاً أو مدركاً كونه أداة يتم توجيهها أينما تقتضي المصلحة الوطنية لأمريكا.

ومع تطورات وتغيرات تلك المصالح أبقت أمريكا القاعدة وأبناءها ورقة تستخدمها باستخدام ما ينتجه الواقع، ولهذا كان لا بد من إيجاد ملعب اقتتال يستوجب فيه نقل المتقاتلين إليه كلما تغيرت خطة اللعب من بلد إلى بلد.

وأمريكا هي من ساعدت على تغذية فكرة الخلافة الإسلامية في أذهان التيارات الإسلامية، غذّت عقولاً سقيمة تركض خلف فكرة لا يمكن لها أن تنهض أو تنمو، فبعد أن رست الجغرافيا وتوزعت دول الخلافة الإسلامية كمحصلة لما أسفرت عنه الحرب العالمية الثانية، أصبح من الاستحالة جمع الدول الإسلامية تحت مظلة الخلافة، ولا يمكن جمعها إلا بحروب طويلة وأزمان تمتد لمئات السنوات، وضحايا بشرية لا حد لها، ودمار في كل شيء، ولم تستوعب التيارات الحركية الإسلامية ذلك الثمن وربما أراد زعماء تلك التيارات البقاء في السلطة، معتبرين ما يحدث مهراً للبقاء في السلطة.

وانسحاب أمريكا من أفغانستان هو انسحاب معدّ له بحيث تظل أفغانستان ملعب اقتتال يتم تهجير كل مقاتلي التيارات الإسلامية إلى ذلك الملعب، فالحركات الإسلامية المقاتلة هي أفضل ورقة لعب (الجوكر) في يد الغول الأمريكي.

ومسمى إمارة طالبان يحمل العنوان كاملاً بأن اللعبة مازالت مستمرة في حث العقول السقيمة بالعمل على استعادة الخلافة الإسلامية.

أقول العقول السقيمة تغطية لما تعرفه القيادات الحركية الإسلامية من دور تلعبه من أجل البقاء في السلطة، فإذا كان المنتمون لتلك التيارات لم يفهموا أو يقرأوا، فالقيادات تعلم علم اليقين أن تعليم المرأة أو ذهابها إلى عملها ليس له علاقة بالإسلام وتعاليمه أو جرح سلامة المسلم فقط لعبة (وتنلعب).