كتاب ومقالات

شكراً «اعتدال»

حمود أبو طالب

تمكّن «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)»، بالتعاون مع منصة «تلغرام»، خلال عام 2022، من إزالة 15 مليوناً و21 ألفاً و951 محتوى متطرفاً، وإغلاق 6 آلاف و824 قناة متطرفة مستخدمة لبث تلك الدعاية المتطرفة عبر منصة «تلغرام»، وذلك استمراراً للجهود المشتركة في رصد ومكافحة الدعاية المتطرفة للتنظيمات الإرهابية. ونجح فريق العمل المشترك من «اعتدال» و«تلغرام»، خلال الربع الأخير من العام الماضي 2022 (سبتمبر/‏ أيلول حتى ديسمبر/‏ كانون الأول)، في رصد وإزالة 8 ملايين و494 ألفاً و35 محتوى متطرفاً تعود إلى 3 تنظيمات إرهابية؛ هي: «القاعدة» و«داعش» و«هيئة تحرير الشام».

ما سبق هو مضمون خبر نشرته وسائل الإعلام يوم أمس الأول، وهو خبر مزعج ومقلق بكل المقاييس لأنه يثبت أن العالم ما زال يواجه مشكلة حقيقية وخطيرة يمثلها الفكر المتطرف، وللأسف الشديد فإن التنظيمات الثلاثة التي كانت تبث ذلك المحتوى بتلك الكثافة هي تنظيمات تتلبس بشعارات دينية شكلية بينما هي في حقيقتها أكبر إساءة للدين وللإنسانية، وأنها ما زالت نشطة تحاول الاستمرار في بث سمومها رغم كل الجهود لمكافحتها.

ولكن في الجانب الآخر هناك دلالة إيجابية على فعالية مركز اعتدال الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بمشاركة الرئيس دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق وقادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض في مايو عام 2017 كثمرة للتعاون الدولي في مواجهة الفكر المتطرف المؤدي للإرهاب، العدو الأول المشترك للعالم، وقامت على تأسيسه عدد من الدول، واختارت الرياض مقراً له ليكون مرجعاً رئيساً في مكافحة الفكر المتطرف، من خلال رصده وتحليله للتصدي له ومواجهته والوقاية منه، والتعاون مع الحكومات والمنظمات لنشر وتعزيز ثقافة الاعتدال.

لقد كانت المملكة من أوائل الدول ـ إن لم تكن أولها ـ التي سعت حثيثاً إلى مواجهة هذه الآفة بكل الوسائل ونبهت دول العالم إلى خطورتها ونتائجها الكارثية، وهي الدولة الرئيسة التي تتبنى الآن نشر ثقافة الوسطية والاعتدال والتعايش بين كل شعوب العالم بمختلف دياناتهم، لكن الأرقام والإحصاءات التي تضمنها الخبر تؤكد أن المشكلة ما زالت قائمة، ولن تزول إلا ببتر جذورها بتعاون وتضامن كل دول ومجتمعات العالم.

شكراً لمركز اعتدال، ولعل هذا الخبر يقرع الجرس بقوة كي ينبه العالم إلى خطورة ما زال يحدث.