كتاب ومقالات

«التخصصي» يحلّق بأجنحة الذكاء الصناعي

نجيب يماني

لأن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، قد أدرك منذ البداية الأفق البعيد الذي ترمي إليه رؤية المملكة 2030، وفهم جوهرها الأساسي المتطلع إلى إحداث «تحوّل نوعي» في محرّكات التنمية في كافة القطاعات، منطلقة في ذلك من حيث انتهى إليه العالم المتقدّم،

لأجل ذلك كان «التخصّصي» من أوائل المبادرين إلى الاستعانة بتطبيقات الذّكاء الاصطناعي، بوصفها آخر تجلّيات التطوّر التقني العالمي، الذي استطاع أن يُحدث ثورة في كافة المجالات التي استخدم فيها، وبخاصة في المجال الطبي، فجاءت نتائج ذلك باهرة في الفحص والتشخيص، وإجراء العمليات الدقيقة، وغيرها من المجالات الطبية الأخرى، فكانت استعانة «التخصّصي» بهذه التقنيات وفق الحاجة المرسومة، وعلى أعلى مستوى من الكفاءة، والمعيارية العالمية،

متبعًا في ذلك نموذج حوكمة منضبط يدير العديد من مجموعات الذكاء الاصطناعي المتخصصة مثل الأورام، وطب الأعصاب، والأشعة، وحتى في إدارة الموارد البشرية، وغيرها من المجالات الأخرى.

وهو أمر ليس بجديد على المستشفى، فقد بدأه منذ العام 2017م، وتحديدًا منذ الإعلان عن بداية التحول من خلال المساهمة في تحسين جودة وكفاءة الخدمات التشغلية وأثبتت الدراسات أهمية الذكاء الاصطناعي في العملية الصحية عامة

فالكمبيوتر أظهر مهارات أفضل بكثير من الأطباء في اكتشاف الأمراض بواسطة عمليات المسح.

والحال كذلك؛ فلا غرو أن تكون حصيلة هذا التطوّر والمواكبة منجزات كبيرة حققها

المستشفى، فنال بذلك الإشادة والتقدير، وكان آخرها حصول «التخصصى» على اعتماد «المؤسسة الصحية الأكثر تكاملاً» للسنة الثالثة على التوالي، من كلية إدارة معلومات الرعاية الصحية «CHIME» بولاية ميشيغان الأمريكية.

ويعد «التخصصي» إحدى مؤسستين صحيتين خارج الولايات المتحدة الأمريكية حصلت على هذا الاعتماد وهو ما يؤكد ريادته في تفعيل تكنولوجيا المعلومات الصحية المتقدمة، لتحقيق تطور مستدام لمخرجات الرعاية الصحية التخصصية، وتعزيز القدرة على اتخـاذ قرارات مبنية على الأدلة والبراهين، وخفض التكـاليف، إضافة إلى تعزيز تجربة المريض وفق أعلى مستويات الجودة والسلامة.

ويعد اعتماد المؤسسة الصحية الأكثر تكاملاً بمثابة «فحص صحي رقمي» شامل لمؤسسات الرعاية الصحية بجميع أنحاء العالم، نظراً للأثر المتزايد للتكنولوجيا المعلوماتية في تحسين جودة الرعاية الصحية. وقد شاركت فيه أكثر من 38000 مؤسسة، وكان التخصصي من ضمن المستشفيات الأكثر تكاملا خارج الولايات المتحدة الأمريكية.

إن هذا الإنجاز الجديد الذي يرصّع جبين «التخصصي» الأغر، جاء كفاء وعيه وإدارك إدارته والقائمين على أمره إلى مضامين «الرؤية»، فكان أن عمل منذ بزوغ فجر هذه الرؤية المباركة على تنفيذ برنامجها وما تهدف إليه، فعمد إلى تعزيز الكفاءات والقدرات التكنولوجية باعتبارها الرائدة في مجال الرعاية الصحية التخصصية، وحرص على تطبيق واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا المعلومات الصحية المتقدمة، والتحليلات التنبؤية والابتكارية؛ لتحسين حجم وخبرة وسلامة وأمن المرضى، وتحقيق الكفاءة والتطوير المستدام لمخرجات الرعاية الصحية التخصصية، وتعزيز القدرة على اتخاذ قرارات مبنية على الأدلّة والبراهين العالمية الصحيحة، وخفض التكاليف المادية، إضافة لتعزيز تجربة المريض وإثرائها، واعتبارها أحد علامات نجاح المستشفى وفق أعلى مستويات الجودة والسلامة والرعاية الطبية الشاملة، فضلاً عن تحقيق الكفاءة المطلوبة لاتخاذ القرارات العلاجية، وتسهيل العمليات الجراحية، وتحسين النتائج، والحصول على رضى المرضى والموظفين، من خلال تطبيق أفضل الممارسات العالمية، وهذا ما دأب الدكتور ماجد الفياض المشرف العام التنفيذي على ترديده في كل مناسبة بقوله إن نجاح المستشفى يعتمد بعد توفيق الله على رضى المرضى وتفاني الموظفين والسعي المستمر نحو التميز.

لهذا عمل المسؤولون جهدهم على أن تكون جودة الخدمة المقدمة مرتبطة بمدى توفر وتطور تكنولوجيا المعلومات ومواكبتها للتقنيات الحديثة، لتساهم بشكل كبير في تحسين جودة الرعاية الصحية التخصصية ودقتها وكفاءتها كما تساعد على منع الأخطاء الطبية، كما أنها تقلل من التكاليف المادية وتزيد من قدرة الكفاءات الإدارية، التي عملت على أساس نظام السجلات الطبية الإلكتروني الموحد من خلال مرافقها الرئيسية في مستشفياتها في الرياض وجدة والمدينة المنورة، مما مكّنها من تنفيذ التكنولوجيا الذكية، والتي نتج عنها رؤية شاملة لقدرة النظام الحالي والمستقبلي لتعزيز خبرات المرضى وتجاربهم.

وتكفي الإشارة إلى أن نظام السجلات الطبية الإلكتروني في المستشفى التخصصي المشتمل على قاعدة بيانات واسعة وعريضة من المعلومات العلاجية والتشغيلية والتي تمثل قاعدة أساسية صلبة وأحد الأصول الإستراتيجية ويمكن لجميع التقنيات الناشئة البناء عليها،

يمكننا القول إجمالاً إن «التخصصي» قد وفّق في المواءمة بين التقدم التكنولوجي وتسريع قدرات موظفيه، فنجح بترسية بنية تحتية مميزة للرعاية الصحية التخصصية، أصبحت محل اعتراف المؤسسات العالمية المانحة للجوائز، واعترافات التميز والتفوق، فحصل نظير ذلك على العديد من الجوائز والامتيازات، مثل: اعتماد جمعية نظم المعلومات وإدارة الرعاية الصحية من المستوى السابع في التحليلات المتقدمة واعتماد السجلات الطبية الإلكترونية، وجائزة التميز في خدمات الرعاية الصحية «ديفيز»، وجائزة أوراكل سيرنر للابتكار، وجائزة المؤسسة الصحية الرقمية الأكثر تكاملاً من كلية إدارة معلومات الرعاية الصحية للمسؤولين التنفيذيين.

إن الإنجازات الكبيرة التي حققها «التخصصي» باتساع نطاق تعامله مع تقنية الذكاء الصّناعي، تضع القطاع الصحي السعودي في مصاف الدول المتقدمة، وتجعله مرتكزًا أساسيًا ومرجعًا لا يمكن تجاوزه في هذا المجال، بما يعني بداهة استمرار التواصل مع العالم في كل ما يتصل بالمستحدثات الجديدة، وسرعة التعاطي معها بخبرة تراكمية، وقدرة استيعابية بالقياس للبنية التحتية المناسبة والملائمة في المملكة، بجانب المساعدة في مجال السياحة الصحية التي تمثل مستهدفًا مهمًا من مستهدفات رؤية المملكة البهية، والبعد الاقتصادي المهم من وراء هذه السياحة التي كانت المملكة بعيدًا عنها قبل «الرؤية»، فضلاً عن توطين العلاج لأعقد العمليات الجراحية، بما فيها عمليات استزراع الأعضاء، وما تتطلبه من تقنيات فائقة الدقة والجودة،

هي اليوم ضمن منظومة التقنية الحديثة التي يتعامل معها «التخصصي» بكل خبرة ودراية كبيرة، والمحصلة من ذلك أن المستشفى ومركز أبحاثه أصبح اليوم رقمًا مهمًا في المعادلة الصحية وحضوره في المحافل الدولية يتواءم ويتسق مع مستهدفات الرؤية التي ترنو إلى أفق لا يعرف مستحيلاً، ولا يقف عند طموح بسقف محدود، وإنما هو الترقي المستمر، والمواكبة الحية والتطلع الدائم والتقدم والتطور والنمو والازدهار لخير هذا الوطن وأهله. والحمدلله رب العالمين.