أخبار

ريفي لـ«عكاظ»: حذارِ من فقدان «الصدقية الدولية»

الوفد القضائي الأوروبي يثير القلق في لبنان

وفد أوروبي في لبنان

راوية حشمي (بيروت) HechmiRawiya@

منذ بدء وصول المحققين الأوروبيين في الأيام القليلة الماضية إلى لبنان، للتدقيق واستكمال تحقيقاتهم في عدد من الدعاوى القضائية التي رفعت في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ ضد أكثر من 30 شخصية مصرفية لبنانية، قد يكون في مقدمتهم شخصيات رفيعة المستوى، بجرم تهريب أموال غير شرعية من لبنان إلى أوروبا، والقلق وعلامات الاستفهام تلاحق هذه الزيارة التي سرعان ما قسمت اللبنانيين إلى معسكرين.

المعسكر الأول، يعارض مهمة الوفد القضائي الأوروبي ويعتبره تعدياً على السيادة القضائية اللبنانية، وهذا المعسكر يقوده أزلام حزب الله تحت عنوان «لا لفرض وصاية أجنبية» على السلطة القضائية، والواقع أن حزب الله يخشى أن لا تقف هذه الواقعة عند حدود معينة، وتركز التحقيقات الأجنبية على الأراضي اللبنانية فتفتح ملفات أمنية أو عسكرية، مما يؤدي إلى وقوع المحظور خصوصاً أن الحزب يعتبر أي تحقيق دولي على الأراضي اللبنانية في إطار المحاولات لاختراقه واستهدافه.

أما المعسكر الثاني، فهو مشجع لهذا التحقيق الذي وجد فيه ضرورة تعوض غياب الدولة وأجهزتها وتحديداً القضائية القاصرة على ملاحقة الفاسدين، الأمر الذي يكشف عجز القضاء اللبناني في التحرر من سطوة الأحزاب السياسية والطائفية.

وأكدت مصادر قضائية لبنانية أن ما ستقوم به الوفود الأوروبية هو أقرب لعملية تجميع ما ينقص ملفاتها من وثائق وشهادات، وفي ختام تحقيقاتها أو مهمتها بإمكانها إصدار أحكام قضائية بحق مشتبه فيهم على أراضيهم، ويمكن أن تصدر مذكرة ملاحقة عبر الشرطة الدولية، في حين أن لبنان لا يسلم أحداً من رعاياه اللبنانيين المقيمين في بلدهم، بل يحاكمهم وفقا للقوانين اللبنانية.

وزير العدل السابق، والنائب الحالي اللواء أشرف ريفي أوضح لـ«عكاظ» أن الوفد القضائي الأوروبي يستند في مهمته إلى ما تنص عليه الاتفاقية الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد الصادرة عام 2003 التي وقع عليها لبنان في 2008؛ لذلك فإن لبنان ملزم بما تنص عليه الاتفاقية الدولية لجهة مكافحة الفساد المالي بوصفه جريمة عابرة للحدود وليست جريمة محلية.

ولفت ريفي إلى أن الدولة اللبنانية لا تستطيع الامتناع عن التجاوب مع الوفد الأوروبي؛ لأنها بذلك ستكرس نظام الإفلات من العقاب، محذراً من تداعيات بعض العقبات التي قد تمارسها بعض القوى النافذة في حال مست مصالحها.

وقال ريفي: بمعزل عما إذا كان القضاء اللبناني قادراً على تأدية واجباته أم لا، فحذارِ من أي محاولة قد تصدر عن أي جهة لبنانية متضررة لعرقلة مهمة الوفد القضائي الأوروبي؛ لأنه سيترتب على لبنان تداعيات ستؤدي إلى فقدانه «الصدقية الدولية»؛ لأنه لم يحترم توقيعه على اتفاقية دولية. والعكس صحيح أيضاً، فإن حصل هناك تعاون رغم أن المنظومة التي تدير لبنان فاسدة إلا أن الدولة ستنال نقطة إيجابية دولية.

وأشار النائب اللبناني إلى أن مثل هذه تحقيقات لها شكلياتها، ومبنية على قاعدة أنه يحق للقضاة الأوروبيين فقط طلب استجواب شخصيات لبنانية على صلة بالملفات التي يحققون فيها، لكن تحت إشراف القضاء اللبناني ومن خلال قاضٍ لبناني، لكن خشية حزب الله دائمة من القضاء الغربي أو القضاء الذي لا يخضع لسيطرته خوفاً من وضعيته في مرفأ بيروت ومن ملفات الفساد ومقتل الرئيس رفيق الحريري.

وختم ريفي قوله: «الوفد الأوروبي، وإن لم يصل إلى مبتغاه، إلا أن هناك رسالة واضحة لا شك ستتلقفها منظومة الفساد، مفادها أنه إذا لم يكن هناك من حساب في لبنان، فإن الحساب ينتظرها في الخارج».