عودة جدل علاقة اللقاح بالقلب
العلماء يجمعون على وجود مخاطر.. «طفيفة والتعافي منها سريع»
الثلاثاء / 02 / رجب / 1444 هـ الثلاثاء 24 يناير 2023 01:53
«عكاظ» (لندن، واشنطن) OKAZ_online@
من بريطانيا عبر المحيط الأطلسي إلى الولايات المتحدة.. لا تزال «نظرية المؤامرة» تحاول تلطيخ لقاحَي مرسال الحمض النووي الريبوزي mRNA، بدعوى أنهما يتسببان في إضعاف القلب، ويؤديان إلى السكتة الدماغية، والنوبات القلبية، فالوفاة! وهي مزاعم أجّجها خلال الآونة الأخيرة حادث إصابة نجم كرة القدم الأمريكية دامار هاملن (24 عاماً)، الذي اصطدم بلاعب من الفريق المنافس وأصيب بنوبة قلبية، حتى اضطر المسعفون إلى استخدام جهاز الصدمة الكهربائية لإعادة النبض إلى قلبه. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تلقت توبيخاً خلال الفترة السابقة، بعدما استضافت في برنامجها التلفزيوني الصباحي استشاري القلب البريطاني عاصم مالهوترا، الذي قال إن أول سؤال يتبادر للذهن بعد حادثة هاملن هو: هل حصل هاملن على جرعة لقاح مرسال الحمض النووي الريبوزي؟ وزعم مالهوترا أن الإصابة بالتهاب عضلة القلب هي من المضاعفات الثانوية للخضوع لذلك اللقاح. وكان الأشد إثارة للجدل زعم النائب البريطاني المحافظ أندرو بريدجن أنه يتعين على الحكومة البريطانية وقف توزيع لقاحَي فايزر وموديرنا المضاديْن لفايروس كورونا الجديد، بدعوى أنهما «غير آمنيْن، وغير فعّاليْن، وغير ضرورييْن»، في كلمة ألقاها أمام أعضاء مجلس العموم (البرلمان) الشهر الماضي. وزعم بريدجن أن «السياسة الحالية للحكومة تجاه لقاحي مرسال الحمض النووي الريبوزي تقف على الجانب الخطأ من الأخلاقيات الطبية، وعلى الجانب الخطأ من البيانات العلمية، وهي بالضرورة على الجانب الخطأ من التاريخ». وتساءلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية: هل يملك مناهضو اللقاحات أي دليل على مزاعمهم؟ وأشارت إلى أن الدكتور البريطاني عاصم مالهوترا حالة مختلفة، وحكاية تستحق أن تُروى. فقد كان من المتحمسين للقاحَي مرسال الحمض النووي. ووصفها- في مقال نشرته «مجلة مقاومة الإنسولين»- بأنها «إحدى أعظم إنجازات الطب». وكان مالهوترا أول الأطباء الذين حرصوا على الحصول على لقاح فايزر، لضمان حماية مرضاه. وظهر على شاشة برنامج «صباح الخير يا بريطانيا» التلفزيوني ليحض على الإقبال على التطعيم. غير أن وفاة والده النائب السابق لاتحاد أطباء بريطانيا الدكتور كايلاش تشاند، بنوبة قلبية في يوليو 2022، غيرت موقف مالهوترا إلى نقيضه. فقد كشف تقرير الطب الشرعي، بعد تشريح جثمان الدكتور تشاند، الذي توفي عن 73 عاماً، أنه توفي نتيجة انسداد ثلاثة من الشرايين الرئيسية. وعلى رغم أن تشاند حصل على الجرعة التنشيطية للقاح كوفيد-19 قبل ستة أشهر من وفاته؛ فإن ولده يعتقد بأنها كانت عاملاً رئيسياً في وفاته. وقال مالهوترا إن والده كان حريصاً على صحته، ويمارس رياضة المشي لمسافة 10 آلاف خطوة يومياً. وأضاف مالهوترا أنه أخضع قلب والده للفحص قبل بضع سنوات، وأكدت الفحوص سلامة قلبه. وأشار الى أن عدداً من معارفه ذكروا له أن اللقاح هو سبب وفاة أبيه. ورفض التجاوب معهم. «لكنني بدأت ألاحظ تزايد عدد الوفيات بمرض القلب وبدأت أشعر بالحيرة».
كان الدكتور مالهوترا محقاً في إشارته إلى تزايد الوفيات بمرض القلب في أتون اندلاع نازلة كورونا. فقد ذكرت «مؤسسة القلب البريطانية» أن هناك نحو 30 ألف وفاة إضافية بمرض القلب منذ اندلاع نازلة الوباء العالمي، بمعدل 230 وفاة إضافية غير متوقعة أسبوعياً، بل أكثر من ألف وفاة إضافية بمرض القلب خلال بعض الأسابيع في 2022. بيد أن البحث عن سبب لتلك الوفيات سيقود إلى عدد كبير من العوامل، من دون حاجة إلى توجيه اصبع الاتهام إلى لقاحات كوفيد-19. فمن المعروف أن الإصابة بكوفيد تزيد مخاطر الإصابة بالسكتة المداغية والنوبات القلبية. كما أن الفوضى التي اجتاحت الخدمة الصحية الوطنية بسبب الوباء العالمي لها دور. فمن المعلوم في بريطانيا أن مريض النوبة القلبية يتعين نقله بسيارة إسعاف إلى المستشفى خلال 18 دقيقة من إصابته. في حين أن الضغوط التي دهمت الخدمة الصحية جعلت تلك الفترة ترتفع إلى ما لا يقل عن 48 دقيقة. وتفاقمت تلك المشكلات من جراء قرارات الإغلاق، وإلزام السكان بمزاولة أشغالهم من منازلهم. وهو ما أدى إلى تدهور أساليب الحياة، من خلال زيادة تناول المشروبات الروحية، في وقت تشهد بريطانيا أصلاً مستويات غير مسبوقة من حالات البدانة والإصابة بأمراض القلب.
ويرى مالهوترا أن تلك العوامل المذكورة لها دور. لكنه يتمسك بأن لقاح كوفيد-19 له دور هو الآخر. ويشير إلى أن بيانات التجربة السريرية للقاح شركة فايزر تؤكد حدوث 4 إصابات بنوبات قلبية للمتطوعين الذين أعطوا اللقاح، مقارنة بالمتطوعين الذين منحوا لقاحاً وهمياً.
مقالة علمية «معيبة» و«انطباعية»!
عزز الدكتور عاصم مالهوترا ادعاءاته بالإشارة إلى مقال كتبه استشاري القلب الأمريكي الدكتور ستيفن غوندراي، ونشرته مجلة «سيركيوليشن»، ذكر فيه أن مؤشرات الالتهاب ارتفعت بشدة لدى مرضاه بعد حصولهم على لقاح كوفيد-19، بحيث إن معدل خطر إصابتهم بأول نوبة قلبية خلال خمس سنوات ارتفع من 11% إلى 25%. وقال مالهوترا: لو أني دخنت 40 سيجارة يومياً، وأكلت الوجبات السريعة، وتعاطيت الكحول فلن أصل إلى أي شيء قريب إلى تلك النسبة. ووجهت دراسة الدكتور غوندراي بانتقادات علمية شديدة، اضطر بسببها إلى تعديل المقال، ليقول بوضوح إن المؤشرات الحيوية التي تحدث عنها هي مجرد ملاحظات، لأنه لم تكن لديه مجموعة متطوعين للدراسة، ولأن أرقامه لم تشمل أي أشخاص لم يتم تطعيمهم بلقاحات كوفيد-19؛ ولأن مقاله لم يتضمن أي إحصاءات مقارنة. وأشار خبراء إلى أن معاناة بعض الأشخاص من مشكلات في القلب بعد خضوعهم للتطعيم بلقاحي فايزر وموديرنا صحيحة. بيد أن وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية، التي طلبت من الأطباء إبلاغها بأي مضاعفات ناجمة عن التطعيم، لم تتلقَ منذ فسح اللقاحين المذكورين في 2020 حتى 23 نوفمبر 2022 سوى 851 بلاغاً عن إصابة أشخاص بالتهاب عضلة القلب بعد خضوعهم للقاح فايزر. علاوة على 579 بلاغاً عن إصابة أشخاص بالتهاب خارج غشاء القلب بعد خضوعهم للتطعيم بلقاح فايزر. ومعظم تلك الحالات كانت معتدلة، تعافى المصابون بها خلال فترة وجيزة؛ على رغم وقوع سبع وفيات بين أولئك الأشخاص. وفي مقابل ذلك تم الإبلاغ عن 241 إصابة بالتهاب عضلة القلب وست وفيات لأشخاص خضعوا للتطعيم بلقاح أسترازينيكا-أكسفورد. أما بالنسبة إلى لقاح موديرنا فتم الإبلاغ عن 251 إصابة بالتهاب العضلة القلبية، ووفاتيْن. ومع أن تلك الأرقام تبدو كبيرة؛ إلا أنها لا تساوي شيئاً إذا قورنت بعدد من خضعوا للقاحات كوفيد-19 في بريطانيا. فقد ذكر خلال الخريف الماضي أنه تم إعطاء 53 مليون جرعة أولى من اللقاحات في بريطانيا، وأكثر من 90 مليون جرعة تنشيطية، يمثل لقاح فايزر 57% منها، ولقاح أسترازينيكا 29% منها، وموديرنا 14% منها. ويعني ذلك أنه على رغم أن المخاطر موجودة، إلا أنها ضئيلة جداً على أرض الواقع. فبالنسبة إلى لقاح موديرنا كانت هناك 14 شكوى من كل مليون نسمة خضعوا لهذا اللقاح. وتتدنى النسبة إلى 10 شكاوى من كل مليون نسمة حصلوا على لقاح فايزر، و5 شكاوى من كل مليون شخص حصلوا على لقاح أسترازينيكا. ويتمسك الخبراء الصحيون بأن بريطانيا تتوقع نحو 60 إصابة بالتهاب العضلة القلبية من بين كل مليون نسمة سنوياً، و100 حالة إصابة بالتهاب غشاء القلب (التامور) كل عام. ويذكر أن وكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي كانت أعلنت الأسبوع الماضي أنها لم تر دليلاً على أن لقاح كوفيد-19 يتسبب في سكتات دماغية، أو نوبات قلبية.
كان الدكتور مالهوترا محقاً في إشارته إلى تزايد الوفيات بمرض القلب في أتون اندلاع نازلة كورونا. فقد ذكرت «مؤسسة القلب البريطانية» أن هناك نحو 30 ألف وفاة إضافية بمرض القلب منذ اندلاع نازلة الوباء العالمي، بمعدل 230 وفاة إضافية غير متوقعة أسبوعياً، بل أكثر من ألف وفاة إضافية بمرض القلب خلال بعض الأسابيع في 2022. بيد أن البحث عن سبب لتلك الوفيات سيقود إلى عدد كبير من العوامل، من دون حاجة إلى توجيه اصبع الاتهام إلى لقاحات كوفيد-19. فمن المعروف أن الإصابة بكوفيد تزيد مخاطر الإصابة بالسكتة المداغية والنوبات القلبية. كما أن الفوضى التي اجتاحت الخدمة الصحية الوطنية بسبب الوباء العالمي لها دور. فمن المعلوم في بريطانيا أن مريض النوبة القلبية يتعين نقله بسيارة إسعاف إلى المستشفى خلال 18 دقيقة من إصابته. في حين أن الضغوط التي دهمت الخدمة الصحية جعلت تلك الفترة ترتفع إلى ما لا يقل عن 48 دقيقة. وتفاقمت تلك المشكلات من جراء قرارات الإغلاق، وإلزام السكان بمزاولة أشغالهم من منازلهم. وهو ما أدى إلى تدهور أساليب الحياة، من خلال زيادة تناول المشروبات الروحية، في وقت تشهد بريطانيا أصلاً مستويات غير مسبوقة من حالات البدانة والإصابة بأمراض القلب.
ويرى مالهوترا أن تلك العوامل المذكورة لها دور. لكنه يتمسك بأن لقاح كوفيد-19 له دور هو الآخر. ويشير إلى أن بيانات التجربة السريرية للقاح شركة فايزر تؤكد حدوث 4 إصابات بنوبات قلبية للمتطوعين الذين أعطوا اللقاح، مقارنة بالمتطوعين الذين منحوا لقاحاً وهمياً.
مقالة علمية «معيبة» و«انطباعية»!
عزز الدكتور عاصم مالهوترا ادعاءاته بالإشارة إلى مقال كتبه استشاري القلب الأمريكي الدكتور ستيفن غوندراي، ونشرته مجلة «سيركيوليشن»، ذكر فيه أن مؤشرات الالتهاب ارتفعت بشدة لدى مرضاه بعد حصولهم على لقاح كوفيد-19، بحيث إن معدل خطر إصابتهم بأول نوبة قلبية خلال خمس سنوات ارتفع من 11% إلى 25%. وقال مالهوترا: لو أني دخنت 40 سيجارة يومياً، وأكلت الوجبات السريعة، وتعاطيت الكحول فلن أصل إلى أي شيء قريب إلى تلك النسبة. ووجهت دراسة الدكتور غوندراي بانتقادات علمية شديدة، اضطر بسببها إلى تعديل المقال، ليقول بوضوح إن المؤشرات الحيوية التي تحدث عنها هي مجرد ملاحظات، لأنه لم تكن لديه مجموعة متطوعين للدراسة، ولأن أرقامه لم تشمل أي أشخاص لم يتم تطعيمهم بلقاحات كوفيد-19؛ ولأن مقاله لم يتضمن أي إحصاءات مقارنة. وأشار خبراء إلى أن معاناة بعض الأشخاص من مشكلات في القلب بعد خضوعهم للتطعيم بلقاحي فايزر وموديرنا صحيحة. بيد أن وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية، التي طلبت من الأطباء إبلاغها بأي مضاعفات ناجمة عن التطعيم، لم تتلقَ منذ فسح اللقاحين المذكورين في 2020 حتى 23 نوفمبر 2022 سوى 851 بلاغاً عن إصابة أشخاص بالتهاب عضلة القلب بعد خضوعهم للقاح فايزر. علاوة على 579 بلاغاً عن إصابة أشخاص بالتهاب خارج غشاء القلب بعد خضوعهم للتطعيم بلقاح فايزر. ومعظم تلك الحالات كانت معتدلة، تعافى المصابون بها خلال فترة وجيزة؛ على رغم وقوع سبع وفيات بين أولئك الأشخاص. وفي مقابل ذلك تم الإبلاغ عن 241 إصابة بالتهاب عضلة القلب وست وفيات لأشخاص خضعوا للتطعيم بلقاح أسترازينيكا-أكسفورد. أما بالنسبة إلى لقاح موديرنا فتم الإبلاغ عن 251 إصابة بالتهاب العضلة القلبية، ووفاتيْن. ومع أن تلك الأرقام تبدو كبيرة؛ إلا أنها لا تساوي شيئاً إذا قورنت بعدد من خضعوا للقاحات كوفيد-19 في بريطانيا. فقد ذكر خلال الخريف الماضي أنه تم إعطاء 53 مليون جرعة أولى من اللقاحات في بريطانيا، وأكثر من 90 مليون جرعة تنشيطية، يمثل لقاح فايزر 57% منها، ولقاح أسترازينيكا 29% منها، وموديرنا 14% منها. ويعني ذلك أنه على رغم أن المخاطر موجودة، إلا أنها ضئيلة جداً على أرض الواقع. فبالنسبة إلى لقاح موديرنا كانت هناك 14 شكوى من كل مليون نسمة خضعوا لهذا اللقاح. وتتدنى النسبة إلى 10 شكاوى من كل مليون نسمة حصلوا على لقاح فايزر، و5 شكاوى من كل مليون شخص حصلوا على لقاح أسترازينيكا. ويتمسك الخبراء الصحيون بأن بريطانيا تتوقع نحو 60 إصابة بالتهاب العضلة القلبية من بين كل مليون نسمة سنوياً، و100 حالة إصابة بالتهاب غشاء القلب (التامور) كل عام. ويذكر أن وكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي كانت أعلنت الأسبوع الماضي أنها لم تر دليلاً على أن لقاح كوفيد-19 يتسبب في سكتات دماغية، أو نوبات قلبية.