أخبار

غَوْل المِرّة !

المفيد والضار من «كوليسترول الدم».. أيهما طريق السكتة القلبية؟

عمر الغامدي

محمد الهتار (جدة) alhattar@

الكوليسترول أو «غَوْل المِرّة» مادة دهنية شمعية، توجد في الدم وأساسية في بناء الخلايا الصحية، ويلعب دوراً أساسياً في التمثيل الغذائي للإنسان، لكنه خطر إذا زادت نسبته فيصيب الإنسان بالنوبات القلبية. والكوليسترول نوعان: أحدهما طيب ومفيد، والآخر ضار إذا زاد عن حده الحيوي، واقترن بارتفاع ضغط الدم فيتأثر القلب ويصيب الكلى. وأشارت إحدى الدراسات إلى أن الإصابة بارتفاع مستوى الكوليسترول في السعودية بلغت ٥٤٪ من عدد السكان.

يعود اكتشاف مرض الكوليسترول إلى «فرنسوا بولوتييه دولاسال» في عام 1769م، وفي 1815م، أطلق الكيميائي الفرنسي «ميشيل أوجين شوفرول» اسم «كُولستيرين» (Cholesterine)‏ من اللغة اليونانية حيث «كولي» تعني عصارة المرارة و«ستيريوس» الجسم الصلب، ومنذاك بات مرض الكوليسترول معروفاً لدى الأطباء، وباتت طرق أعراضه وعلاجه والوقاية منه أيضاً معروفة.

مصدر طاقة.. ولكن!

لخطورة المرض على صحة الإنسان التقت «عكاظ»، باستشاري طب الأسرة بمركز صحي الأمير عبدالمجيد النموذجي بجدة الدكتور محمد جمعة، فقال إن الكوليسترول مادة طبيعية تنتج في الجسم عن طريق الكبد، وتعتبر مصدر طاقة للجسم مثل الكربوهيدرات ووجودها ليس بالشيء غير الطبيعي بالعكس وجودها مهم ومتداخل في عمليات تزويد الجسم بالطاقة، لذلك يجب معرفة أنواع الكوليسترول أو الدهون في الجسم. ويوضح الدكتور جمعة، أن الكوليسترول ينقسم في الجسم إلى أنواع عدة أشهرها والمهمة في تشخيص الإصابة بمرض ارتفاع الكوليسترول في الدم أربعة أنواع هي: الكوليسترول الإجمالي، الدهون الثلاثية، الكوليسترول الجيد أو النافع والكوليسترول الضار أو السيئ، وعن أعراض الإصابة أشار استشاري طب الإسرة الدكتور جمعة، إلى أنه في الأغلب لا يوجد أي عرض مرتبط بزيادة الكوليسترول في الدم إلا في حالات قليلة عند الزيادة المفرطة، إذ تظهر كرقع دهنية أو بقع صفراء تظهر ربما حول العين أو الجفون، محذراً من خطورته على صحة الإنسان فارتفاع الكوليسترول بشكل رئيسي يعتبر المسبب الأول لأمراض القلب وانسداد الشرايين والأوعية الدموية وسبباً رئيسياً في حدوث جلطات القلب، ويجب أن نعلم أن هناك أسباباً تجعل الشخص معرضاً للإصابة بارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم.

عوامل محفزة للإصابة

عن الأسباب المحفزة للإصابة بالمرض وضع الدكتور جمعة، التدخين في صدارة القائمة ثم الحياة الخاملة وزيادة الوزن والعوامل الوراثية ومرض السكري وأمراض الغدة الدرقية والكبد وبعض أنواع الأدوية المستخدمة. وعن الوقت المناسب لإجراء فحص نسبة الكوليسترول قال إنه بناء على توصيات الجمعيات المعتمدة، ووزارة الصحة، يتم عمل التحليل للرجال عند عمر ٣٥ سنة، والسيدات عند ٤٥ سنة بغض النظر عن الوضع الصحي، وفي حال وجود عوامل خطورة أخرى كوجود تدخين وحياة خاملة وأمراض مزمنة أخرى كالسكر وكسل الغدة الدرقية يتم عمل التحليل من ٢١ سنة. وأكد استشاري طب الأسرة جمعة، أن العلاج المناسب في حالة تم تشخيص المرض هو علاج دوائي وآخر لا دوائي؛ ويقصد بذلك كل ما يسهم في تحسن حالة المريض من خلال ممارسة رياضة المشي بما لايقل يومياً عن نصف ساعة مع الإقلاع عن التدخين بكافة أنواعه، وكل حالة مرضية يتم وضع خطة علاجية خاصة بها وقد لا تتشابه مع غيرها بناءً على معطيات معينة ونوع الكوليسترول المرتفع وحالة وعمر المريض واستجابته للعلاج من عدمه.

علاج إلا بالوصفة الطبية

يقدم وصفات العلاج استشاري طب الأسرة بمركز صحي الأمير عبدالمجيد النموذجي الدكتور محمد جمعة ومنها: الأستاتينات وهي أدوية تعمل على خفض الكوليسترول الإجمالي، والكوليسترول من نوع LDL مع رفع طفيف لكوليسترول من نوع HDL وهي بصفة عامة خالية من الآثار الجانبية. وأظهرت دراسات جديدة أنه يمنع حدوث السكتة المخية والنوبة القلبية.

ومن الأدوية النياسين، وهو فيتامين فعال في خفض الكوليسترول الإجمالي، وLDL وهو أكثر فاعلية في رفع الكوليسترول HDL.

أما الراتنجات الرابطة للأحماض الصفراوية، فهي مساحيق أو أقراص تجعل الكبد يسحب الكوليسترول LDL من الدم وبهذا تقل مستويات كل من الكوليسترول الإجمالي والـLDL. وهناك جيمفيبروزيل وهو قرص فعال في خفض الكوليسترول HDL ولكنه فعال بدرجة متوسطة في خفض الكوليسترول الإجمالي وLDL. محذراً في الوقت نفسه من أن تلك العلاجات لا تتناول إلا من خلال وصفة الطبيب المختص.

لا متى تحدث الجلطات؟

لأن الكوليسترول مرض يصيب القلب، سألت «عكاظ» استشاري الطب الباطني وزمالة أمراض القلب الدكتور عمر الغامدي، عن خطورة المرض فأوضح أن الكوليسترول يحتاجه جسم الإنسان لدخوله في بناء الخلايا وإنتاج بعض الفيتامينات والهرمونات الضرورية للجسم، لكنه -في نفس الوقت- ضار عند ارتفاع نسبته، ومن الأسباب التي قد تؤدي إلى ارتفاع الكوليسترول في جسم الإنسان، تناول الغذاء الذي يحوي الدهون المشبعة أو المتحولة أو الغذاء عالي السعرات، التدخين، زيادة الوزن، قلة الحركة، التقدم في العمر. وفي بعض الحالات تكون الأسباب وراثية أو بسبب حالات مرضية مثل مرض السكري واعتلال الغدة الدرقية وأمراض الكلى وبعض الأمراض المناعية والهرمونية.

ويشير استشاري الطب الباطني الدكتور الغامدي، إلى أنه عند زيادة نسبة الكوليسترول في الدم لمدة معينة يؤدي ذلك الى تراكم ترسبات في الأوعية الدموية، وبالتالي حدوث تصلب وتضيق لها وتقل نسبة تروية الدم للأعضاء المرتبطة في الأوعية المصابة أو حدوث تمزق للترسبات وتكوين خثرة متحركة، ما يؤدي إلى حدوث الجلطات الدماغية وجلطات القلب وأمراض الأوعية الطرفية وغيرها من المضاعفات المرتبطة باعتلال الأوعية الدموية.

الأطفال البدناء.. الأكثر عرضة

يحذر استشاري الطب الباطني وزمالة أمراض القلب الدكتور عمر الغامدي، من سمنة الأطفال إذ تتسبب بإصابتهم بالمرض، وأوصت الصحة العالمية بعمل الفحص المبكر لمن هم في العمر من ٩ إلى ١١ سنة، ومرة أخرى لمن هم في سن ١٨ سنة، وفي حالات معينة قبل ذلك أو بينها والإصابة بمرض الكوليسترول لا يقتصر فقط على جنس أو عمر محدد ويمكن أن يصاب به الجنسان لكن الذكور أكثر عرضة لأمراض شرايين القلب التاجية، ويرى الغامدي أن علاج المرض يحتاج لأكثر من إجراء بدءا من العادات الصحية؛ مثل الغذاء الصحي وممارسة الرياضة وترك التدخين بالإضافة إلى الفحص المبكر والمتابعة في حال الإصابة به وأخذ العلاج اللازم الموصى به من الطبيب مع علاج الحالات المرضية الأخرى التي قد تكون سبباً في ارتفاعه.

خوف في محله

لمعرفة آثار تناول بعض أدوية الكوليسترول على الإصابة بمرض السكري عرضت «عكاظ»، الأمر على أخصائي أول باطنة الدكتور عبدالله باعطية، فقال إن الاصابة تظهر تحديداً لدى المرضى الذين يعانون من النوع الثاني لمرض السكري لأن المصابين بالنوع الأول إذا تحكموا في مستوى الجلوكوز لن يصابوا بارتفاع الكوليسترول؛ فالكوليسترول الضار عادة يترسب في الأوعية الدموية ويزيد من فرصة الإصابة بأمراض القلب. ويشير إلى تخوف البعض من استخدام علاج الكوليسترول خشية الإصابة بالسكري أو رفع معدله وهو خوف في محله؛ فقد وجد المهتمون بعلم الطب علاقة تربط بين علاج الكولسترول وخاصة أدوية الستاتين (Statins)، فالاستخدام المنتظم والمستمر لها قد يؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم أو احتمالية في إصابة البعض بالنوع الثاني (Type 2 diabetes) ولكن بنسبه ضئيلة لا تقارن بالمنفعة الكبيرة التي تقوم بها هذه العلاجات من تقليل الإصابة بأمراض الشرايين ولهذا أصدرت الغذاء والدواء العالمية تحذيراً ملصقاً على أدوية الستاتين توضح فيه علاقة الدواء بمستويات السكر في الدم.

السكتة والنوبة

عن الفحوصات الضرورية للوقوف على الإصابة بالمرض، قال رئيس قسم المختبر بمركز الأمير عبدالمجيد النموذجي حسين الشيخي، إنه من الضروري على كل إنسان بين الحين والآخر أن يجري فحصاً شاملاً لوظائف جسمه خصوصاً مع التقدم بالعمر، فالتحاليل تسهل من تشخيص المرض ووصف العلاج، وعادة ما تشتمل على علاج لضغط الدم المرتفع خاصة أن المستويات المرتفعة من الكولسترول تقلل كمية الدم المتدفق في الشرايين، وتؤدي للإصابة بمرض تصلب الشرايين ويمكن أن تنتج جلطة دموية ما قد يعيق تدفق الدم، أو قد تنفصل الجلطة فتسدّ شريانًا آخر إذ إن توقف تزويد القلب بالدم يؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية، أما توقف تزويد الدماغ بالدم فيؤدي إلى الإصابة بسكتة دماغية.