بقرة العريفة وثور الفقيه
الخميس / 10 / شعبان / 1444 هـ الخميس 02 مارس 2023 23:29
علي بن محمد الرباعي
أصبحت (علياء) تشكي على أمها من حُفف عينها اليسار؛ قالت؛ مدري وشبه، يرفّ عليّه من أمسي؛ فعلّقت (أمها)؛ خير، إن شاء الله بالسيل؛ ما تغرب لين يعطيها أبو العطايا، والتفتت لوالد زوجها؛ الممدد على السرير، وانتابها شيء من القلق، على الشيبة، وقالت في نفسها؛ الله لا يقايس عليه بشرّ، وزادت؛ أخاف إن شعوة بتتحارف على جدها؛ وبتحتفه بحففها؛ فطلبت منها؛ تدوّر لها؛ عند جاراتها حبتين (لقط) تسوّي له فريقة، واستحلفتها بالله ما تحوي؛ قائلة؛ شيبة الرحمن يتهوّل؛ وأضافت؛ ثلاثة أيام ما ذاق الذوق، تلاطت براطمه في بعضها من النشوفة؛ أربّ الله لو خذ له فنجال؛ تفك عنه الحُمى، فقالت علياء؛ ما بلقاه؛ إلا عند عمة سُعدى؛ هي اللي بيتها على طريق الجلابة، الهابطين للسوق من شرق.
عادت بقطعة واحدة كما الكف قاسية، لونها يميل للسمرة؛ فطلبت منها تدقها في المهراس، لين تنعمها، وقالت؛ افتحي سحارية جدتك، وهبي لنا دحوة سنوت، فقالت (علياء) مقفلة السحارية بالقفل؛ فقالت؛ ما تقفلها وهي تتشمس فوق العابر، وما رفعت غطاء السحارية، إلا والجدة داخلة، فصاحت عليها؛ الله يجعلها بالكلب، فقالت؛ نبغي سنوت نسوي فريقة لجدي، قالت؛ اللي أدسه في سحاريتي وثاقة، وإنتي وأمك كما المعزا السِرفه؛ كل ما حامت على الواحد نفسه؛ عمدتم السحارية.
افتعل الجدّ سعله؛ ففهمت الرسالة، وفتحت السحارية، ومدت لعلياء برؤوس أصابعها سنوت؛ وقالت؛ جدك ما عاد إلا يضبح كما شيخ القرود، من أوّل في خاطره يتوفّر عمره؛ وأتلاها ضمر، وفي ظنتي ما تصبح عليه، قالت؛ علياء في وجه الله، فعلّقت؛ الله يلقيه خير ما عاد من أنداده ندّ، علّقت علياء؛ وإذا مات؛ ما بتسكنين ترقدين لحالك، فقالت؛ ربك ما يقطع؛ وأنا أصغر منه بعشرين سنة أخذني وِرعة أرعى الغنم، علّقت أمها؛ هات السنوت، خلّي؛ ورعة؛ والله لبغيتِ تحاحين؛ ساعة شاوروك؛ وقلتي؛ هات آخي فوقي.
تفقدت أم علياء الشكوة؛ ثم رددت؛ يا ذكر الله؛ ومحمد حبيب الله؛ فين غدى اللبن؟ لم تعلّق الجدة؛ لكن علياء؛ شافت الطاسة مكبوبة على ثمها؛ جنب مشمّس الجدة، فلفّت شرشفها على رأسها؛ وقالت لعلياء؛ ألحقيني نتمنح البقرة، ونمخض قبل ما الظهر؛ نزلت وبنتها وراها؛ وإذا مربط البقرة خالي، وقفة العلف مليانة، سواتها يوم حطتها.
ما بين السؤال والجواب؛ صدر العريفة أبو علياء؛ من السوق؛ وطلب من علياء؛ تحط الخُرج، عن الحمارة، وتلحقه بغضارة الماء، ولمح على وجهها ارتباك، فسألها؛ وجهك ما أعجبني؟ فأجابته؛ ما لقينا البقرة!! علّق؛ وين تغدي؛ يا هي تتقمقم من ورا الدار؛ يا ظاميه وما حد أسقاها؛ وسرحت تشرب وتعوّد.
لمح جاره المؤذن؛ في ساحته؛ يشقق عود قرض بالفأس؛ فقال؛ بنشدك يا الرفيق؛ ما شفت بقرتنا؟ فأجابه؛ كني شفتها عند ثور الفقيه في المسطح؛ صاح في ابنه (سليمان) وكلفه يلحقها، ولا يروح إلا بها، عاد بدونها، فاستحبه، بعمامته، ودفه من أعلى الدرجة، وقال: والله لن رحت بدون البقرة؛ ما تبات فيه يا الهدسة.
اشتكت أم علياء؛ من تغيّر بقرتها؛ وفقدت بحياة علياء؛ إن البقرة، ما هي بقرتها ذيك، من يوم دخل ثور الفقيه القرية، وطالبت العريفة يشوف له دبرة؛ فالبقرة ما تصدق أحد يفتح عنها باب السفل؛ وتقتطع الرباط؛ وليل الله مع نهاره مخرّقة عند ثور مفلّي القرود.
احتد النقاش بين العريفة؛ والفقيه؛ قال العريفة؛ بع ثورك، فاشتط الفقيه؛ وقال؛ في ذمتك إنت من عقلك، كيف أبيع ثوري، وأنا ما صدقت على الله إني أشتريته، أنت عجزت تلزم بقرتك، وبتحطها في رأس ثوري، وأضاف؛ تراك أشغلتنا ببقرتك؛ لا تكون بقرة بني إسرائيل؟ فقال؛ بقرة بني إسرائيل أحيت نفساً واحدة، وبقرتي أحيت قرية بكاملها؛ بلالِكم منها؛ وسماد بلادكم من بطنها، وثيرانكم ما تقر رؤوسها إلا إذا تشمشمتها.
في ليلة غدراء؛ طلب من (سليمان) يغدي يدعي له المؤذن؛ عوّد لأخته علياء؛ وقال؛ دخيلك قومي سكنيني؛ فسألته؛ تذل؟ أجابها؛ غدرة ما يشوف الساري طرف إيده؛ فاشترطت عليه؛ أسكّنك وبكرة تكفيني في حماية الطير، فأقسم ما يحمي إلا هو، ودخلوا على المؤذن وهو يتعشى، ما عذّر عليهم؛ قال؛ أسبقوني باصلي العشاء وألحق بكم؛ فأخذ سليمان يتشيدق به؛ وأخته تضحك؛ قال؛ الله يجعل عشاه تواه؛ ما عذّر علينا يحسبنا بنخشف الصحفة.
شكا عليه، من تحدي الفقيه له، فقال المؤذن؛ ما برّع الفقيه إلا إنته يا عريفة، ما كان لا يلقى ولا يلتقي، (رجل ملفوفة بخرقة ورجلٍ حافية) وذلحين ما يحك ظهره إلا بالمشعاب، وطاوعني (بيّتها نار تصبح رماد) ووعده إنه يعطي بجهده، لكن لا يشره عليه إن كان ماسده في العلم؛ فالفقيه أقشر؛ وبيقتعد له عند الأذان، قال العريفة؛ أعط بجهدك، وردّ مني قبل ظهر بكرة.
عاد المؤذن للعريفة بمقترح؛ قال؛ هويه ما تبيع عليه البقرة وتفتك! فتعمد يخلي الدلة تطفر فوق الجمر، تفرعه الرماد؛ وطلب منه يلحق المسيد، ليؤذن لا يفوت الوقت، في دخلة شاعر القرية، قال؛ خل ولدك المطيور يتنسب للثور؛ عند البير المهجورة، ويخرعه، ومن ساعة ما يطيح في قاع البير ينادي ويستغيث؛ افلحوا يا المفاليح، ونذكيه مكانه، تم العلم على ما رسموه؛ وتقسموا لحم الثور، وما انقضت الليلة الثالثة؛ إلا والبقرة يابسة في السفل، فسحبوها إلى مقلّع خارج القرية، وظلت النسور والحدادي تحوم فوقهم شهراً كاملاً.
عادت بقطعة واحدة كما الكف قاسية، لونها يميل للسمرة؛ فطلبت منها تدقها في المهراس، لين تنعمها، وقالت؛ افتحي سحارية جدتك، وهبي لنا دحوة سنوت، فقالت (علياء) مقفلة السحارية بالقفل؛ فقالت؛ ما تقفلها وهي تتشمس فوق العابر، وما رفعت غطاء السحارية، إلا والجدة داخلة، فصاحت عليها؛ الله يجعلها بالكلب، فقالت؛ نبغي سنوت نسوي فريقة لجدي، قالت؛ اللي أدسه في سحاريتي وثاقة، وإنتي وأمك كما المعزا السِرفه؛ كل ما حامت على الواحد نفسه؛ عمدتم السحارية.
افتعل الجدّ سعله؛ ففهمت الرسالة، وفتحت السحارية، ومدت لعلياء برؤوس أصابعها سنوت؛ وقالت؛ جدك ما عاد إلا يضبح كما شيخ القرود، من أوّل في خاطره يتوفّر عمره؛ وأتلاها ضمر، وفي ظنتي ما تصبح عليه، قالت؛ علياء في وجه الله، فعلّقت؛ الله يلقيه خير ما عاد من أنداده ندّ، علّقت علياء؛ وإذا مات؛ ما بتسكنين ترقدين لحالك، فقالت؛ ربك ما يقطع؛ وأنا أصغر منه بعشرين سنة أخذني وِرعة أرعى الغنم، علّقت أمها؛ هات السنوت، خلّي؛ ورعة؛ والله لبغيتِ تحاحين؛ ساعة شاوروك؛ وقلتي؛ هات آخي فوقي.
تفقدت أم علياء الشكوة؛ ثم رددت؛ يا ذكر الله؛ ومحمد حبيب الله؛ فين غدى اللبن؟ لم تعلّق الجدة؛ لكن علياء؛ شافت الطاسة مكبوبة على ثمها؛ جنب مشمّس الجدة، فلفّت شرشفها على رأسها؛ وقالت لعلياء؛ ألحقيني نتمنح البقرة، ونمخض قبل ما الظهر؛ نزلت وبنتها وراها؛ وإذا مربط البقرة خالي، وقفة العلف مليانة، سواتها يوم حطتها.
ما بين السؤال والجواب؛ صدر العريفة أبو علياء؛ من السوق؛ وطلب من علياء؛ تحط الخُرج، عن الحمارة، وتلحقه بغضارة الماء، ولمح على وجهها ارتباك، فسألها؛ وجهك ما أعجبني؟ فأجابته؛ ما لقينا البقرة!! علّق؛ وين تغدي؛ يا هي تتقمقم من ورا الدار؛ يا ظاميه وما حد أسقاها؛ وسرحت تشرب وتعوّد.
لمح جاره المؤذن؛ في ساحته؛ يشقق عود قرض بالفأس؛ فقال؛ بنشدك يا الرفيق؛ ما شفت بقرتنا؟ فأجابه؛ كني شفتها عند ثور الفقيه في المسطح؛ صاح في ابنه (سليمان) وكلفه يلحقها، ولا يروح إلا بها، عاد بدونها، فاستحبه، بعمامته، ودفه من أعلى الدرجة، وقال: والله لن رحت بدون البقرة؛ ما تبات فيه يا الهدسة.
اشتكت أم علياء؛ من تغيّر بقرتها؛ وفقدت بحياة علياء؛ إن البقرة، ما هي بقرتها ذيك، من يوم دخل ثور الفقيه القرية، وطالبت العريفة يشوف له دبرة؛ فالبقرة ما تصدق أحد يفتح عنها باب السفل؛ وتقتطع الرباط؛ وليل الله مع نهاره مخرّقة عند ثور مفلّي القرود.
احتد النقاش بين العريفة؛ والفقيه؛ قال العريفة؛ بع ثورك، فاشتط الفقيه؛ وقال؛ في ذمتك إنت من عقلك، كيف أبيع ثوري، وأنا ما صدقت على الله إني أشتريته، أنت عجزت تلزم بقرتك، وبتحطها في رأس ثوري، وأضاف؛ تراك أشغلتنا ببقرتك؛ لا تكون بقرة بني إسرائيل؟ فقال؛ بقرة بني إسرائيل أحيت نفساً واحدة، وبقرتي أحيت قرية بكاملها؛ بلالِكم منها؛ وسماد بلادكم من بطنها، وثيرانكم ما تقر رؤوسها إلا إذا تشمشمتها.
في ليلة غدراء؛ طلب من (سليمان) يغدي يدعي له المؤذن؛ عوّد لأخته علياء؛ وقال؛ دخيلك قومي سكنيني؛ فسألته؛ تذل؟ أجابها؛ غدرة ما يشوف الساري طرف إيده؛ فاشترطت عليه؛ أسكّنك وبكرة تكفيني في حماية الطير، فأقسم ما يحمي إلا هو، ودخلوا على المؤذن وهو يتعشى، ما عذّر عليهم؛ قال؛ أسبقوني باصلي العشاء وألحق بكم؛ فأخذ سليمان يتشيدق به؛ وأخته تضحك؛ قال؛ الله يجعل عشاه تواه؛ ما عذّر علينا يحسبنا بنخشف الصحفة.
شكا عليه، من تحدي الفقيه له، فقال المؤذن؛ ما برّع الفقيه إلا إنته يا عريفة، ما كان لا يلقى ولا يلتقي، (رجل ملفوفة بخرقة ورجلٍ حافية) وذلحين ما يحك ظهره إلا بالمشعاب، وطاوعني (بيّتها نار تصبح رماد) ووعده إنه يعطي بجهده، لكن لا يشره عليه إن كان ماسده في العلم؛ فالفقيه أقشر؛ وبيقتعد له عند الأذان، قال العريفة؛ أعط بجهدك، وردّ مني قبل ظهر بكرة.
عاد المؤذن للعريفة بمقترح؛ قال؛ هويه ما تبيع عليه البقرة وتفتك! فتعمد يخلي الدلة تطفر فوق الجمر، تفرعه الرماد؛ وطلب منه يلحق المسيد، ليؤذن لا يفوت الوقت، في دخلة شاعر القرية، قال؛ خل ولدك المطيور يتنسب للثور؛ عند البير المهجورة، ويخرعه، ومن ساعة ما يطيح في قاع البير ينادي ويستغيث؛ افلحوا يا المفاليح، ونذكيه مكانه، تم العلم على ما رسموه؛ وتقسموا لحم الثور، وما انقضت الليلة الثالثة؛ إلا والبقرة يابسة في السفل، فسحبوها إلى مقلّع خارج القرية، وظلت النسور والحدادي تحوم فوقهم شهراً كاملاً.