كتاب ومقالات

منظومة السياحة في مواجهة التحدي

حمود أبو طالب

تملك المملكة كل المقومات لتكون الدولة الأولى في أعداد زوارها من كل أنحاء العالم، هذه ليست مبالغة أو أمنية لا تقوم على سند، وإنما حقيقة بدأت تتضح ملامحها منذ أن دخلت المملكة عهدها الجديد الذي تقوده الرؤية الوطنية 2030. المملكة هي نقطة يتمحور حولها أكثر من مليار ونصف مسلم في دول العالم، هؤلاء مواسمهم مستمرة بين الحج والعمرة والزيارة، وفي المملكة نقاط جذب سياحي كثيرة التنوع والثراء أهمها المعالم التأريخية الفريدة مثل العلا ومدائن صالح والأخدود وغيرها، والأهم منها الآثار الإسلامية التي تضمها المدينتان المقدستان، والتي بدأ الاهتمام بتجهيزها لتستطيع استقبال ملايين المسلمين. هذه الخصوصيات لا تمتلكها دولة أخرى غير المملكة، وإذا أضفنا إلى ذلك الأعداد المتزايدة للسواح الذين يأتون لمشاهدة الفعاليات الترفيهية والمهرجانات الثقافية والفنية فإننا عملياً نتحدث عن بلد سياحي بامتياز بخصائص تميزه عن بقية بلدان العالم.

هذه الحقائق تجعل الجهات المسؤولة عن منظومة السياحة أمام تحدٍ كبير، لذلك فإن وزارة السياحة والهيئة السعودية للسياحة أصبحت محط أنظار الجميع في كيفية تحويل المملكة إلى بلد مفتوح سياحياً أمام العالم بشكل عام، وأمام مسلمي العالم بشكل خاص، فالرؤية الوطنية تستهدف الوصول إلى 30 ألف معتمر وزائر، و100 مليون سائح بحلول عام 2030. هذا التحدي الهائل بدأت منظومة السياحة بالتعاون والتنسيق مع بقية الجهات ذات العلاقة في التصدي له بنجاح والاضطلاع بمسؤولياته بشكل يبشر أن الأهداف المرجوة سوف تتحقق. لقد بدأت المملكة بتغيير الأنظمة والقوانين المتعلقة بتأشيرة زيارة المملكة، ووضعت وزارة السياحة تشريعات حديثة في قطاع الضيافة والفندقة الذي سوف يواجه ضغطاً شديداً على مدار العام، وعلى الأخص في مواسم محددة مثل شهر رمضان الكريم وموسم الحج، لكن أصبح واضحاً أن منظومة السياحة بدأت في التحرك الفعال لتطوير هذا القطاع كماً ونوعاً بتقديم الحوافز الكبيرة والدعم الضخم عبر صندوق التنمية السياحي، وكذلك استحداث لوائح جديدة تشجع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا القطاع المهم وتطويره بالشكل الذي تطمح إليه مستهدفات الرؤية الوطنية، ولسنا بحاجة إلى التنويه بأن هذا القطاع هو من أهم مصادر الدخل القومي في كثير من الدول، وسيكون كذلك بالنسبة للمملكة.

إن المعلومات التي ذكرها وزير السياحة، خلال جولته الأخيرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بشأن ما استجد في قطاع الضيافة والفندقة فيهما استعداداً لشهر رمضان القادم، تؤكد وجود عمل مؤسسي متناسق تقوده الوزارة مع بقية الجهات الحكومية والقطاع الخاص لخلق بيئة سكنية مريحة عدداً ونوعاً، فإضافة أكثر من 9 آلاف غرفة فندقية خلال هذه الفترة الوجيزة يؤكد للجميع أننا فعلاً بدأنا الخطوات الصحيحة في مشوار العمل المنهجي المنظم المدروس، الذي سيجعل زيارة المملكة للعمرة والزيارة والسياحة الترفيهية والثقافية وغيرها في أي وقت متعة روحية وعقلية ونفسية، وتجربة فريدة يتمنى الزائر تكرارها.