كتاب ومقالات

طروبة ولستُ كريمة !

نسخة معدلة

ريهام زامكه

في ليلة هادئة كنت أبحث فيها عن (الروقان) أردت الابتعاد عن كل مُنغصات الحياة من أمور، ومكالمات، وصديقات، وسوشال ميديا، فرُحت أبحث عن شيء (يوسّع صدري) ويطربني قليلاً.

هذا لأني من الناس الذين يسيرون على طريقة الإمام أبو حامد الغزالي الذي قال:

«من لم يحركه الربيع وأزهاره، والعُود وأوتاره، فهو فاسد المزاج، ليس له علاج»، والحمد لله أن قلبي طروب يتحرك بل و(يفز) لكل جميل، ومزاجي ليس دائماً فاسداً.

وقد جاء في تراث العرب هذه الرواية التي تقول:

يحكى أن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان استضاف عبدالله بن جعفر، وقد أكرمه وأنزله في داره، وقد أرق معاوية ذات ليلة، فقال لخادمه: اذهب وانظر من عند عبدالله وأخبره أنني قادمٌ إليه، فذهب وأخبره، فأقام كل من كان عنده، ثم جاء معاوية ولم يجد عنده أحداً، وراح يسأل عن مجالس من كانوا عنده حتى وصل إلى مجلس أحدهم فسأل: مجلس من هذا؟

فأجاب عبدالله إن هذا مجلس رجل يداوي الآذان يا أمير المؤمنين، فرد عليه معاوية: إن أذني عليلة فأمره أن يرجع إلى مجلسه، وبالفعل عاد ودخل (بديح) المُغني، فقال له معاوية:

داوِ أذني من علتها، فتناول بديح العود وغنى:

أليس عندك شُكرٌ للتي جعلت

ما ابيض من قادماتِ الرأسِ كالحممِ

وجددت منك ما قد كان أخلقهُ

صرف الزمانِ وطولُ الدهرِ والقدمِ

فطربُ معاوية طرباً شديداً، وقام يحرك رجله «ذات اليمين وذات الشمال»، فقال له ابن جعفر: يا أمير المؤمنين لماذا تُحرك رجلك؟ فقال: كل كريم طروب.

وبما أنني طروبة ولستُ كريمة، وكنت أنشد الهدوء وراحة البال فقد صببت لي كأساً دافئاً من (البابونج) ثم (مدّيت رِجلي) وأنا أقلّب في قنوات الأغاني كما يتقلب فنان العرب على جمر الغضا.

لكني وجدت كل ما هو كفيل بأن يصيبني (بتلوث سمعي) وبصري، فأول ما شاهدت عيني مغنياً (سخيفاً) لا شكل ولا صوت يقول:

(أنا لما بقول أنا عـووو.. تشوفني تطير في الجـو،

أنا لما بقول أنا بـخ.. الكل يشوفني ينـخ).

فغيرت القناة لا شعورياً وقلت: والله (يـّخ) !

إيييييه؛ الله يرحم أيامك (يالبرتقالة) ياللي عذبتي حاله، لأنه من يومها والأغاني في (انحدار) مؤذي للذوق وللسمع، والقنوات أصبحت لا تبث إلا الغث، واكتفي بهذا رغم أن في فمي ماء.

وبما إن الشيء بالشيء يذكر أختم مقالي بأغنية أرسلها لي شخصٌ عزيز على قلبي وأعتقد إنها «رسالة تهديد مُبطنة» تقول:

ما تبغى،،، تهدأ تِروّق، وتبطّلك دي العمايل؟!