كتاب ومقالات

قوة الشرق الأوسط في حل الخلافات

عبده خال

استئناف العلاقات السعودية الإيرانية هي فاتحة خير لبناء المستقبل، فالمنطقة بحاجة ماسة للاستقرار وزرع الطمأنينة بين البلدين.

فالسعودية تحمل طموحاً عالياً لاستكمال البناء، ومن أولياته حل أي اختلاف يعيق تلك الحركة الطموحة.

والاتفاق يؤكد المتغيرات السياسية الخارجية السعودية الباحثة عن مصالحها الوطنية في المقام الأول بغض النظر عن علاقاتها مع الدول المغايرة لمصالحها، وبالتالي لم ترتبط بأي التزام دولي يعيق تحركها من أجل تحقيق مصالحها، وحقيقة أن السياسة الخارجية السعودية أظهرت ديناميكية فاعلة تمكنها من تجاوز كثير من المسببات التي تقيد قدميها عن الحركة.

والقيادة السعودية، ممثلة في الأمير محمد بن سلمان، مهدت كثيراً من العراقيل من أجل خلق أجواء صالحة للبناء، فعزيمة الأمير محمد عبّر عنها بالتأكيد في أن يكون الشرق الأوسط قوة عالمية، وخلق هذه القوة بحاجة إلى الاستقرار الأمني؛ لكي تنمو اقتصاديات تلك الدول.

والسعودية تعرف تماماً ثقلها الروحي، والمادي، يضاف لهاتين القوتين الطموح لأن تكون في موقع متقدم عالمياً، والنمو يحتاج إلى الاستقرار من غير مناوشات أو حروب أو قلاقل تعيق مواصلة البناء.

واستئناف العلاقات بين السعودية وإيران يزيح العديد من القضايا المتداخلة والمتسببة في خلق (صداع) في المنطقة، ولأن الجميع تفهم عبر 40 عاماً، أن الاختلاف المذهبي يمكن كسره، فالدول لا تنهض بمساندتها للمذهبية، وإنما تنهض بخلق اقتصاد متين يعبر عن روح المرحلة الزمنية بمتغيراتها التي لم تكن متواجدة قبل 40 عاماً.

وأن يحدث هذا الاتفاق الآن دليل واضح على استشعار البلدين بتغير معطيات الزمن، وأن عودة العلاقات يزيح عنهما القضايا العالقة التي تشغلهما عما يمكن تجاوزه للاستقرار والبناء.

وأن تكون دولة الصين هي المتدخلة المباشرة في الاتفاقية، كونها تحمل استراتيجية مغايرة عما كان عليه الوسطاء السابقون، ولأنها أنشأت علاقات متينة بين البلدين حلت كثيراً من العقد والخلافات التي لم يتمكن الآخرون من حلها.

البلدان يعرفان تماماً أن هناك تغيراً دولياً، القائد فيه هي القوة الاقتصادية وهي بحاجة ماسة إلى الاستقرار الأمني.

وقد يكون السر في نجاح الصين كونها تمتلك علاقات ممتازة بين البلدين، والصين تتعامل باحترام إزاء ثقافة البلدين وما يحملان من إرث إنساني، ولتحقيق السلام من منظور سلمي كان لا بد من استئناف العلاقة من أجل التنمية، فالصين لديها مشاريع ضخمة في البلدين ويعنيها تماماً ارتفاع نسب التنمية بنسب عالية جداً من خلال الاقتصاد، ذلك الاقتصاد الذي خسر خسائر مهولة بسبب خلاف استمر طويلاً، وقد استشعر البلدان أن الوقت قد حان لتنشغل كل دولة ببناء طموحها وقوتها الاقتصادية من غير اختلال أمن المنطقة بسبب خلافات يمكن القضاء عليها بالمفاوضات وحرص كل منهما على عدم التدخل في الشؤون الداخلية المخلة بهذا التقارب.