حل معضلة إسكان العُزَّاب
الخميس / 24 / شعبان / 1444 هـ الخميس 16 مارس 2023 20:21
بشرى فيصل السباعي
في مجتمع يشهد انتقال نسبة كبيرة من الأفراد للدراسة أو العمل أو العلاج أو السياحة إلى مدن أخرى، وتأخر سن الزواج، وأيضاً يشهد نسبة طلاق مرتفعة ترجع الرجال إلى حالة العزوبية والسكن كعزاب ولا يكون هناك مجال لعودتهم لبيت الوالدين بسبب الوفاة وزواج الأب أو سكن ابن متزوج معهما وما شابه من الأسباب الاضطرارية لسكن الفرد لوحده بدون عائلة؛ أي أنها ليست من قبيل رفاهية حب تحقيق الذات بالاستقلالية بالسكن، ولا يتم حتى تمييز المطلق الأربعيني الذي له وظيفة محترمة عن المراهق فكلهم يصنفون كمجرد عزاب، وما زال العزاب يعانون بشكل مرير في إيجاد سكن بسبب وجود تصور معمم أن أي ذكر ليست معه عائلة هو مشروع فساد ومشاكل، رغم أن رفض إسكان العزاب يعتبر مخالفة للنظام من قبل أصحاب العقار لكنه ما زال مع هذا هو الحال السائد، وبسبب كونه السائد، فمن يقبل بإسكان العزاب يستغل قلة المعروض ويضاعف عليهم قيمة الإيجار، بينما غالباً من يعيشون بمفردهم لا يملكون السعة المالية اللازمة وهذا يتركهم مضطرين للقبول بأسوأ المتاح الذي لا يراعي مستوى الحياة الكريمة التي يمكن للأعزب أن يعيشها لو كان هناك قبول لإسكان العزاب وكثيراً ما تكون مساكن متهالكة للعمالة الأجنبية، ولا يعرف غالب الناس أن رفض إسكان العزاب مخالفة ولذا لا يبلغون عن من يرفضون إسكانهم، ولذا لا يوجد أدنى حافز ولا ضغط باتجاه ضمان الحق الإنساني للعزاب بالسكن الكريم، مع العلم أنه حتى عندما لا يكون لدى مالك العقار موقف عنصري تجاه العزاب فبقية السكان يحتجون إن قام بتأجير شقة لعازب، مع العلم أن غالب المشاكل التي يتخوف منها الناس في ما يتعلق بالعزاب لا تكون من فئة العزاب الناضجين المرتبطين بتعليم أو عمل والذين يمكنهم الاستقلال بسكن ودفع إيجاره، إنما هي فئة العزاب الأصغر سناً المراهقين الذين ما زالوا يعيشون مع أهاليهم فهم من يقومون بالتحرش والسلوكيات غير المسؤولة، وحسب تقرير الهيئة العامة للإحصاء 2020م؛ 75.6% من الذكور السعوديين عزاب لم يسبق لهم الزواج، هذا غير العزاب المطلقين، ولذا رفض إسكان العزاب يعني رفض إسكان غالبية الذكور السعوديين، والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيرفض أصحاب العقارات التأجير للسياح الأجانب إنْ كانوا عزاباً؟ عموماً الموقف السلبي من العزاب الذي وصل لدرجة منعهم من دخول مراكز التسوق وليس فقط رفض تأجير المساكن لهم ناتج عن تصورات ثقافية معممة لا واعية، ولذا علاجه يكون بحملة توعية دعائية تعمل على تصحيح تلك التصورات الثقافية التقليدية السلبية المعلبة عن العزاب وأنسنتهم بنظر المجتمع، وفرض عقوبات رادعة على رفض إسكان العزاب، مع العلم أنه وإنْ حصلت مشاكل من قبل سكان العقار سواء أكانوا عائلة أو عزاباً فلا مسؤولية قانونية على صاحب العقار، ولذا لا مبرر للتخوف الزائد الذي لدى أصحاب العقارات، كما أن المجتمع ما عاد معزولاً كما كان سابقاً، وبات العزاب من الجنسين يعملون مع بعضهم يومياً وفي بعض المؤسسات التعليمية يدرسون مع بعضهم وهذا أقرب من مجرد فرصة أن يمروا ببعضهم بشكل عابر متكرر عند الدخول والخروج من المبنى والذي يمثل الرعب الأكبر لدى سكان العقار الذي يجعلهم يحتجون على مالك العقار إنْ قام بتأجير شقة لعازب، وهناك نظرية باسم «أثر التوقع» تقول إن الناس تلقائياً سيتصرفون بالأنماط المتوقعة منهم؛ فإن كان التوقع هو تصرفهم بشكل محترم راقٍ ومتحمل للمسؤولية الأخلاقية والاجتماعية فهذا التوقع تلقائياً سيسيّرهم بشكل لا واعٍ للتصرف بهذا النمط والعكس صحيح.