كتاب ومقالات

إفلاس بنك «فالي» سقوط لسمعة أمريكا

علي محمد الحازمي

مفاجأة سقوط بنك سيلكون فالي هو حديث الشارع هذه الأيام وكل وسائل التواصل الاجتماعي. في أعقاب الأزمة المالية في العام 2007-2008 ظن الجميع أن سقوط بنك ليمان برذرز هو آخر البنوك سقوطاً على الأقل في القرن الواحد والعشرين، السبب يعود للإصلاحات التنظيمية والتشريعية التي قامت بها الحكومة الأمريكية خلال الأزمة المالية والتي تتمحور حول قيام البنوك الأكبر والأكثر أهمية من الناحية النظامية بدعم احتياطيات الطوارئ الخاصة بها لمقاومة العواصف مثل الوضع الحالي. هذا يعني أن النظام المصرفي العالمي بمعزل عن الانهيارات ولن يحدث نفس سيناريو ليمان برذرز قبل عقد ونصف.

الأمر الذي غفل عنه المشرعون الأمريكيون أن الأزمات المالية لا تأتي بنفس الطريقة والهيئة التي أتت بها سابقاً فهي مثل الفيروس الذي يتحور من شكل لآخر حتى يكون قادراً على اختراق النظام المالي. مشكلة بنك سيلكون فالي الأساسية أنه وضع كل بيضة في سلة واحدة وهذا مغاير للإستراتيجية التي تنتهجها البنوك من حيث تنويع المحفظة الإقراضية، بمعنى أوضح وفر البنك التمويل والقروض لما يقرب من نصف شركات التكنولوجيا التي لا تملك سوى مساحة مكتبية مستأجرة، وبعض كرات اليوجا ليتسلى بها الموظفون في تلك الشركات ومجموعة من الأفكار الواعدة.

لعب العامل النفسي للمستثمرين في وول ستريت دوراً مهماً في هذا السقوط لبنك سيلكون فالي، وذلك من خلال التخلي عن أسهم البنوك الصغيرة مثل «First Republic Bank» الذي هبط بأكثر من 30 % والسقوط الحر Signature Bank بما يقارب 35 % قبل الإعلان الرسمي عن انهيار بنك سيلكون فالي بيومين، ظناً منهم أن العملاء قد يبدؤون بسحب أموالهم من البنوك الأصغر أيضاً، واضعين نصب أعينهم أزمة المدخرات والقروض التي استمرت خلال معظم الثمانينيات وأوائل التسعينيات وهذا ما حدث بالفعل مع بنك سيلكون فالي.

سقوط البنوك هو واحد من ثلاثة مؤشرات ذات دلالة إيجابية قوية على مرحلة الركود لأي دولة. ففي الولايات المتحدة تتمثل تلك المؤشرات في تراجع السوق العقاري الذي انخفض بمعدل 24%، وبسقوط بنك سيلكون فالي تحقق الشرط الثاني، وبارتفاع معدلات البطالة بمقدار 0.3% في طريقها إلى 0.5% يكون قد تحقق الشرط الثالث. حالات الإفلاس المتتالية للبنوك الأمريكية تؤكد حتمية ركود الاقتصاد وإفلاس سمعة الولايات المتحدة.