كتاب ومقالات

للجمهور رأي... ولكن

بعد السلام

سلطان الزايدي

في كل دول العالم يبقى الجمهور الرقم الصعب في أي منافسة كروية، ولا يمكن أن تستمر كرة القدم ونستمتع بكل تفاصيلها دون جمهور كبير ومتفاعل، علمًا أن كلمة جمهور لا تقتصر على المشجعين المتواجدين في المدرجات فقط، بل حتى الذين يتواجدون خلف الشاشات يعتبرون من ضمن الجمهور، ولديهم تفاعلهم الذي أصبح يصل اليوم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ لذلك هو رقم واحد في مكونات لعبة كرة القدم، ولن تجد لهذه اللعبة متعة وشغفًا بدون الجمهور، فالجميع يؤمن بهذه الحقيقة، والكل يبحث عن كيفية تنامي هذه الشعبية عبر المنتخبات، والأندية الأكثر انتشارًا في العالم. والجمهور بطبيعة الحال هدف لكل مسيّري هذه اللعبة في العالم كله، ووفق الشعبية تتحدد أشياء كثيرة، وتفاصيل مهمة من خلالها تتضح الرؤية حول مستقبل هذا المنتخب أو هذا النادي أو حتى النجم، لذا فإن كرة القدم قد تحولت من هواية يستمتع بها الناس إلى صناعة يحضر من خلالها الاستثمار الضخم، وكل الجوانب الاقتصادية التي تعتبر حاليًّا من ضمن معايير النجاح على كافة الأصعدة، وطالما قلنا إن المشجع هو الرقم الصعب في هذه العملية الاستثمارية؛ لذا من المهم أن تخضع آراءهم للنقاش، يقبل منها المفيد، ويكون جزءًا من الحل متى ما وجدت الأزمات، لكن في المجمل لا يمكن تكون آراء الجماهير جميعها مقبولة، وخاصة في الجوانب الفنية المرتبطة بالعمل الفني للفريق، كأن يكون هو صاحب الكلمة في بقاء أو رحيل مدرب أو لاعب؛ لذا من المهم أن يكون هذا المشجع على دراية، ولديه روح النقاش وثقافته، ويؤمن بالتخصص، دون أن يكون هذا الأمر سببًا في غضبه، فلكل عمل خصائصه واعتباراته الخاصة، ورؤية مرتبطة بالواقع والمستقبل، لا يعرفها أو يفهمها إلا الشخص المسؤول القريب من كل تفاصيل العمل، لهذا نحن لا نستغرب كثيرًا عدم وضع تلك الآراء الصادرة عن الجمهور ضمن حيّز التنفيذ، أو حتى الاهتمام مهما كانت قيمتها؛ لأن العمل في مجال كرة القدم يحتاج إلى وقت حتى نستطيع أن نعرف مدى فائدة العمل من عدمها، وعادة تكون النتائج هي المقياس في نهاية الموسم، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية عند كثير من الأندية والمنتخبات، فالموسم الذي تكون فيه النتائج مخيبة للآمال يبنى عليه التصور العام على أنه عمل فاشل، يستوجب المراجعة والتغيير، رغم أن العمل الناجح في كرة القدم مبني على التراكم، وقد يحتاج إلى وقت وفق الخطة الفنية الموضوعة لهذا الشأن، والأمثلة في هذا السياق كثيرة، لكن أي عمل مرتبط بالفكرة التراكمية لن يستمر طويلًا، طالما أن النتائج سيئة مع الأسف خاصة مع أنديتنا؛ لذلك نجد في إسبانيا نادي ريال مدريد عنوانًا حقيقيًّا للتفوق؛ لأنه يسير وفق هذا النهج التراكمي التكاملي، وبالتالي نسبة الإخفاقات في مسيرته ضئيلة جدًّا.

«دمتم بخير... رمضان كريم»