أخبار

عودة قوية لـ «الخلايا الجذعية»

علماء يعكفون على هندستها مخبرياً لمكافحة باركنسون وأمراض القلب

مصابة بكوفيد المزمن تتابع درساً في الأوبرا عبر تطبيق زوم في ويلز. وفي الإطار السوبرانو كايت وولفريدج التي تقوم بالتدريس. (وكالات)

«عكاظ» (لندن، واشنطن) OKAZ_online@

أعلنت شركة أسبين نيوروساينس الأمريكية، التي يوجد مقرها في سان ديياغو بولاية كاليفورنيا، أنها تنوي في وقت لاحق من السنة الحالية بدء تجارب سريرية على فكرة أخذ خلية جذعية من الشخص وتزريعها في المختبر، وحقنها في الشخص نفسه مرة أخرى لوقف أعراض مرض الشلل الرعاش (باركنسون). وتموت النيورونات لدى الأشخاص المصابين بالشلل الرعاش، وتقفد قدرتها على إنتاج مادة دوبامين الكيميائية، ما يؤدي إلى فقدان القدرة على حركة العضلات. وتريد الشركة الأمريكية الناشئة أن تعرف ما إذا كانت الخلية الجذعية المعادة للجسم ستستعيد قدرتها على إنتاج الدوبامين، وبالتالي تتوقف الارتعاشات العضلية والعصبية التي تعتبر السمة الأساسية لهذا المرض العضال. وقال الرئيس التنفيذي للشركة داميان ماكديفيت إن التجارب التي تم إجراؤها على الحيوانات في المختبر أظهرت تباشير طيبة. وتسعى شركات عدة، منها أسبين نيوروساينس، إلى التدخل من خلال هندسة الوراثة في الخلايا العادية بحيث يتم تحويلها إلى خلايا جذعية، تتصرف بشكل مماثل للخلايا الجنينية، من حيث إنها يمكن أن تنمو في جميع أصناف خلايا الجسم البشري. ويأمل باحثو هذه الشركات في أن تتم معالجة تلك الخلايا العادية بحيث يمكن إعادة غرسها في الجسم لتعالج عدداً من الأمراض المستعصية على العلاج. ومن بين أولئك الباحثين فريق من المعاهد القومية الأمريكية للصحة، الذين بدأوا تجربة منذ سنة 2019 لمعالجة «الضمور البقعي»، الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية في فقدان البصر؛ وذلك باستخدام غشاء للعين تم إنماؤه من عينة أخذت من دم المريض. ومن ذلك أيضاً أن علماء مستشفى مايو كلينيك سيقومون في وقت لاحق من السنة الحالية بجراحة لزرع نسيج قلبي تم أخذه من خلايا بشرة مريض، في مسعى لمعالجة مرض القلب الخلقي. وقال رائد أبحاث الخلايا الجذعية خلال الثمانينات وتسعينات القرن العشرين البروفيسور رودلف غاينيش لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن فكرة استخدام الخلايا الجذعية في العلاج لا تزال غير عملية، لأنها تكلف وقتاً وأموالاً. لكنه رأى أن فتح الباب أمام التجارب المشار إليها يمثل مرحلة مهمة لتحديد جدوى هذه المسارات العلاجية. ويستمد الباحثون في هذا المجال تشجيعاً كبيراً من نجاح تجربة لتعديل خلايا البالغين بحيث تتصرف كأنها ينبوع متدفق من الشباب. وتختلف التجارب الحديثة عن التجربة التقليدية للاستفادة من الخلايا الجذعية الجنينية. وتؤخذ الخلايا في التجارب الجديدة من الدم، أو من خلايا الجلد، ويتم تحويلها إلى خلايا جذعية داخل المختبر. ويتم بعد ذلك تحديد اختصاص محدد لها، كأن تكون نسيجاً للعين، أو خلية للقلب، أو نيورون. وعلى رغم أن تنمية هذه الأنسجة تستهلك وقتاً ومالاً طائلاً؛ إلا أن العلماء يأملون بأن ذلك سيقلص احتمالات رفض الجسم للخلية التي تزرع فيه، لأنها أصلاً خلية من جسم الإنسان نفسه. ويقر العلماء بأن ثمة مخاطر تترتب على زرع نسيج مستخرج أصلاً من خلايا جذعية، فمن الممكن أن تنجم عن هذه الزراعة خلايا غير مطلوبة، أو خلايا قادرة على تكوين أورام. كما أنه يظل هناك احتمال ضئيل لأن يرفض جهاز المناعة الخلية المزروعة. وظل الباحثون يعتمدون على مدى سنوات على استخراج خلايا جذعية جنينية، من عيادات تخصيب الأجنة، قد يتبرع بها الأزواج لأغراض البحث، أو من الأنسجة الجنينية المأخوذة من عمليات الإجهاض. بيد أن مصدر هذه الخلايا محدود جداً. كما أن ثمة عقبات قانونية كبيرة تمنع الحكومة الأمريكية من تمويل مثل هذه الأبحاث. وشهد طب الاستعانة بالخلايا دفعة قوية في سنة 2006، عندما تمكن عالم الخلايا الجذعية الياباني شينيا ياماناكا، خلال أبحاث أجراها في جامعة طوكيو، من تحديد مورثات (جينات) تستطيع إعادة عقارب الشباب للوراء لدى الفئران البالغة في المختبر. ويعني ذلك أنه نجح في إعادة تلك الخلايا إلى حالتها الجنينية. وبفضل التقدم التكنولوجي في علم الخلايا الجذعية، تمكن الباحثون من إحداث تغييرات دقيقة يركن إليها في تحويل الخلايا البالغة. فقد توصلوا إلى المزيج الصحيح لعوامل النمو، والبروتينات، والآليات الكفيلة بإنتاج الخلايا المطلوبة، محاكين البيئة التي ينمو فيها الجنين. وقاموا بإعادة تحديث بروتوكولاتهم المخبرية المتعلقة بتحديد الخريطة الجينومية للخلايا، وتحليل البروتينات التي تنتجها الخلايا، ليحددوا بشكل دقيق ما إذا كانت خليتهم التي قاموا بإنمائها في المختبر هي النوع الصحيح المطلوب، وأن تلك العملية تخلو من أي خطأ. وعلى رغم ذلك فإن العلماء يقرون بأن التقدم يمضي ببطء شديد، إذ إن عملية تحويل الخلايا المأخوذة من الجسم إلى خلايا جذعية محددة الوظيفة يستغرق شهوراً. ويذكر أن العالم الياباني ياماناكا كان قد حصل في سنة 2012 على جائزة نوبل لأبحاثه المتقدمة في الخلايا الجذعية. ومن تجاربه الرائدة قيامه بمعالجة مسنة يابانية بدأت تفقد بصرها بحكم تقدم السن. وقام العالم الياباني في 2014 بأخذ خلايا من جلد المسنة وحولها الى خلايا جذعية أعادها للجسم لتقوم بمهمة الإبصار. ونشرت مجلة نيوإنغلاند للطب تقريراً ذكر أنه بعد سنة من التجربة لم يطرأ تحسن على المسنة. وكذلك لم يحدث تدهور. ولم تحدث أي مضاعفات جانبية. وقال ياماناكا إنه قرر إنشاء بنك للخلايا القابلة للتحويل، لتقليص الوقت الذي يستغرقه العثور على متبرعين بتلك الخلايا. لكن المرضى الذين يتلقون هذه الخلايا المعدلة تواجههم مشكلة أن مناعتهم سترفضها.

المضادات الحيوية لا تفيد مرضى الالتهابات الفايروسية

فال باحثون في جامعة أوسلو بالنرويج إن معظم المرضى المنومين في المستشفيات بسبب التهاب فايروسي حاد يتم عادة إعطاؤهم جرعات من المضادات الحيوية، تحسباً من أن يكون هناك التهاب جرثومي مرافق للالتهاب الفايروسي. لكن الدراسة النرويجية تقول إن تلك الممارسة الشائعة قد لا تجدي في تحسين فرص بقاء أولئك المرضى على قيد الحياة. وأشارت قائدة فريق الدراسة الدكتورة ماغريت جارلسداتر إلى إن فريقها بحث في تأثير المضادات الحيوية في إنقاذ أكثر من 2100 مريض في أحد مستشفيات النرويج، خلال الفترة 2017-2021. وتوصل الفريق إلى أن إعطاء المضادات الحيوية لمرضى الالتهابات التنفسية لن يؤدي في الغالب إلى تقليص مخاطر الموت في غضون 30 يوماً من بدء العلاج. وكان نحو 70% من المصابين بمرض كوفيد-19 وصفت لهم مضادات حيوية في بعض البلدان. وربما أدى ذلك، وإن من دون قصد، إلى ظهور الميكروبات المضادة للمضادات الحيوية، التي يطلق عليها «سوبر ميكروبات». وتشير الدراسة النرويجية إلى أن العالم يشهد استخداماً مفرطاً للمضادات الحيوية، ما أعان الميكروبات على أن تصبح مقاومة للمضادات الحيوية. وهو تطور يرى العلماء أنه يمثل أحد أكبر المخاطر التي تهدد الصحة العامة العالمية. وتم اختيار المتطوعين للدراسة بعد فحص بمسحة أنفية أو حلقية أكدت نتيجته إصابتهم بالتهاب فايروسي، إما بالإنفلونزا، أو بالالتهاب التنفسي المَخْلوي، أو بكوفيد-19. وتم إعطاء 63% منهم مضادات حيوية لمعالجة الالتهاب التنفسي أثناء احتجازهم في المشافي. وخلال 30 يوماً من بدء الدراسة توفي 168 مريضاً، لم توصف المضادات الحيوية لـ 22 منهم. وبعد وضع العوامل المهمة في الاعتبار، كالنوع، والعمر، والتاريخ المرضي؛ توصل الباحثون إلى أن المرضى الذين وصفت لهم مضادات حيوية أثناء تنويمهم كانوا عُرضة للوفاة بنحو الضعف، خلال 30 يوماً، مقارنة بالمرضى الذين لم توصف لهم مضادات حيوية.