سراب الديمقراطية الأمريكية في العراق !
الأربعاء / 07 / رمضان / 1444 هـ الأربعاء 29 مارس 2023 00:29
عقل العقل
تمر الذكرى 20 لاحتلال العراق أو غزو العراق أو الإطاحة بنظام بعث صدام حسين، هذه الأيام والمنطقة في حالة من عدم الاستقرار والفوضى والفراغ السياسي وكلها تداعيات لذلك الاحتلال الأمريكي-البريطاني للعراق في 2003م.
نحن جيل عربي عشنا الانكسارات والهزائم والنكسات وحصار بيروت وانتهينا في سفرنا الحزين بغزو العراق حياً منقولاً على الهواء تلفزيونياً من عمق المأساة.
أتذكر جلسة مجلس الأمن العاصفة التي حاولت أمريكا استصدار قرار تحت البند السابع باستخدام القوة ضد العراق ومنظر وزير خارجيتها كولن باول وهو يرفع «أنبوبة» بلاستيكية كدليل على أسلحة العراق البيولوجية كما كانت تدعي واشنطن ومساندتها لندن، لم يمر القرار في المجلس ولكن أمريكا مررت حربها وغزوها للعراق بدونه بحجة أن نظام صدام يهدد أمنها الوطني في دليل واضح على بلطجتها السياسية وطبيعة النظام الدولي أحادي القطب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينات ذلك القرن.
انهالت الصواريخ من البحر ومن مئات الطائرات تصب جام غضبها على العراق المنهك بحجة التفتيش على أسلحة الدمار الشامل التي كان يقال إن النظام يطوّرها، ما جعل الشعب العراقي وأطفاله خاصة يدفع ثمن الحصار الجائر، كما انتشرت الأمراض والأوبئة في بلدٍ نفطي غني. الطبقة الحاكمة لم تعانِ في تلك المرحلة السوداء. الحرب والغزو عليه لم يستغرق أسابيع وسقط النظام بعد معركة شرسة وحيدة في مطار بغداد استخدمت فيها القوات الغازية الأسلحة المحرمة دولياً بعد مجابهة قوية مع قوات النخبة والحرس الجمهوري، مشاهد الدبابات الأمريكية وهي تجوب بغداد ماثلة في الذاكرة أعقبها تسلق الجماهير لتمثال الرئيس صدام في ساحة الفردوس لإسقاطه وعندما عجزوا عن ذلك تقدمت مجموعة من البحرية الأمريكية ووضعت العلم الأمريكي على رأس التمثال وأسقطوه أرضاً في صورة رمزية على نهاية مرحلة سياسية وثقافية ودينية بالعراق الحديث.
في حديث قبل أيام مع وزير التجارة العراقي في أيام سقوط بغداد محمود الراوي مع جريدة الشرق الأوسط يتحدث بتفاصيل دقيقة عن تلك اللحظات الصعبة التي عاشها ولجوئه لسورية، حيث كانت له علاقات جيدة مع القيادة السورية والتي رحبت فيه لفترة قصيرة جدا وسلمته بعد أيام لقوات أمريكية كانت تنتظر وصوله على الحدود العراقية، ويقول إنه بعد الانتهاء من التحقيق معه لمدة طويلة سأل المحقق لماذا أنتم هنا؟ فقال له المحقق الأمريكي جئنا لبناء الديمقراطية وسننسحب بعد إنجاز ذلك. أجبته: لن تؤسسوا ديمقراطية حقيقية في العراق ولن تنسحبوا منه وسيحكم العراق كل من المؤسسة الدينية والمؤسسة العشائرية، وسيتحول العراق، البلد الآمن، إلى بلد ينشأ فيه التطرف.
هذه الإجابة من الراوي تختصر ما مر به العراق من حروب طوائف ومذاهب وأصبح أرضا خصبة للمنظمات الإرهابية كالقاعدة وداعش ودفع العراق والمنطقة الثمن من تفجيرات وقتال طائفي بغيض، أما الديمقراطية الأمريكية فلم تكن هدفاً بالأساس وقد كان الهدف الرئيس هو إيجاد فوضى خلاقة وشرق أوسط جديد، وباعتقادي أن مرحلة الربيع العربي اللاحقة لها علاقة بغزو واحتلال العراق.
عراق متصالح مع ذاته وأطيافه الاجتماعية ومسيرة تنموية وسياسية واستقرار أمني هو ما نتمناه لهذا الوطن العزيز علينا، وما فرح الشعب العراقي بدورة الخليج الأخيرة بالبصرة إلا دليل على الأخوة الخليجية والإنسانية.
نحن جيل عربي عشنا الانكسارات والهزائم والنكسات وحصار بيروت وانتهينا في سفرنا الحزين بغزو العراق حياً منقولاً على الهواء تلفزيونياً من عمق المأساة.
أتذكر جلسة مجلس الأمن العاصفة التي حاولت أمريكا استصدار قرار تحت البند السابع باستخدام القوة ضد العراق ومنظر وزير خارجيتها كولن باول وهو يرفع «أنبوبة» بلاستيكية كدليل على أسلحة العراق البيولوجية كما كانت تدعي واشنطن ومساندتها لندن، لم يمر القرار في المجلس ولكن أمريكا مررت حربها وغزوها للعراق بدونه بحجة أن نظام صدام يهدد أمنها الوطني في دليل واضح على بلطجتها السياسية وطبيعة النظام الدولي أحادي القطب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينات ذلك القرن.
انهالت الصواريخ من البحر ومن مئات الطائرات تصب جام غضبها على العراق المنهك بحجة التفتيش على أسلحة الدمار الشامل التي كان يقال إن النظام يطوّرها، ما جعل الشعب العراقي وأطفاله خاصة يدفع ثمن الحصار الجائر، كما انتشرت الأمراض والأوبئة في بلدٍ نفطي غني. الطبقة الحاكمة لم تعانِ في تلك المرحلة السوداء. الحرب والغزو عليه لم يستغرق أسابيع وسقط النظام بعد معركة شرسة وحيدة في مطار بغداد استخدمت فيها القوات الغازية الأسلحة المحرمة دولياً بعد مجابهة قوية مع قوات النخبة والحرس الجمهوري، مشاهد الدبابات الأمريكية وهي تجوب بغداد ماثلة في الذاكرة أعقبها تسلق الجماهير لتمثال الرئيس صدام في ساحة الفردوس لإسقاطه وعندما عجزوا عن ذلك تقدمت مجموعة من البحرية الأمريكية ووضعت العلم الأمريكي على رأس التمثال وأسقطوه أرضاً في صورة رمزية على نهاية مرحلة سياسية وثقافية ودينية بالعراق الحديث.
في حديث قبل أيام مع وزير التجارة العراقي في أيام سقوط بغداد محمود الراوي مع جريدة الشرق الأوسط يتحدث بتفاصيل دقيقة عن تلك اللحظات الصعبة التي عاشها ولجوئه لسورية، حيث كانت له علاقات جيدة مع القيادة السورية والتي رحبت فيه لفترة قصيرة جدا وسلمته بعد أيام لقوات أمريكية كانت تنتظر وصوله على الحدود العراقية، ويقول إنه بعد الانتهاء من التحقيق معه لمدة طويلة سأل المحقق لماذا أنتم هنا؟ فقال له المحقق الأمريكي جئنا لبناء الديمقراطية وسننسحب بعد إنجاز ذلك. أجبته: لن تؤسسوا ديمقراطية حقيقية في العراق ولن تنسحبوا منه وسيحكم العراق كل من المؤسسة الدينية والمؤسسة العشائرية، وسيتحول العراق، البلد الآمن، إلى بلد ينشأ فيه التطرف.
هذه الإجابة من الراوي تختصر ما مر به العراق من حروب طوائف ومذاهب وأصبح أرضا خصبة للمنظمات الإرهابية كالقاعدة وداعش ودفع العراق والمنطقة الثمن من تفجيرات وقتال طائفي بغيض، أما الديمقراطية الأمريكية فلم تكن هدفاً بالأساس وقد كان الهدف الرئيس هو إيجاد فوضى خلاقة وشرق أوسط جديد، وباعتقادي أن مرحلة الربيع العربي اللاحقة لها علاقة بغزو واحتلال العراق.
عراق متصالح مع ذاته وأطيافه الاجتماعية ومسيرة تنموية وسياسية واستقرار أمني هو ما نتمناه لهذا الوطن العزيز علينا، وما فرح الشعب العراقي بدورة الخليج الأخيرة بالبصرة إلا دليل على الأخوة الخليجية والإنسانية.