جدل في الإعلام !
الاثنين / 12 / رمضان / 1444 هـ الاثنين 03 أبريل 2023 00:09
محمد الساعد
أثارت حلقات الأستاذين قينان الغامدي وداود الشريان مع الزميل عبدالله المديفر في برنامج الليوان، الكثير من الجدل والحوارات الجانبية عن الإعلام السعودي ومستقبله والماضي المجيد الذي يتكئ عليه، والقصص العبقرية التي أفرج عن بعض منها الأستاذان، وكيف كان الجهد من أجل الحصول على سبق أو قصة صحفية كبيراً ومضنياً، صعوبات نفتقد لذتها ونتائجها الآن ولا يعرف المتطفلون على الإعلام عنها شيئاً.
كما كشفت كثيراً مما خفي في كواليس الإعلام طوال عقود، سواء الصحفي أو التلفزيوني، لكنها أثبتت أيضاً كيف أن الإعلام التقليدي والشاشة التلفزيونية لا تزال هي الأكثر إثارة، والأكثر تفاعلاً متى ما قدمت المحتوى المناسب والجذاب.
لكن أهم ما يمكن الإشارة إليه في الحوارين هو انكسار «حالة الصمت» التي تبناها الإعلاميون طوال حياتهم المهنية، وهي من أهم أسرار المهنة، خاصة العلاقة بينهم وبين القيادات السياسية والإدارية والأجهزة الحكومية، وكذلك بين الزملاء أنفسهم.
سياسة صمت ركزت على فكرة احتفاظ الصحفي بقصصه ومصادره ومعلوماته، وهو ما يعطي الصحفي مصداقيته لدى كل الأطراف التي يتعامل معها، تلك الفكرة سبغت حياة كثير من الصحفيين المهنيين، لكن الانكسار الذي حدث في صندوق الأسرار والقصص الخاصة، سيدعو للكثير من التساؤل.
في أي مهنة ضيقة الفرص مثل الإعلام، تخرج احتكاكات خشنة، وفي المقابل تظهر ما تسمى بالشللية، وهي شللية موجودة في معظم الفنون، الإعلام، التمثيل، الغناء.. إلخ، والسبب أن العمل معرّض للمشاهدة وللنقد من الجمهور، ولذلك يحتاج إلى نسبة عالية من الانسجام بين أطرافه، كونها حلقات متداخلة، وتحتاج للعمل المشترك، وهذا ليس تبريراً للشللية أو تشريعاً لها، بل هي من أفسدت كل شيء في الإعلام وغيره، وحملت أرباع وأخماس الموهوبين من الكواليس إلى واجهة الأحداث.
التدافع والمخاشنة بين الأدباء والمثقفين ليست جديدة، شهدها الأدب العربي منذ جرير والفرزدق، وربما قبلهما، ورأيناها كذلك بين طلال مداح ومحمد عبده، لكن ظهورها بهذا الشكل العلني وعلى شاشات التلفزيون بين الصحفيين الكبار، جعلها أكثر إثارة من غيرها بسبب الجدل الطويل والقائم عن الإعلام ومن السبب في تراجعه وتأثره بين من هو داخل الدائرة ومن هو خارجها.
حوارات الزميل «المديفر» الأخيرة كشفت أيضاً خطاً رفيعاً في أي حوار تلفزيوني -ربما لا ينتبه له المشاهد البسيط- بين الحقيقة وتمرير الرسائل، وعلى سبيل المثال علاقة المباحث بالصحافة السعودية، التي مررها المذيع خلال أسئلته مع ضيوفه، بالطبع العلاقة ليست بتلك الصورة «المائعة»، فالمباحث ليست جهازاً رقابياً على الإعلام كما قد يفهم في حوارات نادرة، ولا هي جهاز متسلط يلاحق الإعلاميين والوسائل، بل هي جهاز «يحقق» في ما يرد ويحال إليه من قضايا تحتاج إلى مزيد من التعمق، ولو عدنا إلى ملايين المنشورات في الصحافة السعودية على مدى عقود لما وجدنا إلا عدداً بسيطاً من القضايا التي تدخلت فيها أجهزة الأمن للتقصي والتحقق فقط، كما أن الجهاز المخول له إنزال عقوبات هي وزارة الإعلام فقط.
أخيراً سيبقى الجدل الإعلامي قائماً، حتى تستقر سفينته التي تعرضت لموجة عاتية في السنوات العشر الماضية، إثر تراجع الإعلان ودخول المتطفلين من متصدري برامج «السوشيال ميديا» إلى الساحة الإعلامية والخلط الواضح بينهم وبين الصحفيين ووسائلهم الحقيقية، فمن سيتحمل المسؤولية ويعلن صيغة جديدة للإعلام تعيد له هيبته ومكانته ومكانة أبنائه الذين لايزالون يحملون مفاتيح المهنة وأسرارها بين أيديهم.
كما كشفت كثيراً مما خفي في كواليس الإعلام طوال عقود، سواء الصحفي أو التلفزيوني، لكنها أثبتت أيضاً كيف أن الإعلام التقليدي والشاشة التلفزيونية لا تزال هي الأكثر إثارة، والأكثر تفاعلاً متى ما قدمت المحتوى المناسب والجذاب.
لكن أهم ما يمكن الإشارة إليه في الحوارين هو انكسار «حالة الصمت» التي تبناها الإعلاميون طوال حياتهم المهنية، وهي من أهم أسرار المهنة، خاصة العلاقة بينهم وبين القيادات السياسية والإدارية والأجهزة الحكومية، وكذلك بين الزملاء أنفسهم.
سياسة صمت ركزت على فكرة احتفاظ الصحفي بقصصه ومصادره ومعلوماته، وهو ما يعطي الصحفي مصداقيته لدى كل الأطراف التي يتعامل معها، تلك الفكرة سبغت حياة كثير من الصحفيين المهنيين، لكن الانكسار الذي حدث في صندوق الأسرار والقصص الخاصة، سيدعو للكثير من التساؤل.
في أي مهنة ضيقة الفرص مثل الإعلام، تخرج احتكاكات خشنة، وفي المقابل تظهر ما تسمى بالشللية، وهي شللية موجودة في معظم الفنون، الإعلام، التمثيل، الغناء.. إلخ، والسبب أن العمل معرّض للمشاهدة وللنقد من الجمهور، ولذلك يحتاج إلى نسبة عالية من الانسجام بين أطرافه، كونها حلقات متداخلة، وتحتاج للعمل المشترك، وهذا ليس تبريراً للشللية أو تشريعاً لها، بل هي من أفسدت كل شيء في الإعلام وغيره، وحملت أرباع وأخماس الموهوبين من الكواليس إلى واجهة الأحداث.
التدافع والمخاشنة بين الأدباء والمثقفين ليست جديدة، شهدها الأدب العربي منذ جرير والفرزدق، وربما قبلهما، ورأيناها كذلك بين طلال مداح ومحمد عبده، لكن ظهورها بهذا الشكل العلني وعلى شاشات التلفزيون بين الصحفيين الكبار، جعلها أكثر إثارة من غيرها بسبب الجدل الطويل والقائم عن الإعلام ومن السبب في تراجعه وتأثره بين من هو داخل الدائرة ومن هو خارجها.
حوارات الزميل «المديفر» الأخيرة كشفت أيضاً خطاً رفيعاً في أي حوار تلفزيوني -ربما لا ينتبه له المشاهد البسيط- بين الحقيقة وتمرير الرسائل، وعلى سبيل المثال علاقة المباحث بالصحافة السعودية، التي مررها المذيع خلال أسئلته مع ضيوفه، بالطبع العلاقة ليست بتلك الصورة «المائعة»، فالمباحث ليست جهازاً رقابياً على الإعلام كما قد يفهم في حوارات نادرة، ولا هي جهاز متسلط يلاحق الإعلاميين والوسائل، بل هي جهاز «يحقق» في ما يرد ويحال إليه من قضايا تحتاج إلى مزيد من التعمق، ولو عدنا إلى ملايين المنشورات في الصحافة السعودية على مدى عقود لما وجدنا إلا عدداً بسيطاً من القضايا التي تدخلت فيها أجهزة الأمن للتقصي والتحقق فقط، كما أن الجهاز المخول له إنزال عقوبات هي وزارة الإعلام فقط.
أخيراً سيبقى الجدل الإعلامي قائماً، حتى تستقر سفينته التي تعرضت لموجة عاتية في السنوات العشر الماضية، إثر تراجع الإعلان ودخول المتطفلين من متصدري برامج «السوشيال ميديا» إلى الساحة الإعلامية والخلط الواضح بينهم وبين الصحفيين ووسائلهم الحقيقية، فمن سيتحمل المسؤولية ويعلن صيغة جديدة للإعلام تعيد له هيبته ومكانته ومكانة أبنائه الذين لايزالون يحملون مفاتيح المهنة وأسرارها بين أيديهم.