من بلقيس إلى حكماء اليمن !
الاثنين / 19 / رمضان / 1444 هـ الاثنين 10 أبريل 2023 00:01
محمد الساعد
لم تكن السعودية يوماً إلا قريبة من اليمن الدولة والإنسان، واليمن الجار المستقر والآمن والمزدهر أفضل مليون مرة من يمنٍ يعمه الخراب والفوضى والاحتراب ليس لليمنيين فقط بل وللسعوديين والإقليم والعالم، السعودية تقول بكل صراحة وشفافية إنها تسعى لمنطقة متطورة ومتمدنة، ألم يطلق ولي العهد السعودي أمنيته بأن تتحول هذه المنطقة من العالم إلى أوروبا جديدة، حلم القيادة السعودية لا يقتصر على السعوديين، بل يشمل الجميع، وبلا شك اليمن على رأسها وهي الدولة الشقيقة والجارة.
لقد تعبت المنطقة من الفوضى والفشل، وهذا الحراك السياسي والاقتصادي السعودي هو جزء من إحساس القيادة السعودية بدور بلادها التاريخي في تأسيس منطقة مزدهرة، وتخفيض إن لم يكن تصفير الخلافات قدر ما يمكن وتحويلها لفرص.
قدر السعودية واليمن أن يكونا متجاورين في الجزيرة العربية، السعودية جدارها العالي، واليمن خاصرتها الأمنية والجيوسياسية المهمة، تتوسطان العالم وتطلان جميعاً على بحرَي العرب والبحر الأحمر وتجاوران أفريقيا، وعلى تماس مع خطوط الملاحة العالمية، ولذلك يحتل اليمن مكانة رئيسية في اهتمام المملكة وقيادتها للشراكة معه والانتقال به ومعه نحو مستقبل يحقق تطلعات شعبه.
اليوم تلوح في أفق اليمن السعيد فرصة اتفاق سلام تاريخي، ويتحتّم على المكونات اليمنية جميعها الاستفادة منه وتقديم الأولويات الاقتصادية والتنموية على الخلافات والنزاعات العسكرية، عبر الحوار ولا شيء غير الحوار والاتفاق للتوصل إلى حل سياسي شامل يحقق أمل شعب أضنته الحروب والاقتتال والفقر.
التحدي اليمني كبير، والتفاصيل معقدة وشائكة، تحدٍ لا تحاصره أصوات الخلافات فقط، بل وأزيز الرصاص وروائح الموت، وقد حان أن يستفيق اليمن من غفوته المؤقتة وينهض من تلك الآلام وينظر بعين الوطنية الواسعة نحو الأولويات الوطنية، ويحذر من التيارات والمؤامرات الهادفة إلى إدامة الأزمة في اليمن.
المملكة كانت ولاتزال منحازة لليمنيين والشرعية اليمنية، ولم يكن تدخل التحالف إلا بدعوة من الحكومة الشرعية في اليمن وتحقيقاً للقرارات الدولية، بهدف دعم «الشرعية» وإيجاد حل للأزمة اليمنية على طاولة الحوار السياسي، ومن الطبيعي أن ينهي التحالف عملياته وتواجده في اليمن بمجرد الوصول لحل سياسي شامل في اليمن، وهو في نهاية الأمر انتصار لليمن، وكذلك انتصار للحكومة الشرعية والتحالف، ويعكس تنفيذ إرادتهم السياسية على كل من يسعى إلى إدامة النزاع والأزمة في اليمن.
رحلة السلام السعودية في اليمن لم تكن سهلة بل محفوفة بالمخاطر والصعاب ومع ذلك خاضتها الرياض من أجل اليمن واليمنيين، رحلة سلام بدأت منذ العام 2011م، عندما أقنعت الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح بالتنازل عن السلطة وتوقيع المبادرة الخليجية بين الأطراف اليمنية في الرياض، كما قامت في عام 2016 بإقناع الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المشاورات «اليمنية اليمنية» في الكويت تحت إشراف الأمم المتحدة؛ إضافة إلى دعمها مشاورات ستوكهولم التي أدت إلى الاتفاق بشأن الحديدة 2018.
سبق وأن أعلن سمو وزير الخارجية السعودي عن مبادرة الرياض لإنهاء الأزمة في اليمن والوصول لحل سياسي شامل في عام 2021 والتي تضمنت أربعة محاور؛ هي وقف إطلاق النار وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق ستوكهولم، وفتح مطار صنعاء، وبدء مشاورات الحل السياسي بين الأطراف اليمنية، فأي مبادرة في هذا السياق ليست أمراً جديداً.
فرصة اليمنيين ليست في الهدنة المؤقتة، بل في التوصل إلى اتفاق تاريخي تذكره الأجيال اليمنية، يخرج البلاد من حالة الحرب إلى المستقبل والانشغال بالتنمية والاستفادة من مشاريع الإعمار التي دعت إليها المملكة ودول الخليج وكثير من الصناديق والشركاء العالميين، وهو أمر ليس جديداً فقد تضمن البيان الختامي للقمة السادسة والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون الخليجي الدعوة لعقد مؤتمر دولي لإعمار اليمن بعد التوصل لاتفاق سلام ينهي الأزمة الحالية، لذا فإن الوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن هدف رئيس لدول المجلس ويقتضي ذلك دعم مشاريع التنمية وإعادة الإعمار فيها وفق ما اتفق عليه قادة دول مجلس التعاون الخليجي.
لم تتخل المملكة عن رؤيتها للتنمية اليمنية بالرغم من الحرب الدامية التي غرق فيها اليمنيون، فقد أطلقت العام 2018 برنامجاً فريداً لإعادة إعمار اليمن ودعم المشاريع التنموية فيه، ولم تكن العمليات العسكرية منذ ذلك الحين عائقاً أمام دعم هذا البرنامج لمشاريع تنموية كبرى شاهدة في اليمن، مما يعكس نظرة المملكة الجادة والصادقة لدعم اليمن وتنميته بشكل أكبر عند التوصل لحل سياسي شامل في اليمن..
وكأني أرى وأسمع الملكة بلقيس تقول لحكماء اليمن: حان الوقت لأن يعود اليمن السعيد مرة أخرى (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)، وأن ينحاز السياسيون إلى السلام والازدهار بدلاً من الحرب والشتات، ويضعون وراءهم اليمن الحزين المثقل بالحروب التي لا تنتهي، والنزاعات التي لا تحل، والدمار الذي استوطن الحياة قبل المدن والقرى، فالتاريخ لن يغفر لأحد وعلى السياسيين اليمنيين تخليد أسمائهم في تاريخ يمنهم السعيد كما خلّدت بلقيس اسمها.
لقد تعبت المنطقة من الفوضى والفشل، وهذا الحراك السياسي والاقتصادي السعودي هو جزء من إحساس القيادة السعودية بدور بلادها التاريخي في تأسيس منطقة مزدهرة، وتخفيض إن لم يكن تصفير الخلافات قدر ما يمكن وتحويلها لفرص.
قدر السعودية واليمن أن يكونا متجاورين في الجزيرة العربية، السعودية جدارها العالي، واليمن خاصرتها الأمنية والجيوسياسية المهمة، تتوسطان العالم وتطلان جميعاً على بحرَي العرب والبحر الأحمر وتجاوران أفريقيا، وعلى تماس مع خطوط الملاحة العالمية، ولذلك يحتل اليمن مكانة رئيسية في اهتمام المملكة وقيادتها للشراكة معه والانتقال به ومعه نحو مستقبل يحقق تطلعات شعبه.
اليوم تلوح في أفق اليمن السعيد فرصة اتفاق سلام تاريخي، ويتحتّم على المكونات اليمنية جميعها الاستفادة منه وتقديم الأولويات الاقتصادية والتنموية على الخلافات والنزاعات العسكرية، عبر الحوار ولا شيء غير الحوار والاتفاق للتوصل إلى حل سياسي شامل يحقق أمل شعب أضنته الحروب والاقتتال والفقر.
التحدي اليمني كبير، والتفاصيل معقدة وشائكة، تحدٍ لا تحاصره أصوات الخلافات فقط، بل وأزيز الرصاص وروائح الموت، وقد حان أن يستفيق اليمن من غفوته المؤقتة وينهض من تلك الآلام وينظر بعين الوطنية الواسعة نحو الأولويات الوطنية، ويحذر من التيارات والمؤامرات الهادفة إلى إدامة الأزمة في اليمن.
المملكة كانت ولاتزال منحازة لليمنيين والشرعية اليمنية، ولم يكن تدخل التحالف إلا بدعوة من الحكومة الشرعية في اليمن وتحقيقاً للقرارات الدولية، بهدف دعم «الشرعية» وإيجاد حل للأزمة اليمنية على طاولة الحوار السياسي، ومن الطبيعي أن ينهي التحالف عملياته وتواجده في اليمن بمجرد الوصول لحل سياسي شامل في اليمن، وهو في نهاية الأمر انتصار لليمن، وكذلك انتصار للحكومة الشرعية والتحالف، ويعكس تنفيذ إرادتهم السياسية على كل من يسعى إلى إدامة النزاع والأزمة في اليمن.
رحلة السلام السعودية في اليمن لم تكن سهلة بل محفوفة بالمخاطر والصعاب ومع ذلك خاضتها الرياض من أجل اليمن واليمنيين، رحلة سلام بدأت منذ العام 2011م، عندما أقنعت الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح بالتنازل عن السلطة وتوقيع المبادرة الخليجية بين الأطراف اليمنية في الرياض، كما قامت في عام 2016 بإقناع الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المشاورات «اليمنية اليمنية» في الكويت تحت إشراف الأمم المتحدة؛ إضافة إلى دعمها مشاورات ستوكهولم التي أدت إلى الاتفاق بشأن الحديدة 2018.
سبق وأن أعلن سمو وزير الخارجية السعودي عن مبادرة الرياض لإنهاء الأزمة في اليمن والوصول لحل سياسي شامل في عام 2021 والتي تضمنت أربعة محاور؛ هي وقف إطلاق النار وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق ستوكهولم، وفتح مطار صنعاء، وبدء مشاورات الحل السياسي بين الأطراف اليمنية، فأي مبادرة في هذا السياق ليست أمراً جديداً.
فرصة اليمنيين ليست في الهدنة المؤقتة، بل في التوصل إلى اتفاق تاريخي تذكره الأجيال اليمنية، يخرج البلاد من حالة الحرب إلى المستقبل والانشغال بالتنمية والاستفادة من مشاريع الإعمار التي دعت إليها المملكة ودول الخليج وكثير من الصناديق والشركاء العالميين، وهو أمر ليس جديداً فقد تضمن البيان الختامي للقمة السادسة والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون الخليجي الدعوة لعقد مؤتمر دولي لإعمار اليمن بعد التوصل لاتفاق سلام ينهي الأزمة الحالية، لذا فإن الوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن هدف رئيس لدول المجلس ويقتضي ذلك دعم مشاريع التنمية وإعادة الإعمار فيها وفق ما اتفق عليه قادة دول مجلس التعاون الخليجي.
لم تتخل المملكة عن رؤيتها للتنمية اليمنية بالرغم من الحرب الدامية التي غرق فيها اليمنيون، فقد أطلقت العام 2018 برنامجاً فريداً لإعادة إعمار اليمن ودعم المشاريع التنموية فيه، ولم تكن العمليات العسكرية منذ ذلك الحين عائقاً أمام دعم هذا البرنامج لمشاريع تنموية كبرى شاهدة في اليمن، مما يعكس نظرة المملكة الجادة والصادقة لدعم اليمن وتنميته بشكل أكبر عند التوصل لحل سياسي شامل في اليمن..
وكأني أرى وأسمع الملكة بلقيس تقول لحكماء اليمن: حان الوقت لأن يعود اليمن السعيد مرة أخرى (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)، وأن ينحاز السياسيون إلى السلام والازدهار بدلاً من الحرب والشتات، ويضعون وراءهم اليمن الحزين المثقل بالحروب التي لا تنتهي، والنزاعات التي لا تحل، والدمار الذي استوطن الحياة قبل المدن والقرى، فالتاريخ لن يغفر لأحد وعلى السياسيين اليمنيين تخليد أسمائهم في تاريخ يمنهم السعيد كما خلّدت بلقيس اسمها.