أخبار

رضوان السيد: رئاسة الدولة لا علاقة لها بالعقائد ولا التعبُّد

رضوان السيد

عرض: علي الرباعي Al_ARobai@

حذّر المفكر السعودي الدكتور رضوان السيد، من استخدام الدين في التنافس السياسي، كون الدين ضمير المجتمع وسكينته، ويتبادل معه الاحتضان. فيما التنافس يُشرذم الدين ويشرذم المجتمع، وعباداته ومنظومتَه القيمية، مشيراً إلى أن فقهاء المذاهب الإسلامية، اعتبروا الإمامةَ أو رئاسةَ الدولة شأناً مصلحيّاً وتدبيريّاً واجتهاديّاً، لا علاقة له بالعقائديات ولا بالتعبُّديات. موضحاً أن أطروحة «الحاكمية» والنظام الكامل تحيل الشأنَ السياسيَّ إلى شأن اعتقادي، كما أن الإسلامَيْن الجهاديَّ، والتنظيميَّ، أحدثا انشقاقاً في الدين.

ويرى السيد أن المبادئَ الدينية والفكرية العامة في المجال الإسلامي لا تُصادم المبادئَ الحديثة للدولة؛ فمثلاً الحق الطبيعي لا يختلف عن مفهوم الضرورات الخمس عند الشاطبي، التي اعتبرها كونيةً عالميةً؛ لأنها «يجب مراعاتها في كل ملة»، إذن هناك كثيرٌ من الاختلافات في التعابير ولكن ليس في المضامين. وبدلاً من البدء بثنائيات حادة مع الغرب تحمل سياسات الهوية، دعا السيد إلى انخراط المسلمين في العالم من خلال تبنِّي منظومتين أخلاقيتين: منظومة الأخلاق العالمية «وهي المشتركات الكبرى بين الأديان، باعتبارها مرجعيةً إنسانية عالمية»، ومنظومة العقل والعدل والأخلاق التي دعا لها مفكرون مسلمون، والتي تستبطن المفاهيم القرآنية الأساسية «التعارف، والخيرات، والمسؤولية».

وعزا مأساوية الوضع الحالي إذ يعاني المسلمون من الانشقاقات العميقة بالداخل، والانفصال الشعوري والقيمي عن العالم: إلى «الافتقاد للمرجعية الكبرى أو الرؤية الواضحة للذات والدور والموقع في العالم». ويؤكد أنه لا مخرج من خصوصيات الاهتياج والثوران إلا بالعودة لنكون جزءاً من العالم والعصر بحسِّ الشاهد ومسؤولياته، ونهج التعارُف الخيري وعمله.

وكشف السيد تشكيك الإسلام الإحيائي في شرعيَّة المؤسسات الدينية؛ ما أدى إلى انقسام النزعة الإحيائية الإسلامية إلى شِقَّين: الإحيائية الأصولية «بشكل أساسي الحركات الإخوانيَّة»، التي بنت شرعيَّةً بديلةً عبر الجمعيات التي تعتمد أسلوبَ بيْعة المرشد، فصار التنظيمُ هو المحور الذي تعتصم به الشرعية التي يُراد بناؤها، كما أن هناك إحيائيةً سلفيةً من نوع خاص.

وأوضح أن الاحيائيين يختلفون كثيراً عن الإصلاحيين، فهؤلاء الآخرون من رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي ومحمد عبده وعلي عبدالرزاق، رأوا في التنظيمات العثمانية تنظيماتٍ شرعيةً أجرتها سلطةٌ شرعيةٌ، بما في ذلك مبدأ المواطنة، والبرلمان، والحكومة، وتقييد سلطات الحاكم بالدستور. ورحبوا بمجلة الأحكام العدلية العثمانية، وأدخلوا في حقبة الدولة الوطنية أصولاً وفروعاً فقهيةً ضمن قوانين مدنية، بينما قام الإحيائيون منذ الخمسينيات من القرن الماضي بتأسيسٍ لتفرقةٍ قاطعةٍ بين الشريعة (والفقه المستند إليها)، وبين القوانين الوضعية ذات الأصل الإنساني. وقام هؤلاء بالشكِّ في العلم وإمكانات تناقُضه مع الإيمان ومحاولة أسلمة المعرفة. وبدل التبادل الثقافي مع الحداثة والاقتباس والإفادة منها، نادوا بالمواجهة الشاملة من أجلِ الحفاظ على الهوية وعلى الإسلام.