رياضة

عنصرية سوداء.. فمن يحمي اللاعبين ؟

واقع يفضح أوروبا المتلونة.. ملاعب كرة القدم ساحة متفجرة بالتمييز

عنصرية سوداء

فهد صالح (جدة) fahadoof_s@

لا ينتهي الحديث عن التمييز العنصري ضد بعض المختلفين في لون البشرة أو الدين والمعتقد أو العرق، أو حتى في بعض الصفات الجسمانية، وقد شهدت الأعوام الأخيرة عشرات الأحداث في ملاعب كرة القدم وحدها، وعشرات الحالات في الملاعب الرياضية الأخرى؛ وهي آفة قديمة ومرض نفسي ومجتمعي تتجدد في كل عام، دون إيجاد حلول جذرية لها، رغم المحاولات الحثيثة من قبل المنظمات والاتحادات الدولية والوطنية للحد منها.

لا شك في أن رياضة كرة القدم أصبحت ملوثة بالعنصرية أكثر من أية رياضة جماعية أو فردية أخرى، وأصبحت تفتقد المتعة التي تبعثها في نفوس اللاعبين وعشاقها بسبب الهتافات الخارجة، فالرياضة أخلاق قبل أن تكون منافسة، ومع ذلك فإن البعض يسيئون لتلك الرياضة من خلال الممارسات اللا أخلاقية. ورغم الجهود الرامية إلى استئصال العنصرية فقد تورط لاعبون كثر بها على مرّ التاريخ في أوروبا، كما اختلفت حدتها بين عقد وآخر.. وغالباً ما يتعرض اللاعبون ذوو البشرة الداكنة لأشكال العنصرية.

حوادث ليست جديدة إلا أنها أخذت بالاتساع، ويذكر الكثير من المتابعين الحادثة الشهيرة للمدرب الإسباني لويس أراغونيس في عام 2004؛ حين تم كشفه وهو يتحدث مع زميل تييري هنري في نادي آرسنال خوسيه أنطونيو رييس، حيث قال «أعطه الكرة، ثم اجعل ذلك الأسود اللعين يراك ويدرك بأنك أفضل منه». هذه الحادثة سببت ضجة كبيرة في الإعلام البريطاني الذي طالب بطرد أراغونيس من منصبه.

حتى محمد صلاح اللاعب المصري في فريق ليفربول، وصاحب الشهرة المعروفة، لم يسلم من العنصرية هو الآخر رغم الإنجازات التي حققها لفريقه، فقد انتشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لجماهير تشيلسي وهي تغني في محطة للقطارات «محمد صلاح مفجر إرهابي»!. وعلى رغم من أن عمر لاعب ريال مدريد الإسباني فينسيوس جونيور 20 عاماً، فقد تعرض لانتهاكات عنصرية في مناسبات عدة منفصلة هذا العام؛ سواء من مشجعين أو لاعبين.

وتحوّلت مباراة المنتخب الإنجليزي أمام مضيفه البلغاري في تصفيات يورو 2020، التي انتهت بفوز منتخب «الأسود الثلاثة» بنتيجة 6-0، إلى ساحة للعنصرية والهتافات السياسية من قبل مجموعة من جماهير البلد المضيف، حيث أطلقت مجموعة من الجماهير أصوات القرود وأدوا التحية النازية، وهو ما تسبب في توقف المباراة مرتين.

حماية كرة القدم

من جهته، يحاول الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بكل ما أوتي من قوة، الحد من ظاهرة الإساءات العنصرية للاعبين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وهناك تعاون من جانب الـ(فيفا) مع النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو)، لمكافحة خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني إنفانتينو، «واجبنا حماية كرة القدم، وهذا يبدأ بحماية اللاعبين الذين يجلبون كثيراً من الفرح والسعادة لنا جميعاً، من خلال لعبهم لكرة القدم». مضيفاً: «لسوء الحظ هناك اتجاه متزايد من التعليقات غير المقبولة الموجهة إلى اللاعبين والمدربين وحكام المباريات والفرق على قنوات التواصل الاجتماعي، وهذا الشكل من التمييز، مثل أي شكل آخر من أشكال التمييز، ليس له مكان في كرة القدم».

وأوضح أنه «إضافة لما يتم رصده على وسائل التواصل الاجتماعي إلى ما يتم مراقبته بالفعل داخل الملاعب، نريد أن نقوم بأفعال ولا نكتفي بالكلام، لهذا فإننا نتخذ تدابير ملموسة لمعالجة المشكلة مباشرةً». مبيناً أنَّ الهدف من هذا الجهد ليس فقط حماية كرة القدم وتجنب الآثار الضارة لهذه التعليقات المسيئة، ولكن أيضاً تثقيف الأجيال المقبلة التي تشارك في فعاليات كرة القدم على وسائل التواصل الاجتماعي كما في الملعب.

وتنصُّ العقوبات التي تنحصر في المسابقات والبطولات التي تتبع للاتحاد الدولي لكرة القدم، على فرض حظر جزئي على الجماهير التي تمارس انتهاكات عنصرية، وتتم مضاعفة العقوبة، لتصل إلى خصم النقاط أو الاستبعاد من المسابقات، حال تكرار السلوك التمييزي.