كتاب ومقالات

«التراث في تحوّل».. السعودية تحتفي بيومه العالمي

فاطمة العثمان

تولي قيادتنا الرشيدة اهتماماً بالمعالم التاريخية والآثارية منذ قيام الدولة السعودية الأولى والثانية، فقد شهد عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- مرحلة مهمة من الرحلات الاستكشافية والتي قام بها رحالة وعلماء أوروبيون عن آثار وتراث المملكة. كما بدأت في عهده أيضاً ظهور كوكبة من المؤرخين والأدباء الذين كتبوا مشاهداتهم وانطباعاتهم عن تاريخ المملكة وموروثها الثقافي والتراثي.

لا نأتي بجديد إذا قلنا إن أرض المملكة العربية السعودية هي مسرح رحب لعدد هائل من الحضارات التي تعاقبت على هذه البقعة من العالم، فهي بالمعنى القومي للكلمة (بلاد العرب)، وبالمعنى الديني (بلاد الحرمين)، لاسيما ونحن نتحدث عن مساحتها الشاسعة (2.25) مليون كم مربع، أي ما يعادل ربع مساحة أوروبا، أو مساحة: إنجلترا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، البرتغال مجتمعة!

لذا، كان من الطبيعي جدا، أن تشكّل المملكة مخزناً ثقافياً وتراثياً كبيراً، بدليل أن لديها ستة مواقع على سجل التراث العالمي لليونسكو، وهي: مدائن صالح، حي الطريف في الدرعية، جدة التاريخية، الرسوم الصخرية في حائل، واحة الأحساء، آبار حمى، فيما العمل جارٍ لتسجيل مواقع جديدة، ولتطوير 130 مسجداً تاريخياً مدرجاً على قائمة الترقيم في مناطق المملكة الـ13، ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، علماً بأن المرحلة الأولى من المشروع انتهت بتطوير 30 مسجداً.

وبالتزامن مع هذا الطرح، تشارك المملكة الأسرة الدولية الاحتفاء باليوم العالمي للمواقع والآثار، الذي تحتفي به منظمة اليونسكو منذ عام 1982، في الـ18 من أبريل، واختارت له هذا العام شعاراً ذا دلالة (التراث في تحوّل)، للإشارة إلى مخاطر النهب والاتجار غير المشروع بالتراث الإنساني، لاسيما في مناطق النزاع، فيما دعت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، لإدماج التراث الثقافي في الدورة الاقتصادية، وحمايته إرثاً إنسانياً للأجيال المقبلة.

وتفاعلت هيئة التراث مع هذا اليوم على نحو مميز، حيث ترجمت توجيهات وزارة الثقافة لإظهار دور المملكة في حماية التراث وتطويره والمحافظة عليه، عبر تنظيم فعاليات احتفالية في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، خلال الفترة 18-23 أبريل، وفي سياق موسم رمضان في الرياض، إلى جانب أنشطة ثقافية متنوعة، ومعارض تفاعلية، وعروض حية، وأعمال يدوية وحرفية، وفعاليات الصقارة وحداء الإبل والبن الخولاني، وكل ما يجسد موروث المجتمعات السعودية، ويظهرها كمراكز إشعاع حضاري بامتياز.

يشار إلى أن الاهتمام بالتراث الثقافي والإنساني السعودي أخذ خلال الأعوام الأخيرة منحى تصاعدياً متسارعاً، وذلك اعتماداً على ما نصت عليه (رؤية 2030) على أن الثقافة من مقومات جودة الحياة، وفي ظل توجيهات القيادة الساعية لتطوير القطاعات التنموية المختلفة، ومنها القطاع الثقافي بطبيعة الحال، ضمن إستراتيجية المملكة لتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على الاقتصاد النفطي.