كتاب ومقالات

تحليقاً بالسينما السعودية

عبده خال

لحظات الزمن سريعة، وفي تنقلاتها توجد أحداث لم يكن الرائي لها يتوقع حدوثها.

وبالعودة لما قبل عام 2008، لم يكن أحد يتوقع لفكرة مهرجان أفلام السعودية أن تنمو بهذا النماء الباذخ.. في تلك السنة نهضت الفكرة من جمعية الثقافة والفنون بالدمام، مجموعة صغيرة كانت تحلم بإيجاد محرّك فعلي لصناعة السينما، هذه الأداة الفنية المحاربة من قبل فئات اجتماعية ترى فيها أنها فتح لأبواب الفسوق.

وإزاء ذلك التكالب على وأد الفكرة، صمد الشباب بقيادة الشاعر أحمد الملا، وعملوا على دفع فكرتهم إلى الأمام، متحملين شتى أنواع المضايقات، وفي لمحة زمنية فارقة جاءت مبادرة أولئك الشباب بإطلاق أول مهرجان سينمائي سعودي، وتلك اللمحة جاءت في عام 2015، بتصريح رسمي بالموافقة على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور عرض سينمائي رسمي حضره وزير الإعلام والثقافة آنذاك.

هذه المقدمة القصيرة قفزت على معاناة طويلة وشاقة تخطاها المنشغلون بهذا الفن، ومع كل خطوة تكتسب الفكرة دعماً جزلاً عميقاً، ممثلاً في جناحين رئيسيين وهما مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وهيئة الأفلام في وزارة الثقافة، جناحان حلّقا بالفكرة عالياً كحلم أفاق متأخراً، لكي يقطع المسافات لحاقاً بسرب الطيور السينمائية المحلّقة في فضاءات السينما العالمية.

ومن حضر دورة المهرجان التاسعة (المقامة الآن بإثراء)، سوف يكتشف الفوارق المهولة بين دوراته المتتابعة.

هذا المهرجان يرفع سقف التطلعات في صناعة أفلام سينمائية تلحق بركب جودة الأفلام العربية.

ولا تزال جمعية السينما تجدّد أفكارها مع كل دورة، بحيث تدفع الطموح والرغبة لدى المنشغلين بهذه الصناعة إلى المناطق الخلاقة، ولا يزال الشباب السينمائي يقدمون أنفسهم بأفلام تترقى من وإلى التجارب الخالقة للمناطق الدافئة، للاطمئنان بأن التجارب السينمائية لدينا تنمو تصاعدياً. يظهر ذلك من خلال العروض وحلقات النقاش اليومية بين صنّاع الأفلام والنقاد السينمائيين الحاضرين من دول عربية وعالمية، وكذلك الاحتفاء بالكتب المتعددة التي يصدرها المهرجان، وهي كتب تمركزت لترسيخ الثقافة السينمائية علماً ومعرفة وصناعة.