«دراكولا» مصّاص الدماء..هل ينقذ الإنسانية ؟
مشروع بحثي لمعرفة لماذا لا تتضرر الخفافيش من الفايروسات التي تستضيفها ؟
الثلاثاء / 03 / ذو القعدة / 1444 هـ الثلاثاء 23 مايو 2023 01:58
ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@
قد لا تكون لكثيرين أية مشاهدة للخفّاش، إلا في الشاشات التلفزيونية والكتب العلمية. وربما التصق بذهن عدد كبير من الناس الخوف من الخفاش، لأنه اختير رسماً لشخصية دراكولا مصّاص الدماء. وهو حيوانٌ ثَدْيي من رتبة الخفاشيات، قادرٌ على الطّيران، ولا يطير إلا في الليل، لضعف في عينيه الصغيرتين اللتين لا تبصران شيئاً في ضوء النهار. ولهذا انتشر تعبير «خفافيش الظلام»، الذي يعني أصحاب الدسائس والمؤامرات. وربما لهذا قال عبدالرحمن الكواكبي (1854 - 1902)، في كتابه الشهير «مطالع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، إنه لو كان المستبد طيراً لكان خفاشاً. ويعرف الخفاش أيضاً بالوطواط. وهو يتغذى بالحشرات وبعض الحشائش. فهو مفيد من هذه الناحية لدوره في الحفاظ على التوازن البيئي الطبيعي. لكن تفشي فايروس كورونا الجديد، الذي يسبب مرض كوفيد-19، وما تردد عن أنه قفز من الخفافيش إلى الإنسان في الصين، في أواخر سنة 2019، دمّر سمعة هذا المخلوق تدميراً كاملاً. بيد أن الباحثين، طبقاً لتقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس، يرون أن للخفافيش أهمية حاسمة في مساعدة البشر على مواجهة الأوبئة العالمية القادمة. ونتيجة لذلك تم إطلاق برنامج جينومي بحثي عالمي لمعرفة الكيفية التي تجعل الوطواط سالماً من أذى الفايروسات الخطيرة القاتلة التي قد تقفز منه للحيوان، أو للإنسان أيضاً، ومنها فايروس كورونا الجديد. وقالت الباحثة بجامعة دبلن الآرلندية إيمّا تيلينغ - صاحبة فكرة المشروع ومؤسسته - إن الخفافيش يمكن أن تعلم الإنسان كيف تمكنه مقاومة الأمراض. وأضافت، أن الخفافيش تتميز في جوانب عدة. فهي الحيوانات اللبون الوحيدة التي تستطيع الطيران. كما أنها تعمر طويلاً، على رغم حجمها الصغير. وتستخدم الخفافيش الموجات الصوتية لتحديد مكان فريستها. وتتعدد أشكال الخفافيش وأحجامها، من حجم الحشرة - كما هي حال الخفاش الطنان، الذي لا يزيد وزنه على غرام واحد - إلى خفافيش الفاكهة الأسترالية، التي يزيد طول جناحها على مترين. وفيما تفضل بعض الخفافيش اصطياد الأسماك، تقتات أخرى بالحشرات. وهناك ثلاثة أنواع من الخفافيش تمتص الدم. وربما لهذا ظهرت شخصيات مثل مصاص الدماء.. وأخيراً «باتمان» (الرجل الوطواط). وطوّر بعض الخفافيش أطول لسان لدى الثدييات، بحيث يمكنها أن تستلّه ليغوص في أعماق الزهرة، حيث يوجد الرحيق. بيد أن ما ألهب حماسة العلماء لهذه الكائنات أنهم اكتشفوا أن هذه الحيوانات تستضيف عدداً كبيراً من الفايروسات المميتة، بما فيها عائلة الفايروس التاجي، ومنها فايروس كورونا الذي يسبب مرضيْ «سارس»، و«متلازمة الشرق الأوسط التنفسية»؛ إضافة إلى فايروسات ماربيرغ، ونبياه، وهيندرا. لكنه لا يتأثر بها مطلقاً. كأن ثمة معاهدة سلام بينه وبين تلك الفايروسات التي يستضيفها، على حد تعبير عالم الفايروسات الأسترالي جوشوا هاوارد، في مقال رصين نشرته أخيراً مجلة «نايتشر». ويعتقد العلماء، أن خفاش «حدوة الحصان» الآسيوي هو المستودع الحقيقي للفايروس الذي تطور ليصبح «سارس - كوف 2»، المسبب لمرض كوفيد-19. ويعتقدون أن الفايروس قفز من خفاش لآخر في أحد الأسواق الصينية. وهي عملية تسببت في قفزه إلى الإنسان. وكانت نتيجة تلك القفزة وباء كورونا العالمي. وتعتقد تيلينغ، أن ذلك يرجح عدم صحة النظرية التي تزعم بأن فايروس كورونا الجديد تم تخليقه في مختبر صيني. وذهبت إلى أن الأدلة الأكثر رجوحاً أنه قفز من حيوان لآخر خلال وجود حيوانات مختلفة في أحد الأسواق. ويثير ذلك سؤالاً مهماً: كيف تستضيف الوطاويط ذلك العدد الكبير من مختلف أنواع الفايروسات القاتلة من دون أن تتضرر منها؟ وهو السؤال الذي يقف خلف مشروع Bat 1K. وترى تيلينغ، أن السر قد يكمن في قدرة الخفافيش على الطيران. وأضافت، أن الطيران يتطلب مجهوداً كبيراً؛ إذ إن الطائر بحاجة إلى استهلاك قدر كبير جداً من الطاقة. وإطلاق هذه الطاقة المكثفة داخل جسم الحيوان ذي الثدي يجب أن يقود إلى تكسُّر بعض خلاياه. ويتوقع في هذه الفرضية أن يشمل التكسُّر حمضه النووي DNA، ليحوم داخل جسد الخفاش. وبالنسبة إلى الحيوانات الثديية التي لا تطير، فإن تلك المادة الوراثية يتم التعرف إليها من خلال خلايا المناعة. وعادة ما تعتبر مؤشراً إلى قيام مخلوق عضوي مسبب للمرض باختراق تلك الحيوانات. ويتم شن هجوم مضاد، ما يتسبب عادة في حدوث التهاب شديد. وفي كثير من الحالات، بما فيها الإصابة بكوفيد-19، يمكن أن يتسبب ذلك الالتهاب في ردود أفعال خطيرة قد تنتهي بالوفاة. وتقول تيلينغ، إن الخفافيش ليس لديها رد الفعل الشديد المشار إليه. فقد استطاعت خلال مراحل تطورها على مدى 80 مليون سنة، أن تهيئ جهازها المناعي بحيث لا يكون لديه رد فعل يذكر. ويصح القول، إنها لا تتعرض لالتهاب؛ وإذا تعرضت له فهو عادة ليس بالشدة المتوقعة. ونتيجة لذلك، باتت الخفافيش قادرة على استضافة كل تلك الفايروسات من دون أن تعاني شيئاً. بيد أن ما تقوم به الخفافيش على وجه التحديد لدرء مخاطر الفايروسات التي تستضيفها غير معلوم. وذلك هو السبب وراء مشروع Bat 1K. ويهدف المشروع لرسم الخريطة الوراثية لجميع أنواع الخفافيش، بمشاركة من مؤسسات من قبيل جامعة سانت أددروز البريطانية، ومعهد ماكس بلانك للهندسة الوراثية في دريسدن بألمانيا، ومعهد سانغر القريب من مدينة كامبريدج البريطانية. ويمكن من خلال هذا المسح الوراثي معرفة التعليمات التي يتضمنها الحمض النووي، وتكون عادة من مليارات الوحدات، التي يحملها أكثر من 1,400 نوع من الخفافيش. ويأمل الباحثون أن يكون بمستطاعهم في نهاية المطاف معرفة سر نجاح الخفاش في تفادي الإصابة بالفايروسات التي يستضيفها، على أمل أن يوفر ذلك قدراً من المعرفة يتيح تطوير أدوية يمكنها أن تحاكي ذلك السلوك لدى البشر. وقالت تيلينغ، إن الخفافيش ليست مسؤولة عن نقل الأمراض إلى الإنسان. وزادت: نحن بحاجة إلى التحضير لمواجهة الوباء العالمي القادم؛ وإذا كانت الخفافيش ستجعلنا قادرين على تعديل ردود أفعالنا المناعية بشكل سريع فسيؤكد ذلك أهمية هذه الكائنات لسكان العالم.
حض مدير منظمة الصحة العالمية الدكتور تادروس غبريسيوس، دول العالم على التعهد بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لمنظوماتها الصحية، لكي تكون جاهزة لمواجهة أي وباء عالمي قادم. وحذر غبريسيوس، في كلمته أمام الجمعية السنوية للمنظمة في جنيف أمس (الإثنين)، من أن الوباء القادم على الأبواب. وتساءل: إذا لم نقم بالتغييرات التي يجب القيام بها فمن سيفعل؟ وإذا لم نقم بها الآن فمتى سنقوم بها؟ وتستمر اجتماعات الجمعية السنوية لمنظمة الصحة العالمية لمدة 10 أيام. وتتزامن هذه السنة مع حلول الذكرى الـ 75 لتأسيس المنظمة. ويتوقع أن تناقش الجمعية عدداً من القضايا المتعلقة بالصحة العالمية، ومنها اجتماع كبير سيعقد خلال الأسبوع الحالي بشأن نازلة فايروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
حض مدير منظمة الصحة العالمية الدكتور تادروس غبريسيوس، دول العالم على التعهد بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لمنظوماتها الصحية، لكي تكون جاهزة لمواجهة أي وباء عالمي قادم. وحذر غبريسيوس، في كلمته أمام الجمعية السنوية للمنظمة في جنيف أمس (الإثنين)، من أن الوباء القادم على الأبواب. وتساءل: إذا لم نقم بالتغييرات التي يجب القيام بها فمن سيفعل؟ وإذا لم نقم بها الآن فمتى سنقوم بها؟ وتستمر اجتماعات الجمعية السنوية لمنظمة الصحة العالمية لمدة 10 أيام. وتتزامن هذه السنة مع حلول الذكرى الـ 75 لتأسيس المنظمة. ويتوقع أن تناقش الجمعية عدداً من القضايا المتعلقة بالصحة العالمية، ومنها اجتماع كبير سيعقد خلال الأسبوع الحالي بشأن نازلة فايروس كورونا الجديد (كوفيد-19).