مستقبل الذكاء الاصطناعي في سوق العمل الإعلامي
الأربعاء / 04 / ذو القعدة / 1444 هـ الأربعاء 24 مايو 2023 12:15
أ.د. عبد الحليم موسى
غزى الذكاء الاصطناعي «AI» كافة جوانب الحياة العملية والعلمية، والمجالات المعرفية والبحثية؛ بل أصبح من أكثر القضايا التي تقلق مستقبل الجيل الحالي الذي يشق طريقه نحو شغل العمل المناسب الذي يرتقي لطموحه ويلامس مواهبه وإمكاناته المهنية؛ ومن ذلك السوق الإعلامي الذي تؤرقه مثل هذا الاكتشاف العلمي والنهضة الكبرى التي غطت العالم بأسره، وذلك لما يتسم به من مزايا تفوق القدرات البشرية.
غير أنّ هذا الذكاء بالرغم من فاعليته في الأداء الوظيفي؛ إلا أنّه خالٍ من الجوانب الإنسانية، فلا يعرف الأعذار والظروف التي يقدرها البشر حينما يأتي أحد الموظفين معتذراً عن تقصيرٍ وظيفي نظراً لظروف أسرية أو اجتماعية أو غيرها.. فالذكاء خالٍ من المشاعر والأحاسيس.. فهل سيقود ذلك الذكاء الاصطناعي المجتمعات إلى إنتاجية عالية مع خلوه من النزعة الإنسانية؟ لهذا أتوقع ستتوقف الشركات عن توظيفه جزئياً وليس كلياً حتى تسود اللمسة الإنسانية والرضاء الوظيفي في المؤسسات والشركات.
وبالرغم من زيادة الإنتاجية التي ستكون السّمة البارزة باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ وبالتالي زيادة النمو الاقتصادي وسرعة الإنجاز مع جودة العمل؛ سيواجه العالم موجة من التساؤلات المنطقية: أين مكان الخريجين في سوق العمل؟ لذا يجب على الجيل الحالي أن يسعى إلى تفعيل الوظائف ذات الارتباط العملي؛ كالتدريب المهني، وسيكون هذا الاتجاه في التوظيف بديلاً عن الشهادات، أي ستكون المهارات متفوقة على الشهادات في التوظيف؛ فالشركات لن تحتاج إلى توظيف كل الخريجين في وظائف عليا «مدير أو رئيس قسم».
وفي المقابل.. سوف تبرز ظاهرة التكامل بين الإنسان والآلة في سوق العمل، وستتغير السياسات العملية، التي ستدعم ظاهرة الدراسات والبحوث التي تكون مخرجاتها مخترعات أو مساهمات في تجويد الإنتاج الصناعي.. وقد بدأت العديد من المؤسسات الإعلامية الضخمة مثل وكالة رويترز ووكالة (AP) الأمريكية وموقع قناة CNN الأمريكية في استخدام الذكاء الاصطناعي بدءاً من التحرير الصحفي، ووصولاً إلى المذيع الروبوت، كما رأينا خلال الأشهر الفائتة من خلال بعض القنوات العربية والأجنبية، وقناة الجزيرة كمثال، حينما قالت الروبوت «ابتكار» لمذيعة الجزيرة روعة أوجيه «غريب أمركم أنتم البشر» وذلك خلال مؤتمر الذكاء الاصطناعي في الإعلام بقناة الجزيرة، كما شارك الروبوت «بيبر» في إذاعة جدول المؤتمر. وبهذا فإن تجربة المذيع الروبوت حققت نجاحات كبيرة في نشرات الأخبار والمقابلات الصحفية بإتقان واحترافية عالية، مما أقلق ذلك بعض طلاب الإعلام، وقفزت لديهم تساؤلات عن مستقبل وظائفهم.
كما يمكن لبرامج تقنية «Deep Fake» تقليد الاصوات بدقة عالية، حتى يشك من يستمع إلى الصوت المقلد أنّه هُو هُو، بيد أنّ هذه البرامج ستظهر عيوبها وسلبياتها في الممارسة الإعلامية، لكن وعي الجيل الرقمي سيفك شفرة كل تقنية تبرز في عالم الإعلام والسماوات المفتوحة.. عليه فان مستقبل التوظيف في سوق العمل الإعلامي يحتاج من الجميع أن تكون مخرجاتهم التعليمية والتدريبية تتسق مع سوق العمل المتخم بالذكاء الاصطناعي.
ويبقى لنا من الأشياء التي تزرع الطمأنينة في الجيل الحالي من الطلاب؛ أن الذكاء الصناعي يحتاج دوماً إلى لمسات العقل البشري من معلومات ومحتوى يقوم بصناعته حول أيّ موضوع.