أيهما أقل كلفة السياحة الداخلية أم الخارجية ؟!
الاثنين / 16 / ذو القعدة / 1444 هـ الاثنين 05 يونيو 2023 00:26
نجيب عصام يماني
لم يكن النجاح الكبير الذي حققه القطاع السياحي السعودي في مؤشري منظمة السياحة العالمية لعدد السياح الدوليين، وإيرادات السياحة الدولية لعام 2022، بيضة ديك، أو رمية من غير رامٍ؛ بل جاء نتاج عمل مدروس، وتخطيط أحكمت نسجه رؤية المملكة 2030، التي أبدعتها عبقرية ولي العهد الأمين، حفظه الله.
فنظرة سريعة لتقرير منظمة السياحة العالمية، نلمس القفزة الكبيرة التي حققتها المملكة في ترتيب الدول الأكثر استقبالًا للسياح الدوليين، متقدمة من المركز الـ(25) في العام 2019، لتتبوّأ المركز الـ(13)، مقرونًا ذلك مع ارتفاع عدد السياح الدوليين القادمين إلى المملكة إلى 16.6 مليون سائح في عام 2022م، فضلاً عن تقدم المملكة في باروميتر السياحة العالمية إلى المركز الـ(11) في 2022م مفارقة المركز الـ(27) في 2019م، على أن لا نغفل كذلك عن الإنجاز العظيم الذي حققته المملكة أيضًا ضمن مؤشر تطوير السفر والسياحة TTDI الصادر عن منتدى الاقتصاد العالميWEF، حيث قفزت عالميًّا إلى المركز الـ(33) متقدمة (10) مراكز دفعة واحدة مقارنة بالعام 2019م.
إنّ كل هذه النجاحات، وغيرها، مما يستشعر ضمنًا تحت طوايا هذه العناوين الكبيرة من الإنجازات، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن رؤية المملكة 2030 ماضية بكل اقتدار في تنزيل إستراتيجياتها على أرض الواقع، بما يعزز مكانة المملكة على خارطة السياحة العالمية، من واقع ما تمتلكه من مقومات سياحية فردية، ومزايا طبيعية وحضارية تؤهلها لتصدر المشهد السياحي عالميًا.. وهذا ليس بالحديث المرجم، ولكنه حديث الواقع الذي يشير بكل وضوح إلى مضي القطاع السياحي السعودي في حركة تنمية وتطوير شملت المواقع واللوائح والأنظمة والقوانين وكل ما يتصل بهذا الشأن من تدريب وتأهيل للكوادر، وفتح مجالات الاستثمار للقطاع الخاص.. وجاء تتويج ذلك كله بموافقة مجلس الوزراء مؤخرًا على نظام السياحة الجديد، بما يمثل مؤشرًا فاعلاً على سعي حكومتنا الرشيدة نحو تحسين وتطوير البيئة التنظيمية والتشريعية لقطاع السياحة، بما يجعل منه قطاعًا جاذبًا للاستثمارات محفّزًا للإبداع في هذا القطاع المثمر، متسقًا ذلك مع الرؤية البعيدة التي تضمنتها إستراتيجية تنمية السياحة الوطنية التي أطلقت في العام 2019م.
إن إقرار نظام السياحة الجديد في المملكة يتطلب في المقابل وعيًا مجتمعيًا جديدًا، لماهية ومفهوم السياحة، يخرج بها من الأطر التقليدية القديمة، وإدراك أنها تنطوي على أبعاد ثقافية وحضارية واقتصادية واجتماعية في سلسلة من العلاقات المتشابكة والمتقاطعة، بما يتطلب من الجميع أن تكون لهم أدوار أصيلة يؤدونها ضمن هذا السياق الوطني، بحيث نجعل من السياحة السعودية منطلقًا مهمًا لتأصيل الحضارة السعودية، والمحافطة على تاريخها والتعريف به، وتصحيح الصور النمطية التي لا ترى في الجزيرة العربية إلا التخلّف. فعبر هذه السياحة تنتقل جينات الحضارة السعودية وموروثاتها الثقافية والفنية وعادتها وتقاليدها إلى الأمم الأخرى، متى ما أحسنا العرض والتقديم، وهيّأنا البيئة المناسبة لذلك، وهو أمر يتطلّب أيضًا أن يغادر «حرّاس النصوص» مواقعهم بخطابهم الغليظ المنفّر، والكف عن تفتيش النوايا، والاستعاضة عن ذلك بخطاب داعم للتأمل، مبشّر بالحياة واستقبال جمالها بكل رحابة الصدر وانفراج الأسارير، وليدرك الجميع ويؤمنوا أن المملكة تمتلك ما لا يمتلكه غيرها من مقومات، ويكفي أنها حضينة الحرمين الشريفين، ومسرح كافة المشاهد في التاريخ الإسلامي منذ البعثة النبوية الشريفة، وهذا لعمري شرف وتاريخ وحضارة يعزّ مثيلها في كل بقاع الدنيا، فلا أقلّ من تكون مرتكزًا لنهضة سياحية تتسامق عاليًا، وتحلّق مع حضارة أبعد في عمر الزمان بحقب ودهور سحيقة، ما تزال شواهدها المادية وغير المادية ماثلة في حاضرنا المشرق.
لا لجاجة عندي أن قطاع السياحي السعودي سيحدث أثرًا كبيرًا في المفاهيم والرؤى، داخليًا وخارجيًا، وسيكون لهذا القطاع دوره المنظور في إثراء حياتنا، وتعميق مفاهيم جودة الحياة التي تمثل أحد مرتكزات رؤية 2030، كما سيكون له إسهامه المقدر في المنظومة الاقتصادية ضمن إستراتيجية تنويع مصادر الدخل، كما سيسهم هذا القطاع بلا شك في توطين السياحة الداخلية، وجعلها عنصرًا محفّزًا، وهنا لا بد لي من إشارة هامسة في سمع منسوبي هذا القطاع بأن يراعوا الجانب المالي، ولا يتركوا المواطن في حالة تغليب للخيارات على قاعدة أيهما أقل كلفة مالية؛ السياحة الداخلية أم الخارجية؟، فمتى ما أردنا المنافسة العالمية في هذا المجال، فلا بد أن نلي هذا الموضوع أهمية متعاظمة، فمن غير المقبول أن يساوي إنفاق ليلة في أحد الشاليهات بجدة، ما ينفقه السائح نصف شهر في غيرها بالخارج، هذه معادلة تحتاج إلى ضبط محفّز، وتقدير يجعل الترجيح إلى سياحة الداخل هو الخيار الأمثل والأوفق، والممتع، والأقل كلفة.
فنظرة سريعة لتقرير منظمة السياحة العالمية، نلمس القفزة الكبيرة التي حققتها المملكة في ترتيب الدول الأكثر استقبالًا للسياح الدوليين، متقدمة من المركز الـ(25) في العام 2019، لتتبوّأ المركز الـ(13)، مقرونًا ذلك مع ارتفاع عدد السياح الدوليين القادمين إلى المملكة إلى 16.6 مليون سائح في عام 2022م، فضلاً عن تقدم المملكة في باروميتر السياحة العالمية إلى المركز الـ(11) في 2022م مفارقة المركز الـ(27) في 2019م، على أن لا نغفل كذلك عن الإنجاز العظيم الذي حققته المملكة أيضًا ضمن مؤشر تطوير السفر والسياحة TTDI الصادر عن منتدى الاقتصاد العالميWEF، حيث قفزت عالميًّا إلى المركز الـ(33) متقدمة (10) مراكز دفعة واحدة مقارنة بالعام 2019م.
إنّ كل هذه النجاحات، وغيرها، مما يستشعر ضمنًا تحت طوايا هذه العناوين الكبيرة من الإنجازات، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن رؤية المملكة 2030 ماضية بكل اقتدار في تنزيل إستراتيجياتها على أرض الواقع، بما يعزز مكانة المملكة على خارطة السياحة العالمية، من واقع ما تمتلكه من مقومات سياحية فردية، ومزايا طبيعية وحضارية تؤهلها لتصدر المشهد السياحي عالميًا.. وهذا ليس بالحديث المرجم، ولكنه حديث الواقع الذي يشير بكل وضوح إلى مضي القطاع السياحي السعودي في حركة تنمية وتطوير شملت المواقع واللوائح والأنظمة والقوانين وكل ما يتصل بهذا الشأن من تدريب وتأهيل للكوادر، وفتح مجالات الاستثمار للقطاع الخاص.. وجاء تتويج ذلك كله بموافقة مجلس الوزراء مؤخرًا على نظام السياحة الجديد، بما يمثل مؤشرًا فاعلاً على سعي حكومتنا الرشيدة نحو تحسين وتطوير البيئة التنظيمية والتشريعية لقطاع السياحة، بما يجعل منه قطاعًا جاذبًا للاستثمارات محفّزًا للإبداع في هذا القطاع المثمر، متسقًا ذلك مع الرؤية البعيدة التي تضمنتها إستراتيجية تنمية السياحة الوطنية التي أطلقت في العام 2019م.
إن إقرار نظام السياحة الجديد في المملكة يتطلب في المقابل وعيًا مجتمعيًا جديدًا، لماهية ومفهوم السياحة، يخرج بها من الأطر التقليدية القديمة، وإدراك أنها تنطوي على أبعاد ثقافية وحضارية واقتصادية واجتماعية في سلسلة من العلاقات المتشابكة والمتقاطعة، بما يتطلب من الجميع أن تكون لهم أدوار أصيلة يؤدونها ضمن هذا السياق الوطني، بحيث نجعل من السياحة السعودية منطلقًا مهمًا لتأصيل الحضارة السعودية، والمحافطة على تاريخها والتعريف به، وتصحيح الصور النمطية التي لا ترى في الجزيرة العربية إلا التخلّف. فعبر هذه السياحة تنتقل جينات الحضارة السعودية وموروثاتها الثقافية والفنية وعادتها وتقاليدها إلى الأمم الأخرى، متى ما أحسنا العرض والتقديم، وهيّأنا البيئة المناسبة لذلك، وهو أمر يتطلّب أيضًا أن يغادر «حرّاس النصوص» مواقعهم بخطابهم الغليظ المنفّر، والكف عن تفتيش النوايا، والاستعاضة عن ذلك بخطاب داعم للتأمل، مبشّر بالحياة واستقبال جمالها بكل رحابة الصدر وانفراج الأسارير، وليدرك الجميع ويؤمنوا أن المملكة تمتلك ما لا يمتلكه غيرها من مقومات، ويكفي أنها حضينة الحرمين الشريفين، ومسرح كافة المشاهد في التاريخ الإسلامي منذ البعثة النبوية الشريفة، وهذا لعمري شرف وتاريخ وحضارة يعزّ مثيلها في كل بقاع الدنيا، فلا أقلّ من تكون مرتكزًا لنهضة سياحية تتسامق عاليًا، وتحلّق مع حضارة أبعد في عمر الزمان بحقب ودهور سحيقة، ما تزال شواهدها المادية وغير المادية ماثلة في حاضرنا المشرق.
لا لجاجة عندي أن قطاع السياحي السعودي سيحدث أثرًا كبيرًا في المفاهيم والرؤى، داخليًا وخارجيًا، وسيكون لهذا القطاع دوره المنظور في إثراء حياتنا، وتعميق مفاهيم جودة الحياة التي تمثل أحد مرتكزات رؤية 2030، كما سيكون له إسهامه المقدر في المنظومة الاقتصادية ضمن إستراتيجية تنويع مصادر الدخل، كما سيسهم هذا القطاع بلا شك في توطين السياحة الداخلية، وجعلها عنصرًا محفّزًا، وهنا لا بد لي من إشارة هامسة في سمع منسوبي هذا القطاع بأن يراعوا الجانب المالي، ولا يتركوا المواطن في حالة تغليب للخيارات على قاعدة أيهما أقل كلفة مالية؛ السياحة الداخلية أم الخارجية؟، فمتى ما أردنا المنافسة العالمية في هذا المجال، فلا بد أن نلي هذا الموضوع أهمية متعاظمة، فمن غير المقبول أن يساوي إنفاق ليلة في أحد الشاليهات بجدة، ما ينفقه السائح نصف شهر في غيرها بالخارج، هذه معادلة تحتاج إلى ضبط محفّز، وتقدير يجعل الترجيح إلى سياحة الداخل هو الخيار الأمثل والأوفق، والممتع، والأقل كلفة.