كتاب ومقالات

نظام الفصول الثلاثة.. والغياب الجماعي

عقل العقل

أقرت الجهات المختصة بالمملكة نظام الفصول الدراسية الثلاثة للعام الدراسي القادم، وكان هناك جدل ونقاش مجتمعي حول إلغائه والعودة لنظام الفصلين السابقين، ولكن يبدو أن وزارة التعليم لديها من الأسباب الموضوعية التي تجعلها تستمر في نظام الفصول الدراسية الثلاثة وحبذا أن الوزارة نشرت إحصائيات ونتائج موثقة تبرهن على مساهمة هذا النظام الجديد في الرفع من مستوى التعليم في المملكة ويتماشى مع المتغيرات التي تمر فيها بلادنا على أصعدة كثيرة يعتبر التعليم والاستثمار فيه هو الأساس في نجاح برامج الرؤية المتعددة، قد يطرح البعض أن نتائج التجربة تحتاج سنوات لمعرفتها وقياسها بشكل دقيق وهذا صحيح إلى حد ما، ولكن نريد أسباباً منطقية للتغير من النظام السابق إلى هذا النظام حتى أن البعض يردد في المنصات الإعلامية وفي المجالس والنقاشات أن سبب التغير ليس له علاقة بالعملية التعليمية وله علاقة بأسباب وبرامج حكومية أخرى. الأكيد أن وزارة التعليم كما تم تداوله قبل أشهر بعثت خطابات للجهات التعليمية لأخذ مرئياتها حول النظام التعليمي الجديد وانتشر الخطاب في مواقع التواصل واعتقد الجميع أن نظام الفصول الثلاثة في الطريق للإغلاق وهذا ما ثبت عكسه وأقر الاستمرار فيه قبل شهر والبعض يعتقد أنها صدمة وخاصة من بعض المعلمين الذين بحكم مخالطة البعض منهم والنقاشات المطروحة في الغالب هم غير موافقين على نظام الفصول الدراسية الثلاثة، وقد يكون السبب بعيداً عن مخرجات التعليم وله علاقة بإجازاتهم المدرسية التي يعتقد البعض منهم أنها تقلصت بشدة، ومسألة الإجازات المطولة في النظام الدراسي الجديد التي لا تساعد كثيراً في العملية التعليمية بل إنها تشجع على الغياب بين الطلاب، وتظل هذه المعلومات اجتهادات شخصية دون وجود معلومات رسمية دقيقة منشورة ومتوفرة من وزارة التعليم ومع عدم وجود مؤشرات وحوكمة عن مخرجات التعليم وجودته مقارنة مع النظام السابق والأسباب الموضوعية لتغير النظام من أساسه، فلا يمكن إقناع المجتمع التعليمي بنجاعة النظام الجديد لأن دولاً في مجموعة العشرين أو خارج المجموعة تتبع هذا النظام، نريد أسباباً موضوعية دفعت الوزارة لتغير النظام السابق والوقت اللازم لنرى تغيراً حقيقياً في التعليم لدينا، وهل التعليم في النظام السابق كان ضعيفاً ويحتاج إلى مثل هذا التغير؟ لا شك أن التعليم -خاصة عندنا- قضية القضايا من حيث جدوله الزمني ومحتواه الدراسي وما له علاقة في ذلك من مدرس ومدرسة ومناهج، والأكيد أن تطوير المناهج لدينا التي تتماشى مع متطلبات السوق والمرحلة تتطور باستمرار من إدخال مواد علمية وإنسانية جديدة وهذا جارٍ كإدخال مواد فلسفية وفنون ومواد لها علاقة بالفضاء كلها تتماشى مع الحياة المعاصرة وتتطلب تغير النظام الدراسي لدينا رغم بعض المعارضة ضد كل ما هو جديد.

الدكتورة لطيفة الشعلان عضو مجلس الشورى طرحت بعض الأفكار الجديرة بالملاحظة حول هذا النظام التعليمي في تصريح جريء لها بهذه الجريدة وخاصة مسألة نسبة الغياب بين الطلاب في مدارسنا التي تعتبر سابقة وخطيرة، وكيف أن الطلاب والأهالي يعملون على تشجيع بعضهم البعض في قروبات الواتساب للحث على الغياب في بداية ونهاية الإجازات المطولة في السنة الدراسية ومن يصر من الطلاب على الذهاب لمدرسته سوف يكون لوحده أو مع عدد قليل من زملائه أو زميلاتها من الطلاب، يقابل ذلك تساهل من بعض المدرسين والمدارس في احتساب الغياب في تلك الأيام. بل إن الغياب وصل للمدرسين أنفسهم بسبب الإجازات المطولة المتكررة بسبب سفرهم.

وبما أن نظام الفصول الدراسية الثلاثة قد أقر للعام الدراسي القادم نتمنى أن تستمر عملية التقييم وأن تكون أكثر شمولية وأن يشرك فيها الطلاب وأولياء الأمور وجهات محايدة، كما طالبت الدكتورة الشعلان، وأن لا تقتصر عملية التقييم للعاملين في الحقل التربوي والتعليمي فقط، ويحسب للوزارة أن أعطت الجامعات الحكومية الحرية في النظام الأكاديمي الذي تعتقد أنه يخدم طلابها أكثر بالاستمرار بنظام الفصول الثلاثة أو العودة لنظام الفصلين وترم صيفي، أعتقد أن المساحة والمراجعة للمؤسسات التعليمية ذاتها لبرامجها الدراسية والأكاديمية هو النقطة الأساسية في هذا الموضوع.