التنمية السياسية .. «طب سياسي» ناجع !
الأحد / 22 / ذو القعدة / 1444 هـ الاحد 11 يونيو 2023 00:02
صدقة يحيى فاضل
لقد أصبح للعلوم الاجتماعية ككل دورٌ بارزٌ في خدمة البشرية، عبر الاستفادة من استنتاجاتها، ونظرياتها، وأبحاثها الرئيسة، والعملية. وأضحى عِلم السياسة في مقدمة هذه العلوم التي تقدم للإنسانية العلاجات الناجعة لكثير من أمراضها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المختلفة. فهذا العلم، ومعه بقية العلوم الاجتماعية، يقدّم «وصفات» للإدارة السليمة للدول، والكيفية الصحيحة لسياستها، وتنمية قوتها الدولية، وبقائها صحيحة سليمة متطورة، وآمنة ومستقرة، وسبل تسوية الخلافات فيما بينها. وكثير من علماء التنمية يعتبرون ما يُعرف بـ«التنمية السياسية»؛ «تطبيباً سياسياً» متاحاً، لعلاج «الأمراض» السياسية -إن صح التعبير-.
ولو انطلقنا من التعريف العلمي- العملي لـ«التنمية السياسية»، الذي يؤكد أنها وسيلة الإصلاح، و«التطبيب» الرئيسة في مجال السياسة، نجد أنه ينص على أنها:
عملية تتضمن إجراءات لتحقيق وتعميق ودعم المشاركة السياسية لشعب دولة ما معينة (في صنع القرارات السياسية لبلاده) وتدعيم انصهاره الوطني، ورفع مستوى وعيه السياسي، وإنشاء المؤسسات السياسية.. التي تستوعب القوى السياسية والاجتماعية المختلفة، في المجتمع، في إطار دستوري، وقانوني منظم. مع وضع وتبني وتدعيم وتحديث النظم والقوانين الأساسية، الضرورية، الهادفة لتحديث النظام السياسي، وتطويره، ودعم انصهار ووعي الشعب المعني، وذلك يعمل لأقصى حدٍّ ممكن.
****
ومن ذلك، نرى أن هذه العملية المستمرة، أو التي يجب أن تكون مستدامة، وفي كل دول العالم، تتكون من عناصر عدة، أو مجالات؛ أهمها العناصر الخمسة التي يوضحها تعريف هذا النوع من عمليات التنمية. و«إجراءات» هذه العملية تعتبر، في حد ذاتها، بمثابة «ورشة صيانة» دائمة، مهمتها صيانة وتطوير النظام السياسي لأي بلد، وأهم ما يتعلق به، كي يستمر محققاً أهدافه، ومواكباً لمستجدات التطور، ومرور الزمن.
كما يمكن اعتبار هذه العملية بمثابة «مشفى»، يقدم، بشكل مستدام، العلاج الوقائي (الصيانة)، والطب العلاجي.. في حالة تدهور وضع النظام السياسي، وتصدع أهم ما يتعلق به، أو مرضه، كما يقال. ومعروف، أن كل كيان في هذه الحياة، يحتاج إلى صيانة (طب وقائي) -إن صحَّ التعبير- كي يستمر في أداء مهمته، كما يجب. وفي حالة العطل، أو الخلل، لا مناص من استخدام الطب العلاجي، وحتى التدخل الجراحي السياسي، إن صحت هذه التسمية. هكذا هي التنمية السياسية الإيجابية، بعناصرها، وإجراءاتها المختلفة. ومقالنا هذا ينطلق من هذه الأسس، التي تشكل مجتمعة -في رأي الكثير- مدخلاً مبسطاً لفهم التنمية السياسية، وإدراك أهميتها لكل دول العالم، خاصة إنْ تم أخذ حقيقة وجود قيم إنسانية موحدة مشتركة، في الاعتبار.
ومعروف، أن هذه التنمية مرتبطة، أشد الارتباط، بما يعرف بـ«الاستقرار السياسي»؛ وهو ضروري للحياة العامة الطبيعية، ضرورة الماء والهواء. وغياب الاستقرار السياسي سيعني نشوء «عدم الاستقرار السياسي»؛ سواء كان مبطناً، أو سافراً. إن وقوع دولة ما، في وقت ما، في براثن الاضطراب، و«الحرب الأهلية» (مثلاً) يعني: أن درجة الاستقرار السياسي بذلك البلد قد انخفضت، غالباً بسبب نُدرة، أو تعثر عملية التنمية السياسية الإيجابية المستدامة، إلى الصفر، أو ما دونه. وبالتالي، ابتلاؤه بمرض عدم الاستقرار السياسي. وفي هذه الحالة، يمكن اعتبار ذلك البلد (سياسياً) في حالة ووضعية خطيرة.. قد تؤدي إلى إعاقته، أو موته، للأبد، أو لسنوات.
****
وكما يوضح لنا تعريف التنمية السياسية الإيجابية ضمناً، لا تقتصر هذه التنمية على التعامل مع حالات الدول شديدة الاضطراب، التي قد تكون على حافة الحراب الأهلي، والخلافات الداخلية الحادة، بل إن التنمية السياسية الإيجابية تعتبر بمثابة «صيانة» ضرورية مستمرة لأي نظام سياسي لأي بلد، ولأهم ما يتعلق به من أمور؛ صيانة تهدف لبقاء، وتطوير النظام، وتحسين أدائه، والحيلولة دون تدهوره، وفشله. وفي حالة حصول التدهور، والخلاف الوطني الحاد، ونشوء عدم الاستقرار السياسي، تقدم التنمية السياسية علاجاً، يتمثل في إجراءات عدة، لعل من أهمها ما يعرف بـ«التدخل الخارجي الحميد»، وإجراءات الإصلاح المعروفة.
****
لا توجد، بالطبع، «مستشفيات»، بها أطباء، يعالجون الـ«دول»، وأنظمتها السياسية، ويقدمون لها الرعاية (الصحية والعلاجية) اللازمة. ولكن «الطب السياسي» (أو الإجراءات الإصلاحية السياسية الحكيمة والمناسبة) وبها، وبواسطتها، تعالج الدول المضطربة سياسياً، أو الدول المريضة سياسياً، إنْ أمكن إخضاعها للعلاج. وتداوى تلك المبتلاة بانهيار وشيك، أو اضطراب سياسي حاد، أو «حرب أهلية» في الأفق، أو ما شابه ذلك! ومن صور إجراءات «الطب السياسي»، المشار إليه: قيام منظمات، أو دول أخرى، أو شخصيات ذات خبرة وتأثير، من داخل وخارج تلك البلاد، باستخدام كل ما يمكنها استخدامه من جهود واتصالات، لوقف ذلك العناء، وإعادة الحياة الطبيعية للبلاد المعنية، إلى ما كانت عليه، أو أحسن.. عبر: الوساطة بين الفرقاء المعنيين. وإن كان «علم السياسة» يقدم «تطبيباً» لـ«الجراح والأمراض السياسية» المختلفة، فإن من أبرز صور هذا التطبيب هو ذلك المسعى، أو «التدخل»، إن حسنت نواياه، الذي كثيراً ما ينتج عنه شفاء أمراض سياسية مختلفة.. ونكمل هذا الحديث في مقال قادم.
ولو انطلقنا من التعريف العلمي- العملي لـ«التنمية السياسية»، الذي يؤكد أنها وسيلة الإصلاح، و«التطبيب» الرئيسة في مجال السياسة، نجد أنه ينص على أنها:
عملية تتضمن إجراءات لتحقيق وتعميق ودعم المشاركة السياسية لشعب دولة ما معينة (في صنع القرارات السياسية لبلاده) وتدعيم انصهاره الوطني، ورفع مستوى وعيه السياسي، وإنشاء المؤسسات السياسية.. التي تستوعب القوى السياسية والاجتماعية المختلفة، في المجتمع، في إطار دستوري، وقانوني منظم. مع وضع وتبني وتدعيم وتحديث النظم والقوانين الأساسية، الضرورية، الهادفة لتحديث النظام السياسي، وتطويره، ودعم انصهار ووعي الشعب المعني، وذلك يعمل لأقصى حدٍّ ممكن.
****
ومن ذلك، نرى أن هذه العملية المستمرة، أو التي يجب أن تكون مستدامة، وفي كل دول العالم، تتكون من عناصر عدة، أو مجالات؛ أهمها العناصر الخمسة التي يوضحها تعريف هذا النوع من عمليات التنمية. و«إجراءات» هذه العملية تعتبر، في حد ذاتها، بمثابة «ورشة صيانة» دائمة، مهمتها صيانة وتطوير النظام السياسي لأي بلد، وأهم ما يتعلق به، كي يستمر محققاً أهدافه، ومواكباً لمستجدات التطور، ومرور الزمن.
كما يمكن اعتبار هذه العملية بمثابة «مشفى»، يقدم، بشكل مستدام، العلاج الوقائي (الصيانة)، والطب العلاجي.. في حالة تدهور وضع النظام السياسي، وتصدع أهم ما يتعلق به، أو مرضه، كما يقال. ومعروف، أن كل كيان في هذه الحياة، يحتاج إلى صيانة (طب وقائي) -إن صحَّ التعبير- كي يستمر في أداء مهمته، كما يجب. وفي حالة العطل، أو الخلل، لا مناص من استخدام الطب العلاجي، وحتى التدخل الجراحي السياسي، إن صحت هذه التسمية. هكذا هي التنمية السياسية الإيجابية، بعناصرها، وإجراءاتها المختلفة. ومقالنا هذا ينطلق من هذه الأسس، التي تشكل مجتمعة -في رأي الكثير- مدخلاً مبسطاً لفهم التنمية السياسية، وإدراك أهميتها لكل دول العالم، خاصة إنْ تم أخذ حقيقة وجود قيم إنسانية موحدة مشتركة، في الاعتبار.
ومعروف، أن هذه التنمية مرتبطة، أشد الارتباط، بما يعرف بـ«الاستقرار السياسي»؛ وهو ضروري للحياة العامة الطبيعية، ضرورة الماء والهواء. وغياب الاستقرار السياسي سيعني نشوء «عدم الاستقرار السياسي»؛ سواء كان مبطناً، أو سافراً. إن وقوع دولة ما، في وقت ما، في براثن الاضطراب، و«الحرب الأهلية» (مثلاً) يعني: أن درجة الاستقرار السياسي بذلك البلد قد انخفضت، غالباً بسبب نُدرة، أو تعثر عملية التنمية السياسية الإيجابية المستدامة، إلى الصفر، أو ما دونه. وبالتالي، ابتلاؤه بمرض عدم الاستقرار السياسي. وفي هذه الحالة، يمكن اعتبار ذلك البلد (سياسياً) في حالة ووضعية خطيرة.. قد تؤدي إلى إعاقته، أو موته، للأبد، أو لسنوات.
****
وكما يوضح لنا تعريف التنمية السياسية الإيجابية ضمناً، لا تقتصر هذه التنمية على التعامل مع حالات الدول شديدة الاضطراب، التي قد تكون على حافة الحراب الأهلي، والخلافات الداخلية الحادة، بل إن التنمية السياسية الإيجابية تعتبر بمثابة «صيانة» ضرورية مستمرة لأي نظام سياسي لأي بلد، ولأهم ما يتعلق به من أمور؛ صيانة تهدف لبقاء، وتطوير النظام، وتحسين أدائه، والحيلولة دون تدهوره، وفشله. وفي حالة حصول التدهور، والخلاف الوطني الحاد، ونشوء عدم الاستقرار السياسي، تقدم التنمية السياسية علاجاً، يتمثل في إجراءات عدة، لعل من أهمها ما يعرف بـ«التدخل الخارجي الحميد»، وإجراءات الإصلاح المعروفة.
****
لا توجد، بالطبع، «مستشفيات»، بها أطباء، يعالجون الـ«دول»، وأنظمتها السياسية، ويقدمون لها الرعاية (الصحية والعلاجية) اللازمة. ولكن «الطب السياسي» (أو الإجراءات الإصلاحية السياسية الحكيمة والمناسبة) وبها، وبواسطتها، تعالج الدول المضطربة سياسياً، أو الدول المريضة سياسياً، إنْ أمكن إخضاعها للعلاج. وتداوى تلك المبتلاة بانهيار وشيك، أو اضطراب سياسي حاد، أو «حرب أهلية» في الأفق، أو ما شابه ذلك! ومن صور إجراءات «الطب السياسي»، المشار إليه: قيام منظمات، أو دول أخرى، أو شخصيات ذات خبرة وتأثير، من داخل وخارج تلك البلاد، باستخدام كل ما يمكنها استخدامه من جهود واتصالات، لوقف ذلك العناء، وإعادة الحياة الطبيعية للبلاد المعنية، إلى ما كانت عليه، أو أحسن.. عبر: الوساطة بين الفرقاء المعنيين. وإن كان «علم السياسة» يقدم «تطبيباً» لـ«الجراح والأمراض السياسية» المختلفة، فإن من أبرز صور هذا التطبيب هو ذلك المسعى، أو «التدخل»، إن حسنت نواياه، الذي كثيراً ما ينتج عنه شفاء أمراض سياسية مختلفة.. ونكمل هذا الحديث في مقال قادم.